الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الصلاحيات بين المركز والأطراف

صاحب الربيعي

2008 / 7 / 3
المجتمع المدني


الفيدرالية آلية لتوزيع الصلاحيات بين المركز والأطراف، أي أن المركز يمنح جزءً من صلاحياته للأطراف لتمارس مهمها الإدارية والفنية بشكل مستقل للنهوض بواقع الخدمات والتنمية، ولايقلل ذلك من شأن المركز وإنما يرفع الأعباء عن كاهله للإطلاع بدور أكبر في تيسير شؤون الدولة والمجتمع.
إن إستقلالية قرارات الحكومات المحلية في الأطراف لاتعني إطلاقاً عدم خضوعها لإشراف ومتابعة المركز إدرارياً ومالياً والذي يعتبر عقل الدولة المركزي الملم بكافة شؤونها وتطلعاتها المستقبلية. إن جهل النخب السياسية بالمفاهيم والآليات السياسية المتعلقة بتوزيع الصلاحيات بين المركز والأطراف في النظام الفيدرالي في الدول المتخلفة وغير المستكملة لمستلزمات بناء نظامها الديمقراطي جعلها تعتقد أنها غير خاضع للمركز أو أنها حكومات موازية للمركز، أو أنها حكومات معارضة للمركز.
فذهنية الاستحواذ والهيمنة التي تحكم النخب السياسية في الدول المتخلفة، أما ذهنية قومية-عنصرية وأما ذهنية دينية-طائفية وأما ذهنية تسلطية-إلغائية، لإنها نتاج لأنظمة ديكتاتورية سابقة وغير متسلحة بالثقافة والعلوم السياسية وتفتقد للشعور الوطني وهاجسها الأساس الاستيلاء على السلطة وإخضاع الآخرين ونهب المال العام. لذلك ليس غريباً أن تتشظى الإرادات السياسية إلى مجموعات متناحرة تمارس العنف والقهر لإخضاع بعضها بعض تارة عبر العنف وتارة أخرى عبر الاستقواء بقوى خارجية لفرض إرادتها السياسية.
إن الفهم القاصر للنظام الديمقراطي في الدول المتخلفة باعتباره يمنح حريات غير مقيدة يشجع الكيانات الحزبية على ممارسات لاتنسجم ومهام الدولة، لذلك لابد إخضاعها للنظام وتقييد الحريات لحدودها الدنيا، فالحرية لاتمنح للقاصرين والخارجين على القانون.
والعمل على خلق ورشات عمل لشرح ماهية الحرية وحدودها وواجبات وحقوق المواطن ومهام السلطة في الحفاظ على النظام باعتبار الدولة وما تمثلها من سلطات هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن ضبط الأمن وفرض النظام على كافة الفئات الاجتماعية دون استثناء. فعند اختلال النظام وعدم إنصياع الكيانات الحزبية للأنظمة والقوانين أو تطاولها على المركز يتوجب فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية وتعطيل الدستور لإخضاعها للمساءلة والمحاسبة القانونية.
يعتقد ((والتر مورفي))"أن إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية، هو أحد الحلول لمعالجة أعمال العنف بين الطوائف والمجموعات الأثنية للحفاظ على النظام وصيانة حقوق المجتمع".
إن الصراع على الصلاحيات بين المركز والأطراف ظاهرة ليست شاذة حتى في الدول الديمقراطية، وذلك لإختلاف الرؤى حول تفسير بنود الدستور حيث يجد كل طرف من الأطراف السياسية المتنازعة (سواءً بين المركز والأطراف أو بين الأطراف ذاتها) بإنها تمارس صلاحياتها بشكل دستوري متهمة الطرف الآخر بخرق الدستور.
ويعد الفيصل بين الأطراف المتنازعة حول الصلاحيات، المحكمة الدستورية العليا التي من المفترض أن تكون محايدة في إصدار قراراتها الملزمة لكافة الأطراف المتنازعة. لكن الأمر ليس بالشفافية المتواخاة فقد تخضع لتجاذبات سياسية تجعل قراراتها غير محايدة لأنها بالأساس شُكلت لاعتبارات سياسية (أو محاصصة بين الأطراف السياسية-القومية والأثنية) بالرغم من أن الأتجاه العام يوحي بإنها يجب أن تكون غير خاضعة للتوجهات السياسية لكن الواقع العملي يؤشر إلى أن تنسيب أو إقالة أحد قضاتها يتطلب قراراً سياسياً!.
لذلك تجد قرارات المحكمة الدستورية العليا حتى في الدول الديمقراطية أما إنها غير حاسمة لتفسح المجال للتوافقات السياسية أو أنها تشكل غطاءً غير شرعي للتجاوزات الدستورية خاصة في الدول التي لم تستكمل بناء مستلزماتها الديمقراطية وتخضع السلطة القضائية فيها للإرادة السياسية أكثر من خضوعها للتشريعات الدستورية والقوانين الناظمة.
يرى ((مايكل بارنتي))"أنه إذا نظر القضاة في المحكمة الدستورية العليا بعين الرضا إلى قضية ما فإنهم يجادلون بالقول: ليس هناك في الدستور ما يمنع ذلك. أما إذا نظروا إليها بعدم الرضا فإنهم يجادلون بالقول: ليس هناك في الدستور ما يشير إلى ذلك. وبما أن معظم الأعمال التي تتصل بالحكومة أو المجتمع لاتذكر على وجه التحديد في الدستور، فيمكن الحكم عليها: بأن الدستور لايمانع أو أنه لايقرها وذلك تبعاً للميول السياسية للقضاة القابضين على المحكمة الدستورية العليا".
إن النوايا غير السلمية للنخب السياسية هي المعطلة للإجراءات الدستورية فعند غياب الشعور الوطني وإرتباط النخب السياسية بأجندة خارجية لايمكن لأي تشريع دستوري أن يضبط أداءها السياسي، لأنها لاتحتكم لأجندة وطنية بقدر أحتكامها لأجندة خارجية.
فبدون ضبط آلية تشكيل الكيانات الحزبية وإخضاعها لتشريع دستوري يفرض عقوبات صارمة على من يتعاطى منها مع أجندة خارجية، لايمكن التعويل على التوافقات السياسية الآنية لبناء دولة القانون التي تحظى بالاحترام والتقدير بين دول العالم.
تعتبر التشريعات الدستورية بمثابة خارطة طريق لبناء الدولة الحديثة وما تُلزم (وتؤمن وتخضع) كافة النخب السياسية للتشريعات الدستورية في توزيع الصلاحيات بين المركز والأطراف لإدارة شؤون الأطراف وعدم السعي لتهميش المركز وإعتباره سلطة قهرية وليست سلطة مشرفة ومكملة للآليات الديمقراطية الهادفة لبناء دولة القانون التي تحفظ حقوق كافة مكوناتها الاجتماعية دون استثناء، فالولاء للدولة يعني الولاء للوطن وبالمحصلة الولاء للمجتمع وبالتالي فإن آليات العمل بين الأطراف والمركز يجب تكون تعاونية ومكملة بعضها لبعض لإنجاز الهدف المنشود في بناء دولة القانون.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ