الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوبيل الذهبي لثورة 14 تموز عام 1958 الخالدة

خليل الجنابي

2008 / 7 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نصف قرن يمرعلى ثورة 14 تموز الأبية , لكنها لا زالت طرية في ذاكرة الذين عاشوها وتعايشوا معها . ولم تكن الثورة المباركة بنت يومها , بل كانت نتيجة حتمية للأوضاع المتردية على كل الأصعدة , السياسية والاقتصادية والإجتماعية , وكذلك للأوضاع الدولية المحتدمة , والصراع بين قِوى الخير والشر , فمن جانب كان هناك الإتحاد السوفيتي ودول المعسكر الإشتراكي , وقِوى حركة التحرر الوطني والأحزاب الوطنية والحركات السياسية , ومن جانب آخر المعسكر الغربي والدول الإستعمارية وأحلافها العسكرية , وفي المقدمة منها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وحلفائهم من الأنظمة الرجعية والعميلة والأنظمة الدكتاتورية , وكذلك لإرتباط العراق بالأحلاف العسكرية كحلف ( بغداد ) المقبور وإرتباطه بمنطقة الإسترليني , وجعله بؤرة تآمر على حركات التحرر في العالم , وتآمره على ثورة 23 يوليو المصرية , كما كان لتأميم النفط في إيـران زمن ( مُصدق ) , وتأميم قناة السويس , والإعتداء الثلاثي على مصر , من الاُمور التي جعلت الحماس متقِداً عند العناصر الوطنية في الجيش , أما على الصعيد الإقتصادي , فكانت الجماهير الكادحة تزداد فقراً , والبطالة متفشية , والحريات الديمقراطية مسلوبة , الى جانب وجود آلاف السجناء السياسيين يقبعون في السجون في عموم العراق , كما كان للدور الفعال الذي لعبته جبهة الإتحاد الوطني ( الحزب الشيوعي العراقي , حزب البعث العربي الإشتراكي , حزب الأستقلال , الحزب الوطني الديمقراطي ) , كان له أثراً بالغاً , لجماهيريتها الواسعة , وأعطائها الدعم لأي عملية تغيير , وإنقاذ العراق من الحكم الملكي الرجعي الإقطاعي . كل هذا وغيره دفعت العناصر الواعية في الجيش العراقي الباسل , والمتأثرة والمتشبعة بألروح الوطنية من أن تُنظم نفسها في حلقات متناثرة , ولم يكن لها في بداية الأمر شكلاً تنظيمياً كما هو معروف لدى الأحزاب السياسية , وكانت الأتصالات فردية , وتقوم على أساس التزكية ألشخصية ومعرفة أحدهم للآخر معرفة جيدة , مع مراعاة الحيطة والحذر , وهكذا أخذت أعدادهم تزداد يوماً بعد يوم , وإنظم كِبار الضباط الى ( تنظيم الضباط الأحرار ) , وغطوا وحدات عسكرية كثيرة ومهمة مما سهل عملية السيطرة السريعة والحاسمة في يوم إنبثاق الثورة المجيدة .
إن ثورة 14 تموز ( طُبِخت ) على نار هادئة كما يقولون , حيث أن بدايات التحول على قادتها وإنظمامهم الى جانب الشعب بدأت منذ زمن بعيد , وعلى وجه التحديد منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 , وتبيانهم زيف الأنظمة العربية , وكيف أنهم كانوا يتاجرون بالقضية الفلسطينية , وأخذت تنمو عندهم روح التضحية والفداء من أجل الشعب والوطن .
إن الإطمئنان التام من قِبل الحكم الملكي ونوري السعيد بأن ( دار السيِّد مأمونة ) , وأنه لا خطر عليهم من الجيش , راح الزعيم عبد الكريم قاسم وصحبه الأبرار يتحينون الفرص , وكانت سانحة جداً عندما صدرت الأوامر من القيادة العامة للجيش بتحريك اللواء العشرين والمرابط في المنصورية في مدينة المقدادية والسفر الى المفرق في الأردن لإسناد القوات الاردنية أمام التهديدات الإسرائيلية , مروراً ببغداد , وكان الزعيم عبد الكريم قاسم يقود اللواء التاسع عشر , فوضع خطة مع العقيد الركن عبد السلام عارف بإعتباره آمر اللواء العشرين الذي سينفذ مهام الثورة , ورسما خريطة لسير اللواء والنقاط المهمة التي سيسيطر عليها وهي مقر قيادة الجيش في وزارة الدفاع والسيطرة على مركز إتصالات الهاتف المركزي والسيطرة على دار الاذاعة إضافة إلى أهداف حيوية أُخرى كالسيطرة على القصر الملكي وقصر نوري السعيد ومعسكري الرشيد والوشاش , كما تشكلت غرفة عمليات سريه يديرها عبد الكريم قاسم من مقره في معسكر المنصورية , وفي الليلة المباركة 13 / 14 / 7 / 1958 , تحركت الجحافل وهي تحمل بين ثناياها وجنباتها مصابيح الثورة , وأعلنت قيام الجمهورية العراقية .
إن التعاطف الكبير من قِبل الجماهير إزاء الثورة كان ( كألسيل العَرِم ) الذي يجرف كل شئ في سيره , وكان هذا عاملاً قوياً لشل حركة أعداء الثورة في الأيام الأُولى من قيامها , كما تهيأت الأحزاب الوطنية هي الأُخرى لهذا الحدث العظيم , فقد أصدر الحزب الشيوعي العراقي في يوم 12 / 7 / 1958 , تعليماته الى منظماته الحزبية , يدعوهم فيها الى اليقظة والحذر والإستعداد للأحداث القريبه اللاحقة , وكذلك فعلت الأحزاب الأخرى قدر قربها من رجال الثورة .

البيان رقم واحد
صادر من القائد العام للقوات المسلحة الوطنية
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب الكريم
بعد الإتكال على الله وبمؤآزرة المخلصين من أبناء الشعب والقوات المسلحة الوطنية . أقدمنا على تحرير الوطن العزيز من سيطرة الطغمة الفاسدة والتي نصبها الأستعمار لحكم الشعب والتلاعب بمقدراته وفي سبيل المنافع الشخصية . إن الجيش منكم وإليكم , وقد قام بما تريدون وأزال الطبقة الباغية التي استهترت بحقوق الشعب , فما عليكم إلا أن تؤآزروه . واعلموا أن الظفر لا يتم إلا بترصينه والمحافظة عليه من مؤآمرات الأستعمار وأذنابه وعليه فإننا نوجه إليكم نداءنا للقيام بإخبار السلطات عن كل مفسد وسئ وخائن لإستئصاله . ونطلب منكم أن تكونوا يداً واحدة للقضاء على هؤلاء والتخلص من شرهم .
أيها المواطنون :
إننا في الوقت الذي فيه نكبر فيكم الروح الوطنية الوثابة والأعمال المجيدة , ندعوكم الى الإخلاد والسكينة والتمسك بألنظام والتعاون على العمل المثمر في سبيل مصلحة الوطن .
أيها الشعب
لقد أقسمنا أن نبذل دماءنا وبكل عزيز علينا في سبيلكم , فكونوا على ثقة وإطمئنان بأننا سنواصل العمل من أجلكم وأن الحكم يجب أن يعهد إلى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لا يتم إلا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بألوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية وتعمل بمبادئ الأمم المتحدة وتلتزم بالعهود والمواثيق وفق مصلحة الوطن وبقرارات مؤتمر باندونغ . وعليه فإن الحكومة الوطنية تسمى منذ الآن - الجمهورية العراقية - وتلبية لرغبة الشعب فقد عهدنا رئاستها بصورة وقتية الى مجلس سيادة يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية ريثما يتم إستفتاء الشعب لإنتخاب الرئيس .
فالله نسأل أن يوفقنا في أعمالنا لخدمة وطننا العزيز إنه سميع مجيب .
بغداد في اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1377 هجرية , الموافق لليوم الرابع عشر من تموز سنة 1958 م .

العقيد الركن عبد السلام محمد عارف
عن القائد العام للقوات المسلحة الوطنية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو