الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانعكاسات السلبية للفيدرالية

صاحب الربيعي

2008 / 7 / 1
المجتمع المدني


بالرغم من أن الفيدرالية تسعى لتحقيق رغبات المجتمع المتعدد القوميات والأثنيات في حصولهم على تمثيل عادل في السلطة وإلغاء سياسة الهيمنة لفئة واحدة على بقية الفئات الاجتماعية، لكنها تشوبها سلبيات ليست قليلة منها أن المتحمسين للفيدرالية أغلبهم من العائلات المتنفذة (الثرية، الدينية، والنسلية...) في الولايات حيث تسعى لفرض هيمنتها على الولاية والتحكم بمواردها المالية. وتوسيع نفوذها ليمتد نحو الولايات الأخرى من خلال تبادل المصالح الاقتصادية مع العائلات المماثلة أو إقامة علاقات المصاهرة بدافع فرض الهيمنة والتسلط على مجتمعات الولايات الفيدرالية الأخرى.
إن مسعاها الأساس إضعاف سلطة المركز، فكلما كان المركز ضعيفاً كلما تحققت أطماعها في الهيمنة المالية والسياسية من خلال دستور الولاية الذي يمنحها الامتيازات والنفوذ دون وصاية المركز.
فالانتخابات الدورية لممثلي مجلس الولاية الفيدرالية، تخضع مع الزمن للنفوذ المالي-الديني للعائلات المتنفذة لذلك تفقد الديمقراطية منحاها الايجابي لتصبح ديمقراطية النخب التي تفرض توجهاتها القومية-العنصرية، والدينية-الطائفية على أبناء الولاية ذاتها.
وبذلك تصبح الولاية الفيدرالية عبارة عن مملكة تحكمها العائلات المتنفذة، تمارس قمعها للآراء المخالفة بسيف القانون وتتحكم بحياة الناس من خلال منح أو حجب الوظائف العامة في الولاية عن المحابين أو المخالفين لها.
بالإضافة إلى ذلك فإن ما يطلق عليه بالتمثيل النسبي للأقليات العرقية والأثنية في مجلس الولاية الفيدرالية خارج السياقات الديمقراطية المتعارف عليها في الترشيح والانتخاب الحر، بالرغم من إيجابياته في تمثيل المكونات الاجتماعية المختلفة فإنه يعد خروجاً على النهج الديمقراطي الداعي للتنافس الحر تبعاً للكفاءة والخبرة. حيث ينعكس على إشغال الوظائف العامة في الولاية مما يوحي بحالة اللاعدالة وبتطبيق معايير مزدوجة بين المواطنين.
يعتقد ((جون كينكيد))"أن الدول الفيدرالية متعددة القوميات والأثنيات تسعى لأن تكون مؤسساتها مرآة عاكسة لتنوعها الاجتماعي مما يفقدها الحيادية والخبرة والكفاءة لإشغال الوظائف في الدولة".
إن رسوخ المبادئ الديمقراطية كممارسة وتطبيق في الحياة العامة يعكس مدى نجاح النظام الديمقراطي، فالإجراءات الفوقية للنظام الديمقراطي لاتدلل على وجود ممارسات ديمقراطية على الصعيد الاجتماعي.
النظام الديمقراطي يعتبر المجتمع ركيزته الأساس فكلما انعكست تطبيقاته إيجاباً على الفئات الاجتماعية كلما أصبحت الفرصة مواتية لإقامة الفيدرالية، فضلاً عن أن النظام الديمقراطي يعتبر القاعدة الصلبة لبناء المؤسسات الفيدرالية وليس العكس ولايصح العمل المتوازي للمسارين.
إن أسبقية النظام الديمقراطي على الفيدرالية يسحب البساط من تحت أقدام العائلات المتنفذة في الولاية لتصبح خاضعة للآلية الفيدرالية وليس العكس. لذلك فإنها تستميت لفرض نهج أولوية الآلية الفيدرالية على النظام الديمقراطي سعياً لهيمنتها وتسلطها على الموارد المالية للولاية والتحكم بالدخل المعاشي للمواطنين وكذلك بمستوى الخدمات الاجتماعية. لتبدأ عملية المقايضة بين جوع المواطنين والقبول بتسلطها وهيمنتها، وتجاهد في صياغة دستور الولاية الفيدرالية على مقاسها ومصالحها الذاتية.
لذلك تجد هناك تعاوناً وثيقاً بين العائلات المتنفذة في الولايات المختلفة لإدامة سلطتها ومصالحها الذاتية وتضليل المجتمع وحجب المعلومات ذات الصلة بالنظام الديمقراطي والآلية الفيدرالية المتبعة في معظم دول العالم لاستغفال المواطنين لأمد غير محدود.
كما أن مسعاها غير النزيه لإضعاف الحكومة المركزية لصالح الحكومات المحلية بحجة إنهاء حملات قمع واضطهاد المركز ضد سكان الأطراف، لايعبر عن الحقيقة الكاملة. فالحكومات المحلية قد تمارس عنفاً وقمعاً أشد من الحكومة المركزية إن تعارضت مصالح القائمين عليها مع المجتمع، فدستور الولاية يخولها ممارسة العنف ضد السكان بحجة فرض النظام دون تدخل الحكومة المركزية لرفع الحيف عنهم.
يرى ((فرانسيس فوكاياما))"أن حقوق الولايات (النزعة الفيدرالية) كانت الراية التي حشد تحتها النخب المحلية في الجنوب الأمريكي لقمع الزنوج قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها...فالحرية الأمريكية هي منتج من منتجات الحكومة المركزية والتي تعتبر بمثابة دولة مركزية قوية من حقها (في حال الضرورة) إرسال الحرس الوطني إلى المقاطعات المختلفة (كما حدث في مقاطعة لينك روك) لحماية حقوق الأطفال السود في التعليم".
إن إحكام سلطة العائلات المتنفذة على بعض الفيدراليات في الدول التي لم تستكمل بناء مستلزمات نظامها الديمقراطي ولم تأخذ التطبيقات والممارسات الديمقراطية الحية طريقها إلى المرافق العامة، أدت لممارسات قمعية بشعة ضد السكان، ونهباً للمال العام وسوءً بالخدمات وهيمنة أبناءها على الوظائف العامة في الولاية بعيداً عن معايير الكفاءة والخبرة، وفرض نهجها (العنصري أو الطائفي) على بقية أبناء الولاية.
إن تكالب هذه العائلات المتنفذة على فرض نهج أسبقية الآلية الفيدرالية على النظام الديمقراطي، هو مسعى لتفتيت الدولة المركزية وخلق مماليك (قومية-عنصرية، ودينية-طائفية) سعياً لإنفصالها وإقامة إقطاعيات عائلية خاصة وتحويل أبناء الولاية إلى قطعان من العبيد. الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ