الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السماويون الجدد 2

حاتم عبد الواحد

2008 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اخترع الاغريق الالعاب الاولمبية ليس حباً بالرياضة البدنية ومنافساتها ، وانما اعتمدوا على مبدأ فلسفي يقول ان الروح طاقة ، ولتقليل نزوع البشر نحو الشر والاستحواذ الغرائزي على حيوات وممتلكات الاخرين ، كان جبل الاولمب اول مكان في العالم يتم فيه تصريف الطاقات الزائدة عن الحاجة ، الجسدية والروحية بشكل سلمي منتج ، نظرا لما تتطلبه المنافسات الرياضية من وقت وجهد للتدريب ورفع المهارات والتركيز الذهني لتطوير الاداء ، اما السواعد المتصالبة على سيوفها والروح المشبعة برغبة الامتلاك والذكريات المرة عن ايام الجوع والقحط والعبودية التي كانت تتحكم ببواطن بدو جزيرة العرب فلقد لبت الدعوة الصادرة من جبل ثور ، لانها وجدت في دعوة الاسلام تنفسيا عن ما يجيش في الصدور والعقول ، وكانت الغزوات النبوية ميدانا واسعا وثمينا لتصريف تلك الطاقات الناقمة على وجودها قبل نقمتها على الاخرين ، فاعيد تسمية الشنائع باسماء اكثر لياقة ، فالسرقة اصبحت غنيمة ، والغزو اصبح فتحا ، والقتل اصبح جهادا ، وكان شعار " النصر او الشهادة " يمثل واجهة كبرى لمشاريع تجارية لا تبور ، فالنصر يعني الاستحواذ على اموال القتيل ونسائه وارضه ، والشهادة تعني الجنة ، تلك البقعة التي وسعها السماوات والارض ، المترعة بانهار الخمر واللبن والعسل المصفى ،والمحفوفة بالنخل والاعناب والرمان ، ناهيك عن النساء الابكار والحور العين والغلمان الذين كأنهم لؤلؤ منثور ، ويستفزني عقلي الخبيث بسؤاله عن وجود الغلمان في الجنان ، فهل كان نكح الغلمان عرفا اجتماعيا تسكت عن ذكره كتب السيرة ويؤكده القرآن ؟؟
كان الاسلام لمعتنقيه " تجارة لا تبور " وهذا الوصف هو الاكثر جاذبية وسحرا واقناعا للذين يرون بملء اعينهم كيف صنعت تجارة قريش من ابي سفيان وامية وابي الحكم اسيادا لا ينازعهم في ملكهم انس ولا جان ،ورغم اسواق الشعر وعلو كعب الشعراء في مجتمعهم البدوي ، الا اننا لا نلاحظ القرآن يصف الجنة بانها مدينة الشعراء ، بل ذم الشعر والشعراء ، لان من وظائف الشعر في الجاهلية هو نشر فضائل القبيلة والتفاخر بحسبها ونسبها ، وبما ان غالبية المسلمين الاوائل هم من الموالي والعبيد الذين ليس لهم من الارومة ما يفتخرون به ، فاننا نجد ان الشعراء مغضوب عليهم في القرآن بسورة سميت باسمهم ، تلافيا لنشر بذور الشقاق بين المؤمنين الاوائل ان هم اجبروا على تعداد مناقبهم القبلية التي لا يملكون منها شروى نقير ، ومقارنة سريعة لعدد الشعراء في جزيرة العرب قبل دعوة الاسلام و عددهم بعد الدعوة ستظهر التقلص الكبير الذي طرأ على الطراز الادبي الذي سجل به بدو الجزيرة وقائعهم من انتصارات وهزائم وانكسارات وحروب ووفيات وولادات ومنابزات وايروتيكيا ، وسنلحظ ان حجم هذا التقلص والانكماش ليس على مستوى الكم فقط ، وانما نال من النوع والمهارة والالهام ، وسبب هذا الانحدار والاندحار الابداعي هو الانقلاب التام الذي اصاب البناء السوسيوثقافي الذي كان سائدا قبل الدعوة الاسلامية ، وسنلحظ ايضا بروز فن الخطابة كبديل محمود عن الشعر ، لان الوعظ الخطابي اكثر تاثيرا في مجتمع يشكل الاميون نسيجه الاعظم ، فمجتمع مثل هذا لا يستجيب لخيالات الشعر بقدر استجابته لمواعظ الترهيب والترغيب .
ورجوعا الى مشكلة الفقر التي يعاني منها المسلمون والتي نشرناها في الجزء الاول من هذا البحث يوم امس ، فاننا لابد ان نتذكر السياسات الاقتصادية التي تحكم العالم الان بمبدأ تعظيم الثروة ، وعلى سبيل التوضيح والتقريب فان الامريكيين ينفقون سنويا اكثر من ثمانية بلايين دولار من اجل مواد التجميل فقط ، بينما لا تجد الامم المتحدة تسعة بلايين دولار من اجل حل مشكلة المياه الصالحة للشرب والمرافق الصحية في العالم المسحوق من هذا الكون الراسمالي ، وقد سجل عن حزب العمال البريطاني قوله " ان تكوين الثروة الان اهم من توزيعها " ،ويبدو لي ان المسلمين طبقوا العبارة الاخيرة قبل اكثر من 1300 سنة ، عندما ظهرت الزعامات الالهية المتشبثة بحقها في الانتماء الى النطف النبوية ، ففي نهاية القرن الهجري الاول احكم المسلمون قبضتهم على الاراضي والشعوب والثروات الممتدة من سور الصين الى جنوب فرنسا ، واستحوذوا على ثروة لا يستطيع عصر الديجتال اليوم احصاءها ، فاين ذهبت تلك الثروة ولماذا المسلمون فقراء اذا علمنا ان القفار لم تزل هي القفار وان الخراب اصبح اعم واشمل مما كان عليه ؟؟؟
اظن ان سياسة الغزو الاستيطاني التي طبقها المسلمون هي السبب المباشر لمشكلة الفقر الملازم للمجتمعات الاسلامية ، فلو كان الغزو من اجل التبشير بالاسلام فقط ، لكانت الممالك والتخوم التي اخضعت بالسيف لهذه الدعوة قد وجدت الحافز المادي والمعنوي لاقامة مؤسسات الدولة المعنية بالعقد الاجتماعي بين الشعب وسلطته بعد انسحاب المبشر ، ولكن استيطان جنود المسلمين في تلك الاصقاع قد جعل من مواردها امتدادا لموارد عاصمة الخلافة ، وبالتالي فان اي انفاق يؤدي الى تقليل او خفض مستوى الاتاوات الذاهبة الى خزائن امير المؤمنين سيكون خيانه للاسلام واضعافا لقوته ،ومن يدقق في احوال التخوم التي انسحبت او اخرجت منها الجيوش الاسلامية لاي سبب كان ، يجد تركة ثقيلة من الخراب الاجتماعي والاقتصادي والعمراني ، وهذه هي المخلفات التي يتركها جنود الاحتلال وراءهم على مر الازمان ، مع الاقتناع بان الموارد المالية والاقتصادية التي كان يقبض عليها قائد واحد من قواد جيش المسلمين في اقليم من الاقاليم قد تضاهي اليوم ما بحوزة شركة من الشركات العابرة للقارات ، وربما ضاهى عدد الجباة الذين يستجلبون له خراج وجزيات المناطق الخاضعة لنفوذه عدد موظفي اي شركة كبرى من شركات العولمة ، وليس من هم لدى هؤلاء الجباة سوى تكديس الثروة دون الالتفات الى ديمومة مصادرها ، لانهم يعملون علم اليقين بانهم مجرد غزاة لابد ان يرحلوا .
ان البقعة الحغرافية التي نشأ بها الاسلام هي من اكثر البقع جفافا واشدها تدنيا في الانتاج الزراعي والغطاء العشبي ، وليقيني ان كل الديانات تترافق فيها التعاليم بطقوس تعبر عن المكنون اللاهوتي او الفلسفي الذي تدعو له ، فأنني اجد الصلاة الاسلامية التي تعد الركن الثاني من اركان الانتماء لهذا الدين قد جاءت معادية لعنصرين من عناصر التقدم الحضاري وهما الزمن والموارد ، فعلى مستوى الزمن نجد ان الصلاة تؤخر المسلمين في كل يوم0 5100000000 دقيقة اذا اعتبرنا ان 300 مليون مسلم من اصل مليار وربع المليار مسلم الموجودين على الخريطة السكانية للعالم هم من يصلون بشكل يومي ، واذا اعتبرنا ان الركعة الواحدة تستغرق دقيقة فقط فان 17 ركعة يوميا تاخذ 17 دقيقة من المسلمين الثلاثمائة مليون الذين هم ربع عدد المسلمين ، هذا فقط في الفروض وناهيك عن النوافل ، ولانني لا اجيد العد ولكنني اجيد الحساب فارجو من الاخوة الاخصائيين اخبارنا بعدد السنين التي نخسرها كل يوم بناء على افتراضنا الذي هو من باب اضعف الايمان ، اما على سبيل خسارتنا بالموارد في بيئتنا الصحراوية القاحلة ، فلو افترضنا ان كل صلاة تستوجب لترا واحدا من الماء ، فان الصلوات الخمس تستوجب خمسة التار من كل مصلٍ ، وهذا يعني فقدان 1500000000 يوميا ، واذا احصينا عدد من صلوا من زمن الدعوة الاسلامية الى الان فاننا سنكشف هول الكارثة على مستوى الزمن والموارد وفرص التقدم ، ويعن لي سؤال بهذا الموضع ، لو ان المسلمين سقوا بماء الوضوء الذي استهلكوه في صلواتهم منذ محمد الى الان اشجارا تسمى باسمائهم في ارضنا الخراب ، فكم جنة غناء كنا قد زرعنا بدلا من الجنة الموعودة ؟؟
واذا عرجنا على مواقيت الصلوات فأننا سنكتشف نظرية المؤامرة التي عمل بها الرسول بحنكة ، فلكي يضرب اسواق مكة ويحارب تجارها وتجارتها التي هي عمود قوتها الفقري ، فانه جعل اثنتين من الصلوات في وقت ذروة البيع والشراء وهما صلاتا الظهر والعصر باربع ركعات لكل منها ، اضافة الى شرط الجماعة ، كي تفرغ الاسواق من كل بائع ومشترٍ ، علما ان القرآن لم ينص على مواعيد الصلاة ولا عدد الركعات .
يتبع









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب