الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعلم .. المعلم يا سيد جون !

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2008 / 6 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


قبل أن تظهر نتائج امتحانات مدارس وكالة الغوث الدولية في غزة نتوقع أن تكون النتائج أفضل بكثير ، وكثير جدا من نتائج الفصل الأول من العام المنصرم ، وستكون بحجم الاهتمام الكبير من قبل الأهالي أولا ، والجهاز التعليمي ثانيا ، ولا شك أن الفضل أولا يعود إلى مدير المؤسسة الأول السيد " جون كينج " مدير عمليات وكالة الغوث الدولية في غزة الذي ما برح من تحسين مستوى المعيشة لسكان غزة ، وبشكل خاص اللاجئين الذين ترعاهم وكالة الغوث الدولية بغزة منذ أكثر من نصف قرن ومازالت ! ولا شك أن السيد جون ومنذ تسلم عمله في غزة قبل عامين تقريبا وهو لم يتوان لحظة عن متابعة مستوى التعليم لأبنائنا ، وهي أهم خدمة وأكبر خدمة من الخدمات المتنوعة التي تقدمها وكالة الغوث ، ورغم ما تعرض له السيد جون ومنذ البداية من انتقاد واعتراضات وتهديدات كادت أن تودي بحياته .. إلا أن ذلك لم يثنيه عن ممارسة عمله على أكمل وجه ، وكما قال عنه البعض : " أنه فلسطيني أكثر من الفلسطينيين أنفسهم ..! " وللحقيقة أنه قام بإجراءات لم يستطع أي مسئول فلسطيني من القيام بها ..؟ وهو يؤدى واجبه بطريقة علمية لا تشوبها شائبة ، وهو الواثق تماما من النتائج المترتبة على ما يقوم به ، وها هي النتائج ستظهر بعد يومين ، أو ستظهر ساعة نشر هذا المقال وأتوقع تقدما ملموسا وبشكل يرضي الجميع بدون غش أو تدليس كما يعرف الجميع ، وسبق أن وضحنا ذلك في مقالة سابقة على أن القياس والتقويم الذي تجريه مدارس الوكالة بغزة هو طريقة مثلى للتقدم والنجاح .. وهنا نؤكد مرة أخرى ما هو مطلوب من مدارس الحكومة أن تحذو حذو مدارس الوكالة في كافة الإجراءات التي قامت بها ...
وإذا سجلنا هذا النجاح فعلينا أن نسجله باحترام وتبجيل كبيرين .. ونفتخر بالجندي المجهول الذي قام بالجهد العظيم والذي ضحى كثيرا من أجل أن نرتقي بأبنائنا .. هذا الجندي هو : المعلم الفلسطيني ، هذا المعلم الذي كان نبراسا ليس لفلسطين فحسب ، بل للوطن العربي كله ، والذي ساهم إلى حد كبير في تنمية وتطوير مجتمعاتنا العربية ومازال يعمل فيها دون كد أو ملل وشهد الجميع على قدرته على العطاء والتفاني .. نعم يا سيد جون ! إن الخطوة التي قمت بها قد لا ترضي البعض .. لكنها بالتأكيد ستعيد للمعلم هنا هيبته وستزيد من احترامه من قبل شعبه الذي سيرى النتائج الأولية للخطوات التي قمت بها ، وهذا يتطلب منك مزيدا من الاهتمام بهؤلاء الجنود وتحفيزهم بشكل مستمر حتى يستمروا في عطائهم دون تخاذل ، إن مساعدتهم في تخطي العقبات التي تعترضهم سوف تزيد من تحسين أدائهم ، إن التخفيف من الأعباء الملقاة عليهم أيضا سيكون لها انعكاس ايجابي على عملهم ، إن توفير المستلزمات والوسائل التقنية وغيرها سوف تساعدهم على القيام بعملهم على أكمل وجه ! فهل لنا أن نعقد الورشات الجديرة بمناقشة همومهم والوقوف على ما يعانون ويواجهون من مشكلات سواء إدارية ، أو مادية ، أو صحية ، أو من البيئة المدرسية ، أو الثقافية والاجتماعية .. وعمل الخطط اللازمة لحلها ،أو الحد منها ..
يا سيد جون ! كيف لمعلم قارب على الستين عاما أن يعمل بطاقة معلم في العشرينات ، أو الثلاثينات من عمره ؟ لماذا مازال الجدول المدرسي يعطى لكل المدرسين بنفس العبء ؟ ثمانية وعشرين حصة للمعلم أسبوعيا بواقع أربعة أو خمسة حصص للمعلم يوميا .. يعود بعدها المعلم منهك القوى لا يستطيع القيام بواجباته الأسرية والاجتماعية مما ينعكس على سلوكه وتصرفاته بشكل سلبي ، وبالتالي يعود للمدرسة في اليوم التالي وفي رأسه الكثير من المشاكل .. إضافة إلى مشاكله الصفية ؟! لماذا لا نقوم بتجريب جدول جديد للمعلم يراعى فيه قدراته وطاقاته على العطاء ؟ إن بعض الدول حتى الفقيرة تعطي للمعلم أن يعمل حصة ويرتاح حصة يقوم فيها بالتحضير للحصة التالية ، إنه لم يرتاح تماما ، بل يؤدي عمله في أحسن صورة .. إن عمل المدرس مع الطلاب في الصف بشكل متواصل يرهق المعلم ويجعل منه إنسانا عنيفا خاصة في ظروف طلابنا ومجتمعنا وما يمر به من نكبات متتالية ...؟ وحتى عندما ينتقل المعلم من صف لآخر بشكل متواصل سوف ينعكس سلبا على أدائه خاصة عندما يختلف الصف في المستوى ، وبالتالي ينعكس على تربية أبنائنا وتحصيلهم الذي هو هدفنا الأول ..!
يا سيد جون ! نعرف أن ذلك يتطلب الجهد والمال الكثير ، ونعرف أنه لا يمكن حل كل المشكلات التي نعاني منها .. لكننا نعرف أنك بدأت بالطريق الصحيح ومنذ البداية توقعنا النتائج ، ونعرف أنك تمتلك الخبرة الكافية لتبدأ بحل مشكلات المعلمين حتى يكتمل العمل بشكله المتكامل ونستمر في العلاج بقدر الإمكانيات المتاحة .. ليس لدي بيانات إحصائية عن عدد المعلمين وأعمارهم حتى نقف على حجم المشكلة ، ويمكن البدء من هذه الفئة من المعلمين الذين تجاوزت أعمارهم الخمسين عاما وتخفيف جدولهم التدريسي بالتدريج حسب قدراتهم الجسمية والصحية .. إن ذلك سيعزز من قدرات كافة المعلمين ويزيدهم بالثقة اللازمة للقيام بواجبهم بشكل أفضل ، ويبعد عنهم اليأس والإحباط .. إن زيادة الضغط على المعلمين في الإجازات والطلب منهم بالتواجد في مدارسهم بدون عمل يعطيهم إحساس بالتعسف الإداري ويجعلهم ينفرون من المدرسة بالضبط ، كما الطلاب الذين لا يحبون المدرسة ! إن نظرة المشرفين والإداريين السلطوية لا تعمل على تحسين أداء المعلمين .. لماذا يغرق المعلم في أول كل سنة بالأمور الروتينية التسجيلية للطلاب ونحن في عصر التكنولوجيا والكمبيوتر الذي حل كل هذه المشاكل ؟؟
من الضروري العمل المستمر في إصلاح الجهاز التعليمي ، وإذا بدأنا بالإجراءات التي تخص الطلاب وأولياء أمورهم وهذا خلق حالة من الاهتمام المتزايد في الأسرة .. كذلك يجب البدء بخلق حالة من الاهتمام بالمعلم الذي هو محور العملية التعليمية فإذا صلح المعلم صلحت كل العملية التعليمية لأنه هو المنفذ الرئيسي للخطط والبرامج التي تقوم بها المدرسة .. وهذا ليس معناه أنه لا يوجد من بينهم المتقاعسين والمتخاذلين ،وهؤلاء لا يمكنهم الاستمرار في تخاذلهم وتقاعسهم إذا ما راعينا أحوالهم ووقفنا على مشكلاتهم ووضعنا الخطط والبرامج التي تساعدهم من تخطي العقبات التي تعترضهم .. يا سيد جون ! نحن واثقون من أنك ستقوم باتخاذ الخطوات اللازمة من أجل ذلك تتويجا لما قمت به في السابق ، ويحذونا الأمل في أن نرى القطاع التعليمي في أحسن صورة يمكن أن تكون ! ومبارك لنا هذا النجاح ، ومبارك لك هذا الافتخار وهذه الجرأة التي سوف يسجلها التاريخ وإلى الأمام في خطوات أخرى ...










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه