الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوزير ملا خضير يطلق النار على الطلاب

سهر العامري

2008 / 6 / 28
التربية والتعليم والبحث العلمي


في اليوم الأول من الإمتحانات العامة للمرحلة الثانوية ( البكلوريا ) وفي بغداد العاصمة أطلق وزير التربية خضير الخزاعي المعروف بملا خضير في أوساط المعلمين والمدرسين العراقيين ، هو وحمايته ، النار على الطلاب الممتحنين في قاعات كلية التربية الأساسية من محلة سبع بكار في بغداد العاصمة ، وذلك ردا على الاحتجاجات التي صدرت من الطلاب ولأسباب تتعلق بالعملية الامتحانية، تلك الأسباب التي جاء على ذكرها بعض من أولئك الطلاب وعلى الشكل التالي :
* عدم وجود مقاعد في بعض القاعات وإن وجدت فهي مغطاة بالأتربة .
* عدم وجود أسماء مثبتة على تلك المقاعد للطلاب الممتحنين الذين لم يتمكنوا من معرفة القاعة والمقعد الذي يجلسون عليه .
* وضعت بعض المقاعد الامتحانية في الممرات حيث الشمس اللاهبة في حر بغداد القاتل .
* عدم توفر الماء البارد أو عدم توفر وسيلة تبريد تساعد الطلاب على تأدية امتحاناتهم بالشكل المطلوب كما درجت عليه العادة في كل الامتحانات العامة التي عرفتها المدرسة الثانوية في العراق .
هذه الأسباب وغيرها هي التي أدت بالطلبة أن يحتجوا على وزير التربية الملا خضير الذي حضر الى المركز الامتحاني المذكور لسبب لا يعرفه الطلاب أنفسهم ، حتى أن بعضهم تساءل عن سبب حضوره الى المركز الامتحاني ذاك .
ولكي يطلع القارئ على الكيفية التي تدار بها الإمتحانات العامة في العراق وبشكل مختصر أقول : حين تناط مسؤولية قاعة امتحانية بمسؤول ما ، وغالبا ما يكون هذا المسؤول مدير ثانوية مقتدرا ، يقوم هو وبعض معاونيه من المدرسين بتهيئة تلك القاعة قبل يوم أو يومين من اليوم الذي تباشر فيه تلك الامتحانات ، وتتجسد هذه التهيئة بوضع المقاعد داخل كل قاعة بشكل متباعد للحد من عمليات الغش المحتملة ، مثلما يمنح هذا التباعد حرية أكثر للطلاب في الحركة ، وشعورا أكبر بالراحة ، ويسهل ذلك كذلك عملية مراقبتهم من قبل المدرسين المرشحين لهذه المهمة .
بعد ترتيب المقاعد تلك تأتي مرحلة تثبيت أسماء الطلاب وأرقام امتحاناتهم في جهة ما من المقعد الذي يجلس عليه كل واحد منهم ، ووفقا لقوائم عدت بأسمائهم وأسماء مدارسهم ، وغالبا ما تكون تلك القوائم مع المدير الذي يدعى ( الممييز ) وقت سير الامتحانات ، أو مع من يعاونه من المدرسين ، هذا بالإضافة الى وضع قائمة في باب كل قاعة امتحانية تحتوي أسماء الطلاب الذين يمتحنون فيها كي يسهل ذلك عليهم العثور على أماكن جلوسهم في اليوم الأول من تلك الامتحانات بسهولة ويسر ، وغالبا ما يعطى لكل قاعة رقما خاصا بها حين تتعدد تلك القاعات .
وتحوطا من حدوث خطأ ما في اسم طالب أو في مكان جلوسه تجرى لهذا الغرض مراجعة يقوم بها بعض المدرسين من الذين لم يشتركوا في لصق أسماء الطلاب على الرَحلات الامتحانية ، وبهذه الإجراءات وبغيرها تكون القاعة أو القاعات الامتحانية قد أعدت مسبقا ، وقد أصبحت جاهزة لاستقبال الطلاب بساعات قبل وقت بدء امتحاناتهم .
وعلى هذه الوصف الوجيز تكون احتجاجات الطلبة الممتحنين في قاعات كلية التربية الأساسية تلك ، والتي جاءت على لسان أحد الطلبة مبررة تماما ، خاصة تلك الاحتجاجات التي تتعلق بمعرفة أماكن جلوسهم والقاعات التي يمتحنون بها .
لقد كان المفترض بملا خضير أن يتلقى تلك الاحتجاجات المبررة برحابة صدر المربي الحصيف ، وليس بعنتريات قائد مليشيا تطلق النار على الطلاب من أبناء العراقيين المنكوبين بالوزير والمحتل الذي نصبه في مكان لا يستحقه هو ، وبالطريقة المتخلفة والبدائية التي وزعت فيها المناصب الحكومية ، تلك الطريقة التي قامت على المحاصصة الطائفية والعرقية ، وعلى أناس ليس لديهم الكفاءة على إدارة مدرسة واحدة ، فكيف بهم وقد أصبحوا يتربعون على عرش وزارة تدير المئات من المدارس على مختلف صنوفها وتخصصاتها ؟
لقد برر ملا خضير اطلاق النار ذاك الذي سقط فيه خمسة طلاب جرحى ، جروح اثنين منهم خطرة ، بمحاولة اغتيال كانت قد دبرت له ، وقد رد بعض الطلاب النابهين على تبرير الوزير الساذج ذاك بقولهم : بأي شيء نغتال الوزير ؟ هل نغتاله بالقلم أم بالكراس ؟ فكل الطلبة الذين دخلوا الى المركز الامتحاني المذكور قد خضعوا لتفتيش دقيق من قبل قوات الحرس الوطني ! التي تحيط بالمركز ذاك ، وهذا قبل أن يدخلوا هم الى القاعات الامتحانية الخاوية . ويبدو أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء إطلاق النار ذاك هو تفوه حماية الوزير ملا خضير بكلمات نابية ضد أولئك الطلاب جعلت بعضهم يشتبك بالأيدي مع أفراد تلك الحماية ، ونتيجة للخوف الذي يسيطر على أغلب المسؤولين في العراق اليوم ، وذلك حين يغادرون هم بروجهم المحصنة في المنطقة الخضراء بجند بوش الميامين ! صاروا يبادرون الى إطلاق النار على أبناء الشعب حالا ، ومن دون تريث ، فأغلبهم يشعر في قرارة نفسه أنه غريب على هذا الشعب ، ولذا تجدهم في هروب دائم من الناس والشارع العراقي حتى صار قول الشاعر المتنبي ينطبق عليهم تمام الانطباق :

وضاقت الأرض حتى كان هاربهم.... إذا رأى غير شئ ظنه رجلا

لقد عادوا يرون اللاشيء رجلا يعجلون الفرار منه ، فلا غرابة بعد ذلك من تكرار جرائم مثل هذه الجريمة ، ، ففي نفس يوم جريمة سبع بكار في بغداد حدثت جريمة أخرى في البصرة هذه المرة ، وذلك حين قامت حماية النائب الغريب جلال الصغير الذي ينحدر من أصول إيرانية بالاعتداء على مجموعة من الصحفيين في البصرة عند اجتماع الصغير بمجموعة رجالات العشائر فيها ، وعلى أثر هذا الاعتداء سقط مراسل قناة الفرات أرضا مضرجا بدمه رغم أن تلك القناة تدار من قبل مجلس الحكيم والصغير نفسه وبإشراف من جهاز المخابرات الإيرانية ( اطلاعات ) والسبب الاعتداء على مراسل قناة الفرات هو ، مثلما يقول صحفي من هؤلاء ، كون المراسل ذاك عربيا من أهالي البصرة ، بينما حماية الصغير كلهم من أصول إيرانية . ويرى البعض أن حضور الصغير للبصرة كان بسبب غياب جيش المهدي عنها ، ومن أجل شراء ذمم رجال العشائر فيها بالمال والرشى استعدادا لانتخابات مجالس المحافظات ، فمجلس الحكيم ومن ورائه المخابرات الإيرانية يعملان حثيثا من أجل السيطرة على البصرة بشكل كامل ، وذلك للاستحواذ على نفطها خاصة وأنهم استطاعوا الاستحواذ على نفط ميسان حين قاموا بتأسيس شركة نفط ميسان ، تلك الشركة التي يراد منها أن تكون في أحضان الجارة المسلمة إيران !
والأمر الملفت للنظر هنا هو سكوت جميع الأحزاب والمنظمات العراقية عن إدانة تلك الجريمة النكراء التي ارتكبها الوزير ملا خضير وعناصر حمايته بحق طلاب العراق باستثناء صنيعة من صنائع الاحتلال وهم جماعة أحمد الجلبي الذين استنكروا هذه الجريمة القذرة التي تزيد في قذارتها على تلك الجريمة التي سقط فيها ثلاثة طلاب وطالبة أخرى على عهد الرئيس عبد الرحمن عارف ، وذلك حين قام الجيش بمهاجمتنا نحن طلاب كلية التربية - جامعة بغداد ، وكنا وقتها قد بدأنا إضرابا احتجاجا على إلغاء نتائج الانتخابات التي فاز بها الاتحاد العام لطلبة العراق ، وهي النتائج التي أفزعت الدوائر الغربية فعجلت بانقلاب 17 تموز المشؤوم الذي حمل احمد البكر وصدام الى السلطة في العراق .
ومع أن تلك الجريمة التي وقعت زمن الرئيس عبد الرحمن عارف لم يقم بها وزير تربية من وزراء حكومة رئيس الوزاء طاهر يحيى إلا أن رئيس الوزراء المذكور هبّ مساء يوم حدوث الجريمة تلك ، حاملا باقات من الورد ، وذلك من أجل عيادة الطلاب الجرحى الراقدين بمستشفى الطوارئ الكائن في شارع الكفاح ، وكنت أنا واحد من الطلاب الذين جاءوا لعيادة الطلاب الجرحى الراقدين في المستشفى ذاك . وفوق هذا ، واحتجاجا على تلك الجريمة ، فقد قام خمسة من وزراء تلك الوزارة بتقديم استقالاتهم في مساء اليوم نفسه ، وقد بث خبر الاستقالة هذا من إذاعة بغداد ، فهل بمقدور ملا خضير أن يقتدي بموقف أولئك الوزراء ويقدم استقالته خاصة وأنه مشارك نشط في جريمة اليوم وليس مثل وزراء حكومة طاهر يحيى الذين لا دخل لهم بجريمة الأمس ؟ تلك الجريمة التي فجرت الوضع السياسي في العراق فيما بعد ، وعجلت برحيل الحكم العارفي حيث امتد إضراب كلية التربية ليشمل كل كليات جامعة بغداد مثلما وصل الإضراب نفسه الى جامعتي : البصرة والموصول ، كما كانت تلك الجريمة محل إدانة من أطراف وطنية عراقية كثيرة . فعلام تسكت هذه الأطراف اليوم عن هذه الفواجع التي تنزل بالعراق والعراقيين كل يوم ؟ لماذا صمت القبور هذا عن جريمة الغريب ملا خضير يا سادة ! ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا