الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية والتعلم عن بعد

أدهم عدنان طبيل

2008 / 7 / 3
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


الفرص والتحديات

يعتبر موضوع التعليم بالنسبة للمرأة وخصوصا التعليم العالي أمرا ضروريا لتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية ولمساعدتها على التكيف مع التغييرات الحادثة من حولها ولحمايتها من الاستغلال إن تيسير الأمور بالنسبة للمرأة من أجل الولوج إلى معترك التعليم العالي أو التعليم بوجه عام سوف يفتح أمامها الفرص الوظيفية ولا يجعلها أي تلك الفرص حكرا على النساء القادرات من اللاتي خدمتهن فقط ظروفهن الاقتصادية أو الاجتماعية. فمن الواضح للعيان أن الدول النامية إن لم تستثمر في تعليم المرأة والاهتمام بصحتها فإن التخلف سيصيب راس المال البشري وسيعاني الاقتصاد من التعثر بسبب قلة الإنتاجية وانخفاض مستوى الرخاء العائلي وارتفاع النمو السكاني. ويشير تقرير اليونسكو المخصص للتعلم إلى أن "تعليم النساء والفتيات يعتبر من أفضل الاستثمارات للمستقبل. وسواء أكان الهدف هو تحسين الحالة الصحية للأسر، أو زيادة عدد الأطفال المسجلين في المدارس، أو تحسين الحياة الاجتماعية، فإن جهود المجتمعات لن تكلل بالنجاح إلا عن طريق تعليم الأمهات وتحسين أوضاع المرأة بوجه عام"
تظهر الأدبيات التربوية في أن النساء اللاتي يلتحقن بمقررات تعليم البالغين تكون أكثر ثقة بالنفس بما ينعكس على قدرتهن على التعبير والفهم والقدرة على إتخاذ القرارات وتحمل المسئولية. كما تبين تلك الأدبيات في أن أغلب النساء في التعليم العالي من اللاتي يتمتعن بدعم العائلة أو الزوج أو ممن لديهن توجهات واضحة للمهنة وممن يسكن المدن.

ومن أبرز التحديات التي تواجهها المرأة أمام استكمال تعليمها العالي: نقص الموارد المالية بسبب انخفاض المستوى المعيشي، وثقل المسئوليات الأسرية التي تجعلها في خوف دائم من عدم القدرة على الموازنة بينها سواء كانت زوجة أو أم أو بنت أو أخت، بالإضافة إلى النظرة الدونية لتعليم المرأة وتبني فكرة أن التعليم مهم للرجل أكثر منه للمرأة .
إن تبني فكرة دعم المرأة للاستفادة من أسلوب التعلم عن بعد وما صاحبه من مرونة في التعلم نتيجة للتطورات التكنولوجية الهائلة يمكن أن يكون طريقة مثالية لتقليل التأثير السلبي لمثل تلك التحديات والمتطلبات الاجتماعية والثقافية. فالتعلم عن بعد يمكن أن يجلب معه الكثير من الفرص التي تمكن المرأة من النهوض بمستواها الثقافي الذي ولا شك سينعكس بشكل إيجابي على مستواها الاقتصادي والاجتماعي. فالأسلوب التسويقي للبضائع الذي ظهر خلال التسعينيات والقائم على سياسة "24 ساعة لمدة 7 أيام متواصلة" والذي بسببه أصبحت الأسواق المركزية ومحلات البضائع مفتوحة للزبائن لمدة 24 ساعة في اليوم ولمدة 7 أيام في الأسبوع أنتقل الآن إلى التربية فالطفرة التكنولوجية يسرت ظهور أسلوب التعلم عن بعد الذي جعل التعليم بدوره متوافرا للراغبين فيه في أي مكان وفي أي وقت من اليوم من دون حاجة إلى مغادرة المنزل للالتحاق بالمؤسسة التعليمية التي تقدم التعليم النظامي.
وتشير الأدبيــات العالمية إلى أن الكثير من النجاحات التي تحققت للعديد من النساء بسبب التعلم عن بعد وما جلبه لهن من فرص ما كانت ستتوافر لهن بدونه. حيث ترصد كل من تجربتهن وتجربة مجموعة من الباحثات في كتاب يتضمن قصص نجاح لثلاثة وعشرين حالة لنساء من ست دول في آسيا في أن كيف التعلم عن بعد غير حياتهن للأفضل. كما تؤكد الباحثات في كتابهن على أن الغرض من نشره كان تشجيع النساء في العالم على المشاركة في نظام التعلم عن بعد.
وتبين احد الباحثين في دراستها المستمدة من رسالتها للدكتوراه حول نفس الموضوع قصص نجاح تسعة نساء من كندا ساهم التعلم عن بعد في تحقيق أهدافهن في التعليم وتعويضهن عن ما فاتهن من فرص بسبب ظروفهن الاجتماعية. بل تروي في دراستها عن كيف أن التعلم عن بعد ساهم في أن تصل إحدى هؤلاء النساء إلى الحصول على شهادة الدكتوراه.
كما تشير كل إلى أن من أبرز الفرص والمزايا التي يمكن أن يتيحها التعلم عن بعد للمرأة الآتي:
- بقاء المرأة في منزلها سواء كانت زوجة أو أم ودون أن يأخذها هذا النوع من التعليم بعيدا عن الزوج أو الأطفال.
- الاستفادة الذاتية للمرأة من خلال تحقيق ما تصبو إليه من نمو وتطلعات وزيادة الثقة بالنفس عند التعامل مع الآخرين.
- استفادة أطفال الأسرة في كون الأم قدوة يمكن أن يحتذى بها في تنظيم عاداتها الدراسية.
- تبادل الخبرات مع نساء أخريات والاستفادة من تجاربهن المماثلة في الحياة.
- يمكن أن تعين خبرة التعلم عن بعد المرأة في التخلص من القلق والمخاوف التي تساورها في أن تكون طالبة علم تعود مرة أخرى لمقاعد الدراسية.
كما أن هناك مزايا أخرى يمكن أن تستفيد منها المرأة حتى بعد استكمال تعليمها بالإضافة إلى ما سبق ذكره من مزايا يمكن أن يحققها التعلم عن بعد للمرأة أثناء فترة تعليمها. ومن أبرز تلك المزايا استفادتها من التعامل مع التكنولوجيا وما يمكن أن توفره لها من الالتحاق بمهن تكنولوجية يمكن أن تدر عليها عائد مالي مجزي. فيمكن للمرأة ومن خلال تواجدها في منزلها وتعاملها مع حاسوبها الشخصي أن تمارس مهن متعددة كالطباعة والإخراج الفني وبناء المواقع الإلكترونية وغيرها من المهن التي لا تتطلب التواجد الدائم للموظف في مكتب معين والتزامه بساعات عمل محددة.
تظهر العديد من الأدبيات التربوية الخاصة بالمجال بأن هناك جهود متناثرة للدول العربية منذ الستينيات للولوج إلى عالم التعليم المفتوح والتعليم عن بعد. ورغم أن هذه الجهود تعتبر متواضعة إذا ما قورنت بما يدور على الساحة العالمية إلا أن العديد من هذه الدول تحاول اللحاق بركب الدول المتقدمة فيما يتعلق بتبني فلسفة التعليم المفتوح والتعلم عن بعد.
يأخذ التعلم عن بعد أنماطا متنوعة في العالم العربي. فهناك جامعات متخصصة في التعليم المفتوح مثل جامعة القدس المفتوحة في فلسطين والجامعة المفتوحة بليبيا وجامعة السودان المفتوحة وكذلك الجامعة العربية المفتوحة بفروعها المتعددة. وتماثل الدراسة في جميع هذه الجامعات نمط الجامعة المفتوحة في بريطانيا.
كما أن هناك الجامعات التقليدية التي أخذت بالنموذج المختلط أو المتآلف للتعلم عن بعد والذي يمزج بين التعلم عن بعد والتعليم التقليدي. ويقصد هنا التعلم عن بعد بنماذجه المختلفة من استخدام مؤتمرات الفيديو التعليمية إلى التعلم الإلكتروني الذي يوفر المرونة التامة للمعلم في استكمال تعليمه. وهناك نمط يرتكز برمته على التكنولوجيا والذي يعتبر نموذج مثالي لتوظيف التعلم الإلكتروني في التعليم والتدريب والمتمثل في الجامعات الافتراضية والتي من أبرز أمثلتها في العالم العربي جامعة آل لوتاه في دولة الإمارات العربية المتحدة ولمنظمة اليونسكو جهود واضحة في هذا الشأن ممثلة في الدعم الذي يقدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالنسبة لبعض البلاد العربية. حيث بدأ البرنامج جهوده بمشروع تمهيدي في ثلاثة مواقع بالمملكة العربية السعودية هي الرياض والدمام وجدة. وظهر المشروع تحت مسمى "التدريب عن بعد للنساء السعوديات المهنيات للاستفادة من التطورات السريعة للإنترنت كوسيط للتعلم. وكان مدة المشروع سنة وموجه على وجه الخصوص لمجموعة معينة من المتعلمات وهن النساء المهنيات المنخرطات في قوة العمل السعودية. ويهدف المشروع إلى تزويد المشاركات باحتياجاتهن من المهارات الإدارية وفي مجال تقنية المعلومات لتطوير أدائهن في العمل بما ينعكس بشكل إيجابي على المؤسسات التي يعملن بهن. وسوف تمدهن تلك المهارات بسمات تجعلهن قادرات على المنافسة في بيئات عمل تنافسية ساهمت العولمة في ظهورها. وموقع المشروع على الإنترنت يدعو كل من لديها الرغبة إلى المشاركة ويوجهها إلى كيفية الاشتراك في المشروع واختيار المقررات المناسبة. ويمكن للمشروع إن سار وفقا لما هو مخطط له أن يستخدم كإطار عمل يمكن تبنيه لتحقيق الاحتياجات التدريبية في الوطن العربي خاصة مع توافر محتواه باللغة العربية.
كما افتتح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مارس 1999 بجمهورية مصر العربية ثلاثة مراكز لتعليم تقنية المعلومــات في محافظة الشرقية كجزء من برنامجه التنموي المعنون (التطــوير بوساطة تــقنية المعلومــاتIT for Development- ) والذي يستخدم تقنية المعلومات كأداة تطويرية فاعلة لدعم التنمية البشرية المستديمة. وتلك المراكز موجهة لخدمة مؤسسات المجتمع المدني والأفراد من ذوي الدخل المحدود بما فيهم النساء لتمكينهن من التعامل مع تقنية المعلومات مما سيوفر لهن حق التعليم مدى الحياة والحصول على العمل المناسب الذي يمدهن بالحياة الكريمة.
وحيث أن هذه القضايا تهدف إلى تعرف دور التعلم عن بعد بأنماطه المختلفة في تنمية المرأة العربية ما دامت تسمح لها هذه الأنماط بتحقيق التوازن فيما يتعلق بمسئولياتها والتزاماتها الشخصية وتطلعاتها المستقبلية، فقد تم إجراء بعض المقابلات مع مجموعة من النساء العربيات الدارسات بأسلوب التعلم المفتوح والتعلم عن بعد. وكان جهاز الهاتف وسيلة الاتصال بهؤلاء النسوة المتواجدات في البيوت للتعرف على بعض جوانب تجربتهن في استكمال تعليمهن باستخدام أسلوب التعلم عن بعد.














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناشطة الاجتماعية فاطمة حكيم


.. رئيسة جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أميرة سكر




.. المحامية فداء عبد الفتاح


.. أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية




.. عضو الهيئة واللجنة وممثلة نقابة الأطباء في بيروت جوزيان ماضي