الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لون السماء كما يراه العراقيون

سرى الصراف

2008 / 6 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لو سألنا اي طفل صغير او اي شيخ مسن او حتى المجنون ماهو لون السماء ؟ لأجاب بسرعه وبدون تفكير ( لون السماء هو الأزرق ) , وهو جواب بديهي او قد يكون بديهي ولكن في بلد غير بلدي العراق فالعراقيون لم يعودوا يروا لون السماء الأزرق وتحول اللون الى الرمادي احيانا ( بسسب اعمده الدخان ) والى الترابي احيانا اخرى ( بسسب الكثبان الرمليه المتطايره من الأراضي التي كانت زراعيه واصبح صحاري نظرا لشحه المياه وعدم اهتمام الدوله بالزراعه او من حركه الدبابات والأليات العسكريه...الخ من اسباب ) .
والسؤال هنا هل تغير لون السماء فعلا في العراق ام ان عيون العراقيين لم تعد ترى سوى الألوان المعتمه او الألوان الكئيبه كالرمادي والبني لأنها تعكس داخلهم المثقل بالألام والهموم تعكس روحهم المليئه بالجراح وعقلهم المتعب بالتفكير بالمستقبل وما ستكون عليهم حياتهم ولو بعد ساعه ؟
او ربما يكون لون السماء ليس ازرقا وهي كذبه كغيرها من الأكاذيب التي لقنت لنا في المدارس والتي ادت بنا الى ما نحن عليه الأن ؟!!!
ترى ماذا حدث لنا وماذا حدث لمشاعرنا واحاسيسنا بعد كل الذي تعرضنا له في هذا البلد الذي يؤلمني ان اقول عليه مشؤوم ولكن مع الأسف هذا هو اقل وصف لما عاناه و يعانيه العراقيين فيه .
والأدهى اني حين قلت كلامي هذا لأحد الأصدقاء اجابني بأسئله ساخره ومؤلمه في ان واحد _ وهل لون الحدائق والأشجار هو الأخضر ؟
_ هل للأزهار رائحتها العبقه والوانها الأخاذه ؟
_ وهل للنساء سحرهن وجمالهن وللرجال جاذبيتهم ؟
_ وهل للعمل متعه , وهل للكلام متعه , وهل وهل وهل .....
فأدركت حينها ان كل شيء تغير ليس بالضروره ان يكون التغيير حقيقيا وله اسباب فالتغيير داخلي اكثر من ان يكون خارجي , فالعيون التي تعودت على لون الدم من الصعب ان ترى او تفكر في شيء غير التراب الذني تنتضر ان تنتهي اليه بين لحظه واخرى
والأذان التي اعتادت على صوت الرصاص والأنفجارات من الصعب ان تسمع صوت العصافير وتطرب حين تسمع ناظم الغزالي او زهور حسين
والمشاعر التي تعودت على الظلم والخوف اشك في انها تستطيع ان تحب وتعشق وتستمتع بالحياه
صحيح ان الجو هذه الأيام مليء بالأتربه والكثبان الرمليه مما ادى الى تغيير لون السماء ولكن حتى بغياب هذه الأتربه فلون السماء سيضل على ما هو عليه وكل الألوان سوف تضل معتمه الى ان يجد العراق مخرجا من ما هو فيه ويجد ولو فسحه صغيره من الأمل
ان من اصعب مايواجهه الحكومه العراقيه من تحديات ليس التيار الصدري والقاعده او انتخابات مجالس المحافظات او عقد الأتفاقيه الأمنيه , انه امر اكبر واعمق اعتقد انه لايخطر على بال احد من اعضاء الحكومه , ان هذا الشيء هو اعاده توازن الألوان داخل النفس العراقيه ومسح كل المخلفات اللونيه المعتمه في اعماق العراقيين وغسل الأتربه التي غطت على جمال الروح العراقيه وذلك طبعا لن يتم لا ( بصوله ) و لا ( زئير) و لا حتى ببشرى من ( بشائر ) الحكومه . انها تحتاج الى سنين ( ليس لزياده عدد القوات المسلحه وجهوزيتها اووعود كاذبه لأعاده الأعمار وتحسين الوضع الأقتصادي ) انها سنين من السلام والتعاون والأحترام والحب للوطن والأعمار ( اعمار الأنسان قبل اعمار البنيات ) و العداله و المساواه لكي تستطيع ان تمحو سنين الكره والعنف والنزاع والذل والمهانه والتخريب والسرقه والظلم المنقطع النضير, لكني اعتقد ان مثل هذه الأمور الأنسانيه تعتبر من التفاهات لدى الحكومه التي لديها اولويات اكثر واشغال كثيره بالتأكيد اهم من الفرد العراقي ومشاكله النفسيه ولون السماء لديه !!! ولربما نكون نحن ارهابيون ( نتدخل ونعيق عمل الحكومه في فرض القانون ) لأننا ندافع عن الحب والجمال والسماء وكل ما هو انساني فكما يقول شاعرنا الكبير نزار قباني :
متهمون نحن بالأرهاب
ان نحن دافعنا عن الورده
والمرأه
والقصيده العصماء
وزرقه السماء
عن وطن لم يبقى في ارجائه
ماء ...ولا هواء
لم تبقى خيمه ...او ناقه
او قهوه سوداء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة