الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشجار تحب بصمت

حذام يوسف طاهر

2008 / 7 / 10
المجتمع المدني


صمود السدرة
تعودت ومنذ صباي أن اتواصل مع الأهل والأصدقاء وأكون المبادرة بالسؤال عنهم ومتابعة أخبارهم ، وهذا ورثته عن الوالد رحمه الله .. حتى في المرحلة الصعبة التي مر بها البلد ،وكان موضوع التنقل صعب جدا بين المناطق .. كان لي تواصل مع الأقارب عن طريق الموبايل الذي دخل رحمة للعراقيين وسهل الكثير من مفردات حياتهم ، وأعتدت أيضا على زيارة شقيقة لي في بغداد بعد أن توزع الآخرين في بلاد الله الواسعة مابين هولندا ولندن والبقية في شمال العراق .. وعند زيارتي لها وفي الشارع الذي يقع فيه منزلهم لفتت نظري شجرة كبيرة لسدرة جميلة جدا بخضارها حيث كان الشارع يخلو تماما من أي شجيرات أخرى غير تلك السدرة الباسقة دوما الصامدة بوجه العواصف الترابية التي تكررت بشكل مرعب خلال هذه الفترة .. تقف السدرة وحيدة ليس لها أنيس سوى بعض الأطفال اللذين يشاكسونها بملاحقة بعضهم حولها ونزع بعض الاغصان منها ليلعبوا بها ... هذه الشجرة التي كانت محاطة بمجموعة من النخلات أويمكن تسميتهم صغار النخيل (لأن طولهم لم يتجاوز العشرين سنتمتر).. منحت هذا الشارع بعضا من الحيوية والجمال الذي لم يعجب بعض المجرمين ولايروق لهم منظر الأعمار والخضار فلم يجدوا طريقة للأنتقام بها من العراق والعراقيين غير أن يزرعوا عبوة تحت هذه الشجرة مباشرة فتنفجر لتصدر صوتا أرعب الأطفال حينها والحمد لله لم يكونو يتحلقون حولها لأن الوقت كان متاخرا بعض الشيء والظلام يسود المنطقة بسبب أنقطاع التيار الكهربائي .. وفي الصباح فُجعوا بصديقتهم السدرة التي طالما لعبوا معها ونزعوا منها بعض اغصانها ولم تعترض بل كانت تقف صامدة وسعيدة بتحلق الأطفال حولها وكأنهم يشاركوها اللعب بمطارداتهم حولها .. أنفجرت العبوة ونزعت كل كل ماتحلق حول السدرة من صغار النخيل ومن أوراقها الخضراء ولم يتبق منها سوى بعض الوريقات التي كانت في قمة السدرة ...
منظر مؤلم فعلا لكني مع ذلك ذهبت اليها وأعتذرت منها نيابة عن المتخلفين اللذين يخافون حتى من منظر تلك الشجرة قبلتها وقلت لها وكأنها تسمعني ( الحمد لله على السلامة) .

تحدي الكالبتوز
قبل أيام كنت أتحدث مع أحدى الصديقات عن فرحة الأشجار عندما أسقيها وأتصورها كانها طفل سعيد بإحتضان أمه له وهذا بالفعل ماكنت أشعره عند سقي الأشجارفأراها تتحرك بطريقة رائعة عند نزول قطرات الماء عليها وكأنها ترقص وتميل نحوي وتدعوني للرقص معها أو ربما كانت تريد أن تشكرني بطريقتها الخاصة ، فتحدثني صديقتي عن واحدة من الأشجار التي رزعتها في حديقة منزلها الخارجية ولم تعجب زوجها وكانت (كالبتوزصغيرة) فأقتلعها ورمى بها بعيدا لأنها في رأيه تزاحم بقية الشتلات فأنتفضت صديقتي لهذا الموقف وكانت منفعلة جدا لهذا السلوك وتكلمت بحده معه حول رميه للكالبتوز... وبعد يومين يبست الأوراق وسط حرارة الصيف التي لاتطاق ، لكن صديقتي أصرت على أعادة زراعتها وهي يائسة تماما من أرجاع الخضرة لها ومع هذا بقيت تسقيها وكأنها تتوسل لها أن تحيا وتكبر.. ثم .. وبعد ايام تفاجأت بظهور أوراق خضر لامعة جميلة على الكالبتوز فلم تتمالك نفسها وأتصلت بي تبشرني بأعادة الحياة لهذه الشجرة الصغيرة .. وهنا قلت لها ودون أن أعي ماقلت : هل تعلمين أن تلك الشجرة سمعت حوارك المتوتر مع زوجك؟ فضحكت مني ولم تعلق لكني كنت اؤكد لها وأقسم أن الشتلة سمعت الحوار وتعاطفت معك ولم ترغب أن تخيب أملك فيها فأصرت على أن تحيا لعيونك لأنك دافعت عنها وبأصرار.. وفي اليوم التالي ذهبت الى بيت صديقتي وقبل أن أدخل للمنزل رحت لتلك الشتلة الصامدة والقوية وقلت لها الحمد لله على السلامة وأشكرك لأنك لم تخيبي ظننا فيك وقبلتها بصدق ،وعندما التفت وجدت صديقتي وأولادها يتابعون الموقف بأستغراب فدعيت أصغرهم (خمس سنوت) قلت له " تعال حبيبي سلم عليها وبوسهة راح تحس بيك ... " ولم يتأخربل كان مؤمنا بأن قبلته ستصل للشتلة وتساعدها على النموولم ينحني لانه بطولها .. وقبل أن أدخل للبيت القيت عليها التحية مرة أخرى وقلت لها الف الحمد لله على السلامة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين