الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.. وخطباء المساجد ايضا!

سامر خير احمد

2004 / 1 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الجدل الذي يدور هذه الايام في عدد من البلدان العربية حول تعديل مناهجها التعليمية وتضمينها مفاهيم تتعلق بحقوق الانسان ومحاربة الارهاب، يتناسى ان الفرد العربي لا يتلقى افكاره ويتشكل رأيه عبر التعليم المدرسي والجامعي فقط، على أهميته، وان هناك «شريحة» من «الملقنين» لها من السلطة على عقل الفرد ما يجعلها قادرة على توجيه ضميره وتغيير فكره، بينما هو يعتقد انه يؤمن بافكار مقدسة لا اجتهاد فيها.
هؤلاء هم خطباء المساجد، واكثرهم غير مثقفين بالمعنى المعرفي الانفتاحي، وينطلقون من رؤية للعالم قوامها الابيض ضد الاسود، وهي رؤية تخندقية انغلاقية تجعل من الذات خيرا مطلقا ومن الاخر شرا مطلقا، وهكذا تكون الذات في حرب دائمة مع الاخر، وتكون مهددة اذا ما حاولت ان تتحاور مع الاخر، وهذا كله يخلق تفكيرا متطرفا حتى لو لم ينعكس على صورة سلوك متطرف.
لو ان أكثر خطباء المساجد طرحوا افكارهم في مجالس عادية، لما التفت اليها احد، بل وربما لاستخفها السامعون، غير انها حين تلقى من على المنبر، يكون لها وقع السحر،  وكأن قائلها المتحدث الرسمي باسم الكتاب والسنة.
لنأخذ مثلا كيفية معالجتهم لقضية المرأة، فهم يتحدثون عن ضمانة الاسلام لحقوق المرأة، لكن حين يطبقون ذلك على الواقع.. في مطالبهم .. يكون مطلوبا ان تظل المرأة في بيتها، وان لا تنخرط في الحياة العامة ومجالات العمل غير التقليدية، لان وجود المرأة في سوق العمل - برأيهم -  هو سبب البطالة بين الرجال!
وهكذا يتضح ان تلك فكرة ذكورية ليس الا،  غير انها تغطى برداء الدين، فتصير مقدسة، وتنطبع في اذهان كثير من السامعين المستسلمين لسيل الافكار التي يقذفها الخطيب، على انها جزء من الاسلام!
ولما كان اكثر خطباء المساجد يفعلون ذلك بلا خبث ومكر، وانما بحسن نية سببها قلة معرفتهم وانغلاقهم الفكري، واعتقادهم هم ايضا ان ذلك من الاسلام، وعدم قدرتهم على تمييز ما هو من الدين مما هو من العادات والتقاليد المحافظة التي اتفق عليها الناس في ظروف اجتماعية تاريخية معينة، فان المطلوب هو احد امرين: اما استبدال هؤلاء الخطباء واحلال اخرين مثقفين ومفكرين محلهم، او الحاق خطباء المساجد الحاليين بدورات تثقيفية بمفاهيم حقوق الانسان والعدالة والمساواة، واطلاعهم على الجديد في الفكر السياسي والنظريات الاجتماعية وافاق العلاقات بين البشر، ذلك ان بث الوعي الديمقراطي الذي يضمن تنمية شاملة حقيقية لا بد ان يشمل مناهج التعليم وخطاب الاعلام، وخطباء المساجد ايضا، الذين يصيرون عندها قادرين على تقديم «وجبة» فكرية مفيدة للسامعين المتعبدين، بدل هذه الثرثرة غير المقدسة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم