الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحسد هل هو وباء جديد في العراق

عبد الجبار منديل

2008 / 7 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تقول الحكاية الروسية القديمة ان ايفان ايفانوف وبيتر بيتروف كانا جارين ، ولكنهما في ذات الوقت كانا عدوين لدودين . كان كل منهما يحسد الأخر في كل شيئ، في رزقه وفي ابنائه وفي مزرعته، ويرصده وينظر الى ماله وعياله وفي صحته وفي نومته ... الخ . وفي احد الأيام ذهب ايفان ايفانوف الى الكنيسة وعاد منها وهو يقود بقرة كبيرة وسمينة، واستغرب بيتر بيتروف واكلت قلبه الغيرة لذلك راح يستقصي ويستفسر عن سر هذه البقرة ، وعلم بعد الإستقصاء والإستفسار ان ايفان ايفانوف طلب من رب العالمين ان يهبه بقرة، وهكذا وهبه رب العالمين هذه البقرة .
وفي اليوم التالي استعد بيتر بيتروف ليذهب هو الأخر الى الكنيسة ، ولبس افخر ما لديه من ثياب واخذ سمته باتجاه الكنيسة . وتوقع الناس الذين يعرفون بموضوع المنافسة بين الرجلين انه سيطلب ايضا بقرة من رب العالمين اسوة بجاره، ولكنه ما ان وصل الكنيسة حتى طلب من رب العالمين بعد الصلاة والتضرع ان تموت بقرة ايفان ايفانوف .
وهكذا لا هو يريد ان يستفيد ولا الأخر يجب ان يستفيد، عليّ وعلى اعدائي او عليّ وعلى اصدقائي او عليّ وعلى الناس جميعا .
ان الحسد يتحول الى حقد اعمى، ( اذا مت عطشانا فلا نزل القطر ) كما يقول الشاعر ابو فراس الحمداني ، او اكثر من ذلك الى الجحيم العالم كله ، القطر ومن سوف ينزل عليه القطر . هذا هو الحسد انه مشاعر قاتلة تقتل صاحبها قبل ان تقتل الأخرين .
يقول الدكتور جمال الشمري في احد بحوثه العلمية العميقة ( يحصل الحسد دائماً نتيجة مقارنة اجتماعية ، اي عندما يقارن الشخص نفسه مع شخص او اشخاص اخرين، ويتضمن دائماً موقف سلبي تجاه الأخرين . وينقص الحاسد القدرة على تقدير ذاته بصورة عقلانية . فيكون متمركزاً حول ذاته . بل يعتقد انه ليس من العدل ان يمتلك الأخر قدرات معنوية او مادية ولا يمتلكها هو . ويبعد عند المقارنة الأسباب الموضوعية التي شكلت مكانته الإجتماعية او وضعه المعاشي او نوع مهنته او امكاناته وقدراته الشخصية ويذهب الى ابعد من ذلك حيث يعد نجاح الأخر او الأخرين استفزازاً له ويسعى الى تدمير نجاحات الأخرين بغض النظر عن لا اخلاقية الوسائل التي يستخدمها . )
كان فقهاء اللغة العربية القدماء يفرقون بين كلمتين متناظرتين في المعنى العام ومختلفتين في المعنى الخاص، وهما كلمتا ( يحسد ) و ( يغبط ) فإنه ينفس نعمة الأخر مع تمني زوالها اما من يغبط فإنه ينفس النعمة عند الأخر ولكنه يتمنى بقائها على ان يكون له مثلها . اي ان يكون لديه من الحظ والفرص ما يساعده على ان يكون بمستوى الأخر .
كان المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم يقول رداً على من يريدون مصادرة اموال الأغنياء .. اننا نريد ان نرفع مستوى الفقراء الى مستوى الأغنياء لا ان نهبط بمستوى الأغنياء الى مستوى الفقراء .
ومن الغريب ان ظاهرة الحسد التي كانت غريبة عن المجتمع العراقي قد برزت في ظل النظام السابق حتى اصبح كل العراق ضحية لها بعد سقوط ذلك النظام من خلال عمليات ( الفرهود ) التي طالت كل شيئ في العراق من الأموال العامة الى الأموال الخاصة ثم اتسعت في ظل الفوضى العارمة التي سادت بعد ذلك لتشمل كل الناس . وهكذا ظهرت مصطلح ( علمي) جديد هو مصطلح ( العلاسة )، هذا المصطلح الغريب الذي يدل على ان هناك رصد لكل ارزاق الناس ولكل ما لديهم ولكل اموالهم وما يحصلون عليه لأنه توجد فئات طفيلية تريد ان تعيش على حساب الأخرين بدلاً من ان تعيش بشرف وتقوم هي الأخرى بالعمل والكد والجهد للحصول على الرزق الحلال الذي تستحق .
نظن ان العراقيين هم اكبر من هذه الظاهرة وانها سوف تزول ويزول معها الحاسدون الحاقدون الفاشلون واصحابهم سواء من
( علس ) او من يتوقع ان ( يعلس ) ظال الزمن ام قصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أيرلندا والنرويج وإسبانيا.. قصة اعتراف بفلسطين رغم رفض إسرائ


.. إسرائيل تعتبر اعتراف دول أوروبية بدولة فلسطينية -مكافأة للإر




.. هل تعترف واشنطن بدولة فلسطين في إطار صفقة مع السعودية؟


.. دول أوروبية جديدة تعترف بالدولة الفلسطينية.. من هي الدول الت




.. يوروبا ليغ: ثلاثية لوكمان تقود أتلانتا للفوز باللقب على حساب