الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلية الاتحاد أو الانفصال في النظام الفيدرالي

صاحب الربيعي

2008 / 7 / 2
المجتمع المدني


تعد الديمقراطية السبيل الأمثل لإجراء تسوية سياسية لحل الخلافات العالقة بين الفئات الاجتماعية، لكنها تستلزم مقومات بناء التي دونها لايمكن الركون للتوجهات النظرية في إرساء قواعد النظام الديمقراطي. فالديمقراطية ليست الحل السحري لكافة المشاكل العاقلة بين الفئات الاجتماعية وليست الآلية المثلى لتوزيع الثروة بشكل عادل ومنصف، كما أنها ليست بالشفافية المتوخاة لإجتثاث الفساد والاستغلال، بل على العكس يمكن أن تشكل بؤراً للإفساد المالي والإداري.
لذلك لايمكن التعويل على تبني النظام الديمقراطي لإصدار الأحكام المسبقة على النتائج المتوخاة دون تفحص المستلزمات الأساس لبناؤه، فغياب إحدها يؤشر لوجود خلل ما ينعكس سلباً على الرؤى والتوجهات في التوزيع العادل للسلطات عبر الآليات الفيدرالية.
تسعى ديمقراطية النخب المتحدة للقفز على بعض المستلزمات الأساس لبناء الديمقراطية وتوزيع السلطات عبر الآلية الفيدرالية، سعياً لتحقيق مصالحها الخاصة ولاتعتبرها خيار سياسي لتوحيد جهود الفئات الاجتماعية نحو الهدف المنشود.
يعتقد ((مايكل بارنتي))"أن النخب الثرية والمتنفذة في الولايات لاتهتم بالأفكار المجردة كحقوق الولايات والآلية الفيدرالية بقدر اهتمامها بمصالحها الخاصة فإن تحققت دونها لاتجد ضيراً في التغاضي عنها".
تبحث النخب الثرية في الولايات الفيدرالية عن مظلات سياسية تقيها من المساءلة القانونية، أما عن طريق إستيلاءها المباشر على السلطة السياسية أو إستيلاءها غير المباشر من خلال دعم الكيانات الحزبية أو الأفراد.
لذلك فإنها تجد في الفيدرالية وإقامة حكومات محلية إضعافاً للسلطة المركزية فمن السهولة تطويع الحكومة المحلية أو الاستيلاء عليها من خلال الكيانات الحزبية-العائلية لكن من الصعوبة ترويض الحكومة المركزية للتغاضي عن خرق القانون.
إن النخب الثرية في الولايات الفيدرالية تسعى للمزيد من الكسب المادي غير المشروع عبر صياغة دستور خاص بالولاية يضمن مصالحها، فإن اصطدمت مصالحها الذاتية مع تشريعات الدستور الوطني تمردت على السلطة المركزية أو هددت بالانفصال بحجة تحقيق طموح مجتمعها في إقامة دولته المستقلة. والحقيقة أنها تسعى لإطلاق يدها في نهب المال العام دون مساءلة أو محاسبة قانونية.
إن كان حق الانفصال مشروعاً وفقاً لأعراف القانون الدولي فإنه يتطلب ممهدات وتسويات مسبقة مع الفئات الاجتماعية المشاركة في الوطن لضمان مصالحها، فالأمر ليس رغبة لنخبة سياسية من فئة اجتماعية محددة تسعى للنيل من مصالح الفئات الاجتماعية الأخرى. فضلاً عن أن الاتحاد أو الانفصال أو تقاسم السلطة بين الفئات الاجتماعية ليست رغبة آنية وإنما سلسلة طويلة من المفاوضات والتسويات السياسية للاتفاق على صيغة ما للعيش المشترك أو تقاسم السلطة أو الانفصال بسلام.
إن سعي النخب الثرية والمتنفذة للولايات لإتخاذ خطوات منفردة لتحقيق مصالحها الخاصة يتعارض مع الرؤى والمتطلبات السياسية لتحقيق الأهداف المشتركة، طبقاً للقاعدة السياسية القائلة:"بأن الاتفاقيات الجائرة لاتصمد أمام تحديات المستقبل".
وبذات الوقت فإنها توجب عدم فرض الإرادة السياسية على الأطراف الضعيفة لاغتصاب حقوقها، فإن قبلت عنوةً بها فإنها تسعى لخرقها عند توفر الظروف السياسية الملائمة للاستعادة حقوقها المغتصبة.
إن العمل على بناء كافة مستلزمات النظام الديمقراطي كفيل بنجاح الآلية الفيدرالية التي تتيح للجميع ممارسة دوره وسيادته وفقاً للدستور الوطني وبعيداً عن توجهات نخبها الثرية الساعية لمصالحها الخاصة وعلى حساب مصالح المجتمع.
يقول ((والتر مورفي))"إن الاتفاق الطوعي على الانفصال أو الاتحاد الفيدرالي أو إنشاء الأقاليم أو التمثيل أو المحاصصة أو التعايش السلمي في دولة ديمقراطية، لايمكن أن يتم دون بناء الديمقراطية الحقة لأنها السبيل الوحيد لإجراء تسويات سياسية بين كافة المكونات الاجتماعية المتنازعة".
إن التوجهات الذاتية للنخب الثرية والمتنفذة في الولايات الفيدرالية الساعية لحرق المراحل السياسية لجني المكاسب المالية يتعارض والتوجهات الديمقراطية ومصالح الفئات الاجتماعية المنضوية طوعاً للاتحاد الفيدرالي.
مما يدفع بالنخب الأخرى المتضررة من السياسات المنفردة للاتفاق على توجهات مضادة تزيد من حدة التناحر الاجتماعي، الذي قد تستغله بعض النخب العسكرية بالتواطؤ مع جهات إقليمية ودولية للإطاحة بالنظام الديمقراطي وإخضاع البلاد لحكم استبدادي بحجة الحفاظ على وحدة التراب الوطني وفرض النظام بالقوة على الجميع.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ