الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة البغيضة للإله في الفكر الإسلامي

مستخدم العقل

2008 / 6 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن تصوّر الإله في الفكر الإسلامي يتميز بالعديد من الصفات البشرية الكريهة. فعلى سبيل المثال نجد أنه طبقاً للقرآ ن الكريم فإن هذا الإله غيّور بصورة أقرب للمرض، . فالآية 48 من سورة النساء تقول (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، أي بمعنى آخر فالله قد يغفر لمجرمي الحروب ومغتصبي الأطفال وقاتلي الأبرياء وكل المجرمين الآخرين ولكنه لايغفر الشِرك به، والحديث الوارد بالصحيحين يقول بالنص (‏أتاني ‏ ‏جبريل ‏ ‏فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت وإن سرق وإن زنى قال وإن سرق وإن زنى) فكل شيء يهون عدا الشرك بالله. كذلك فطبقاً للتصوّر الإسلامي أيضاً فإن الإله أيضاً يعاني من عقدة إثبات الذات، فهو يتحدّى مخلوقاته التي خلقها بنفسه ويتشفّى في ضعفها الذي خلقه بنفسه ثم يسأل نفسه ويجيب عليها طبقاً للآية 16 من سورة غافر التي تقول (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)، وكذلك في الحديث الوارد في صحيح مسلم أن الله يتحدّى مخلوقاته بأن يقول (‏أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون)، ثم يتفنن الإله بعد ذلك في تعذيب تلك المخلوقات الواهية بطرق سادية جديرة بكتب علم نفس الجريمة، فالآية 56 من سورة النساء تقول (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ) وكذلك الآية 24 من سورة النبأ تقول (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا) وذلك بخلاف العديد من الآيات الأخرى التي تصف التعذيب السادي الذي سيوقعه ذلك الإله بمخلوقاته وذلك بسبب عدم قدرتهم على إجبار عقولهم على الاقتناع بوجوده.

كذلك فإن ذلك الإله (طبقاً للتصوّر الإسلامي) لايكتفي من الإنسان بالعبادة والأعمال الصالحة بل أنه ينتظر من الإنسان أن يُجبر عقله على الاقتناع بوجوده وإلا كان ذلك الإنسان من المنافقين الذين ينتظرهم عذاب أشد من الكافرين وذلك طبقاً للآية 284 من سورة البقرة التي تقول (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ). فللأسف فإن ذلك الإله لم يسأل نفسه عن السبب في تعذيب شخص وجد عقله مقتنعاً بعبادة شيء ما من دون الله وبالتالي فهو مقتنع بما يفعله، فذلك الشخص لايعبد شيئا آخر لكي يعاند الله مثلا، بل لأنه يؤمن بذلك الشيء، فإذا لم يستطع ذلك الشخص أن يُقنع نفسه بعبادة الله - لسبب أو لآخر- ورأى أن عبادة صنم أو نجم أو قمر هي أكثر نفعاً له فهو لم يفعل ذلك إلا لأنه مقتنع بذلك. فإذا لم يستطع عقل ذلك الشخص أن يقتنع بأحقية الله في العبادة سيتبقى له خياران لاثالث لهما، فإما أن يطيع عقله ويستمر في عبادة مايراه مناسباً وبالتالي يعذّبه الله باعتباره من المشركين، أو ينافق ذلك الشخص نفسه ويعبد الله خوفاً وطمعاً وبالتالي يعذّبه الله أيضاً باعتباره من المنافقين. فالله (طبقاً للتصوّر الإسلامي) سيعاقب من يكفر به وكذلك سيعاقب من يؤمن به عن دون اقتناع.

كذلك فإنه من ابرز الصفات البشرية البغيضة التي يُلصقها النص الإسلامي للإله هي الظلم وعدم وجود قواعد عادلة وواضحة للثواب والعقاب، فطبقاً للقرآن الكريم فإن ذلك الإله يستطيع أن يمنح السلطة أو الحكمة أو القوة أو غير ذلك لمن يشاءه ذلك الإله دون أن يحدّد اية قواعد واضحة لذلك، فعلى سبيل المثال نجد الآية 26 من سورة الرعد تقول (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ) وكذلك الآية 269 من سورة البقرة تقول (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) وكذلك الآية 107 من سورة يونس تقول (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ). وذلك الإله لايكتفي بالظلم الدنيوي بل أن عذابه السادي السرمدي في الآخرة لايحمل أيضاً أية قواعد ثابتة أو محدّدة، فهو يغفر لمَن يشاء ويعذّب مَن يشاء دون أية قواعد وذلك طبقاً للعديد من الآيات القرآنية مثل الآية 21 من سورة العنكبوت التي تقول (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ) وكذلك الآية 129 من سورة آل عمران التي تقول (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ)، بل أن ذلك الإله يتّبع طرقاً خداعية لكي يبرّر بها تعذيبه لبعض مخلوقاته (وكأن الإله يحتاج لتبرير أفعاله)، فهو يهدي مَن يشاء مِن البشر (وبذلك يجعلهم يستحقون النعيم) ويُضل مَن يشاء أيضاً (لكي يجعلهم يستحقون العذاب) وذلك طبقاً للآية 4 من سورة ابراهيم التي تقول (فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وكذلك الآية 27 من سورة الرعد التي تقول (إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ). بل أن ذلك الإله يتمادى في الطرق الخداعية التي يبرّر بها تعذيبه لبعض الناس دون الآخرين وذلك بأن يأمرهم بالفسق طبقاً للآية 16 من سورة الإسراء التي تقول (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) والجدير بالذكر أن مفسّري القرآن قد لاحظوا افتقاد هذه الآية للأمانة والعدل فلجأوا لتفسيرات غاية في العجب لها كمثال ابن كثير الذي قال في تفسيره للآية (قالوا معناه أنه سخرهم إلى فعل الفواحش فاستحقوا العذاب وقيل معناه أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة).

في محاولتي لفهم صورة الإله البغيضة كما يصوّرها الدين الإسلامي وتقريبها للأذهان فإنني أحاول أن أقارن علاقة الإله بالإنسان الذي خلقه بعلاقة الأب بإبنه الذي أنجبه، وأساس المقارنة هي أن الله – طبقاً للقرآن – قد خلق الإنسان وأعطاه الكثير من النعم، تماماً كما أن الأب يربي إبنه منذ الصغر وينفق عليه ويعطيه من الحب والوقت والمجهود، وعليه فأظن أن المقارنة صالحة. فالأب الذي هو من البشر الضعفاء التافهين أمثالنا يربي إبنه وينفق عليه ويعطيه النصيحة ويقضي معه الوقت وقد يعود من العمل منهكاً ليجلس مع إبنه يستمع اليه ويناقشه، وبالتالي فهو يعطي إبنه الكثير من النعم ولكن معظم الآباء الأسوياء لايذكّرون أبناءهم بكل تلك النعم ولايطلبون منهم الشكر عليها، بينما – في المقابل – نجد أن أكثر من نصف القرآن هو دلائل لنعم الله على الإنسان وأمر للإنسان بالشكر عليها وترهيب وتهديد له إن هو لم يفعل. كذلك ففي معظم الأحيان – وخصوصاً في وقتنا الحاضر – فإن الإبن ما إن يكبر حتى ينتقل من منزل أبيه إما للعمل في بلد آخر أو للزواج، وفي معظم الأحيان يبدأ ذلك الإبن في نسيان أبيه شيئا فشيئا فلايتذكّره إلا بمكالمة هاتفية من وقت لآخر بل ربما ينساه ويقاطعه نهائيا (لشديد الأسف)، ولكن معظم الآباء لديهم من عزّة النفس والبصيرة مايجعلهم يأنفون أن يطلبوا من ابنائهم الإكثار من الزيارة أو ردّ الجميل، بينما في المقابل نجد أن الله العزيز البصير الرحيم الكريم يتوعد بالعذاب كل من يكفر به أو يبتعد عنه أو ينساه. كذلك فإن الكثير من الأبناء ما إن يتزوج حتى يرتبط بأهل زوجته فنجد الإبن يظهر الطاعة والولاء لأهل زوجته بينما ينسى أباه، ولكن الأب بتسامحه وعزة نفسه لايظهر الغيرة أو الاهتمام، بينما في المقابل نجد أن الله غيوراً بدرجة قاتلة ويتوعد بالعذاب كل من يشرك به. وفي النهاية فقد يصاب مثل ذلك الإبن العاق بالمرض الذي يُقعده تماماً عن العمل ويحوّله إلى مجرد كومة من اللحم لاحول له ولاقوة (تماما كالميت)، ففي مثل تلك الظروف المؤسفة غالباً مانجد الأب يأخذ إبنه ويعنى به مرة أخرى وينسى تماماً كل إساءة أو عقوق من ذلك الإبن، بينما في المقابل نجد أنه حين يموت الإنسان الجاحد لله ويصبح عاجزاً فإن الله يتفنن في تعذيب ذلك الميت الذي لاحول له ولاقوة، فهو تارة يعذّبه بالنار وتارة بشراب الزقوم وغير ذلك من صور العذاب الوحشية التي يمتليء بها القرآن.

وفي النهاية تجدر ملاحظة أن هناك فارقاً هاماً بين علاقة الأب بإبنه وعلاقة الله بعباده حيث أن الأب حين يعطي لإبنه الوقت والمال والحنان والنصيحة والتشجيع فإنه يبذل الكثير من المجهود ليفعل ذلك، بينما الله يقول للشيء كن فيكون، وهو الذي قال في القرآن إنه يستطيع ببساطة أن يميتنا ويأتي بخلق جديد، فالله لايتعب ولايضطر للعمل لتوفير النعم لنا. وبالتالي فمن المنطقي أن ينتظر الأب من ابنه المقابل أكثر ممّا ينتظره الله من عباده. ولله المثل الأعلى.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل


.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك




.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت