الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيروقراطية الدولة

صاحب الربيعي

2008 / 6 / 19
المجتمع المدني


تتالف الدولة من مجموعة من المؤسسات لكل منها نظامها الإداري الخاص في تقسيم العمل والصلاحيات الممنوحة تبعاً للتسلسل الوظيفي لكنها تعمل جميعها تحت مظلة القانون العام لتسير شؤون الدولة والمجتمع، مما يتطلب الفصل بين آلية الإدارة السياسية لمؤسسة الدولة وآلية الإدارة للمؤسسة ذاتها باعتبار مهمة الأولى إصدار القرار الإداري والثانية تنفيذه بما لايتعارض وأنظمتها الداخلية.
كما يتوجب الفصل بين مهام وطبيعة تكليف أحد السياسيين بإدارة مؤسسة ما والكادر الفني والإداري للمؤسسة ذاتها، فالسياسي يشرف على إدارة المؤسسة وفقاً لأنظمتها الخاصة ومن المفترض أن لايفرض إرادته السياسية أو أهواءه الشخصية عليها. فالإشراف الإداري يتغير، بتغير السلطة السياسية لكن المؤسسة وكادرها التخصصي وأنظمتها تعتبر كياناً مستقلاً مرتبط بهيكل الدولة.
إن بيروقراطية الدولة تعني آلية الضبط والتحكم بمؤسسات الدولة وفقاً لأنظمتها الداخلية المستقلة التي تنظم كافة شؤون العمل والإنتاج والخدمات والتسويق والعاملين...وغيرها. والبيروقراطية ليست مفهوماً سلبياً كما هو مشاع خطاً عن مؤسسات الدولة، إنه مفهوم يضبط آلية عمل المؤسسة وفقاً لنظام إداري محدد لايجوز تخطيه لأنه شأن عام وليس شأناً خاصاً للعاملين في المؤسسة.
يعتقد ((ماكس فيبر))"أن البيروقراطية والسلطة أهم أجهزة الضبط والسيطرة في النظام الرأسمالي، حين تلعب البيروقراطية دوراً هاماً في ضبط وتنظيم عمليات الإنتاج وتفاعلاته كمجال اجتماعي، بينما تلعب السلطة دورها في تنظيم وضبط التفاعل الاجتماعي الذي يشارك فيه الفاعل ككائن اجتماعي-سياسي".
في الدول المتقدمة يخضع السياسي المشرف على إدارة المؤسسة لأنظمتها الداخلية ولايسمح لنفسه أو تسمح القوانين بتجاوز صلاحياته، وعلى الضد من ذلك فإن السياسي المشرف على المؤسسة في الدول المتخلفة يفرض نفسه على المؤسسة ويعتبرها ملكه الشخصي ويصدر ما يشاء من القرارات الإدارية المتعارضة مع أنظمتها الداخلية لأنه لايحتكم لقانون الدولة وإنما للسلطة السياسية الممثلة لكيانه الحزبي.
مما يفقد استقلالية مؤسسات الدولة وتصبح خاضعة لنهج السلطة السياسية وليس لأنظمتها الداخلية، فتختفي الحدود الفاصلة بين ماهية الإشراف الإداري للسياسيين على مؤسسات الدولة وماهية الأنظمة الإدارية للمؤسسة ذاتها لتصبح خاضعة كلياً للتوجهات الحزبية.
إن ذهنية الأستحواذ على مؤسسات الدولة تهيمن على السياسين في الدول المتخلفة نتيجة تدني مستوى وعي وثقافة السياسيين بشؤون الدولة والمجتمع، لذلك يصعب عليهم التمييز بين مفهومي السلطة والدولة.
ويعتقد السياسي أن وجوده في السلطة يمنحه الحق في أمتلاك مؤسسات الدولة والتصرف بشؤونها وماليتها دون مساءلة ومحاسبة، فالدستور والقوانين في الدول المتخلفة بنظره آليات للاستيلاء على السلطة والدولة معا وليست آليات عمل لتحديد الصلاحيات.
إن عدم وجود مؤسسات سياسية في الدول المتخلفة تتوافق مع الهيكل المؤسسي للدولة يكرس نهج الاستحواذ والهيمنة للسياسيين على مؤسسات الدولة، لتصبح ممتلكات حزبية خاصة وليست مؤسسات عامة.
يرى ((ماكس فيبر)) أن البيروقراطية:"لاتسعى لتحقيق أهداف شخصية فهي تستند لأسلوب تقسيم العمل التخصصي في الوظائف المتباينة، وترتبط بتقسيم آخر للسلطة يعتمد التسلسل الوظيفي المحدد لدور وصلاحية كل موظف في المؤسسة ولايرتبط بعلاقاته وسلوكياته وتأثيراته الشخصية مع أقرانه من الموظفين وإنما بالأنظمة الداخلية للمؤسسة. فهي آلية للفصل بين العمل والمنزل وبين المال العام والمال الخاص، وبين السلطة الوظيفية وعدم أستغلالها خارج نطاق العمل".
إن بيروقراطية الدولة بشكلها التنظيمي والإداري يعكس الوجه المؤسسي للدولة على شرط أن تكون آلية لتنظيم وتقسيم العمل بشكل منتظم وليس آلية لإعاقة مجريات العمل وتعقيد سُبل الحل بحجة التمسك بالضوابط والإجراءات الروتينية التي تزيد من تعقيد المشكلة.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ