الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية والكيانات الحزبية

صاحب الربيعي

2008 / 6 / 30
المجتمع المدني


إن المسعى الأساس للأنظمة السياسية تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق توزيع الثروة بشكل عادل ومنصف وإشراك المكونات الاجتماعية في صناعة القرار السياسي، لكن هذا التمثيل قد لايضمنه النظام الديمقراطي بشكل كاف خاصة في الدول التي تفتقد للتقاليد الديمقراطية.
إن مبدأ الأكثرية والأقلية في النظام الديمقراطي لايكفل تماماً حقوق الأقليات القومية خاصة في الدول التي تعاني من مشاكل عرقية وفئوية مستديمة مما تطلب تطوير النظام الديمقراطي ليكون أكثر عدالة في ضمان التمثيل النسبي للأقليات وتقاسم السلطة السياسية والشراكة الحقيقية في صناعة القرار الوطني من خلال تبني الآلية الفيدرالية لتكون بمثابة النواة الجامعة لكافة المكونات الاجتماعية.
الفيدرالية نظام داخلي لمؤسسة مستقلة القرار تخضع لتشريعات الإدارة العامة التي يوطرها الدستور الوطني، وتحتاج لآلية مؤسسية فعالة وكفوءة ذات مؤهلات إدارية وتخصصية لأنها تمثل حكومة محلية مقابل حكومة وطنية.
لكن ضعف البنى المؤسسية للدولة يقابله هزالة في التشكيلات السياسية المقتصرة على تمثيل مكون اجتماعي واحد (عرقي أو فئوي) لتحقيق مصالح فئوية ضيقة دون أن تعر أهمية لمصالح بقية الفئات الاجتماعية مما يكرس ذهنية الهيمنة والاستحواذ لتحقيق الفائدة لصالح مكون عرقي أو فئوي وعلى حساب الآخرين.
إن تطبيقات الآلية الفيدرالية في الدول المتخلفة لم تسهم في فك الاشتباك وخفض حدة التوتر بين المكونات الاجتماعية، وإنما على العكس زادت حدة التوتر وتقاطعت الرؤى والأفكار بسبب تنامي أنانية النخب السياسية التي تمثل كيانات حزبية (مافيات عائلية) تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة تحت يافطة تمثيلها لمصالح المكون الاجتماعي العرقي أو الفئوي.
كما أن وتيرة الصراع لم تقتصر على المكونات الاجتماعية المتباينة وحسب، بل برزت بين الكيانات الحزبية (تحديداً بين المافيات العائلية) داخل المكون الاجتماعي الواحد لجني المكاسب المالية وتقاسم الغنائم الذي اقترن بالعنف والقهر والمذابح والتهجير القسري للسكان في مناطق النفوذ الحزبي.
يقول ((جيفرسون))"لم يكن عندي أدنى شك أنهم غير مؤهلين بما يكفي لتحمل أعباء حكم ذاتي، فأستخدامهم للعنف واقترافهم للمذابح وانتهاك حقوق الإنسان كرس الحكم الاستبدادي".
إن ذهنية الهيمنة والاستحواذ المسيطرة على قيادات الكيانات الحزبية (المافيات العائلية) الممثلة للمكونات الاجتماعية القومية والفئوية لايمكنها بناء دولة عصرية تحقق العدالة الاجتماعية، فالصلاحيات التي منحت لهم عبر الفيدرالية أُستغلت لإبرام عقود غير شرعية مع الشركات العالمية لاستثمار الثروة الطبيعية دون أي اعتبار للمصالح الوطنية، إنها عقوداً لسماسرة يبحثون عن أرباح تحقق مصالحهم الشخصية وعلى حساب مصالح المجتمع.
إن منح صلاحيات واسعة في النظام الفيدرالي للحكومات المحلية الممثلة في الكيانات الحزبية (المافيات العائلية) دون وجود ضوابط وإشراف مالي يفسح المجال للثراء غير المشروع للعائلات المطعونة بولائها الوطني تاريخياً، ويزيد من معدلات الفقر والجوع للفئات الاجتماعية.
يعتقد ((مايكل بارنتي))"إن الهدف الحقيقي لتكالب السياسيين على الفيدرالية وإنشاء حكومات محلية يعود لسعيهم الحثيث لإبرام عقود غير شرعية مع الشركات العالمية لاستثمار الموارد الطبيعية لقاء حصولهم نسب من الأرباح، فضلاً عن منح الشركات الاعفاءات الضريبية والمعونات المالية لقاء عمولات وعلى حساب مجتمعات الولايات ذاتها".
إن وجود مافيات عائلية تهيمن على الحكومات المحلية في الولايات الفيدرالية يعد بمثابة شرعنة للفساد والإفساد المالي والإداري والمزيد من الإفقار للمجتمع. كما أن عدم وجود مؤسسات سياسية وضوابط رقابية على أداء الحكومات المحلية خاصة في إبرام العقود مع الشركات العالمية لاستغلال الثروات الطبيعية يضعف من السيادة الوطنية ويفرط بحقوق المجتمع ويسمح بتراكم الثروة غير الشرعية بيد عائلات إقطاعية تسعى للهيمنة والاستئثار بالسلطة وعلى حساب بقية المكونات الاجتماعية الأخرى.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ