الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملك عبد الله السعودي بين سنة سورية وفتن لبنان

نبيل الحسن

2008 / 7 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مواجهات عنيفة جرت في معتقل وسجن صيد نايا السوري , والتي يبدو أن ذيول أحداثها لم تنته تماما رغم التعتيم الرسمي وتناقض البيانات , ولكن الواقع أن هنالك المئات إن لم نقل الألوف من الموقوفين لأسباب ليس منها جنح أو جرائم, خارج إطار السياسة والمعتقد وتطبيقاتها على الأرض , الأمر الأهم كما قيل إن أكثرية الموقوفين هم من الإسلاميين والأكراد , ولو (فسرنا) الحديث ونقلناه إلى الواقع الفعلي لقلنا ببساطة أن أكثرية السجناء هم من الطائفة السنية العرب زائدا الأكراد , وما ينشر ويقال عن إسلاميتهم قبل طوائفهم حاليا هو تحليق في الخيال وابتعاد عن الحقيقة المرة الساطعة التي أساسها أن في بلدان مثل العراق وسورية ولبنان , لا يوجد إسلاميين أو حتى أحزاب إسلامية بالمطلق , بل طوائف إسلامية مختلفة التوجهات , يتمحور قادة كل منها حول عمود الدين , بينما خندقهم وجماهيرهم ومناصريهم هي الطائفة وأفكارها وتحالفاتها , المنكرة غالبا لأفكار ومعتقدات الطوائف الإسلامية الأخرى التي تعيش معها في نفس البلد والمدينة والحي والقرية .
- سجناء صيدنايا في غالبيتهم من السنة العرب والأكراد , وهم استطرادا غالبية الشعب السوري إلى حدود ال75% , وفي المقابل هنالك معسكر الحكم المتمثل بالطائفة العلوية وتحالفاتها المذهبية الأقرب أليها , لا تتجاوز نسبتهم أل 10 % , ليبق الوضع هشا , ومذكرا بآخر أيام نظام صدام حسين وتحالفاته العشائرية المناطقية السنية الضيقة ضد الشيعة والأكراد , انفجرت وتحللت على أثره وتناثرت (وطنية ) المكونات العراقية لمصلحة التمركز القومي الطائفي الجديد , الذي يتطلب له سنوات من الجدل والاحتكاك والتراضي ليعود إن عاد وطنا فدراليا ديمقراطيا كما يحلم المتفائلين .
- نعود إلى أحداث سجن صيدنايا , وتركيبة المجتمع السوري ,حيث حكم وراثة الأقلية , أول إفرازاته سجون ومعتقلات مليئة بأبناء الأغلبية ولمختلف الأسباب , دفعهم الاستبداد نحو التطرف , وصولا حتى إلى سجناء الرأي الآخر رغم تواجد البعض من أهل الأقلية والأغلبية العلمانيين واضعي الوطن قبل الطائفة بينهم .
ولكن مايتوجب الإقرار به أن وضع كهذا غير قابل للاستمرار الأزلي رغم القبضة الحديدية للنظام الوراثي الاسدي , ولكن أين موقع السعودية من هذا كله , والدخول الحديث لملكها عبد الله على الخط اللبناني السوري في آخر تصريح منقول له , في صحف وفضائيات الإعلام السعودي الخارجي , يتوعد فيه مثيري الفتن في لبنان , ثم يتسع في حديثه وكأن لديه أوراق جديدة , ليهاجم أشرار المنطقة والإقليم ويتنبأ لهم بالنهاية المحتومة , فهل شغب صيدنايا بداية معلومة ؟ فالحديث ليس من باب المماحكة ولا ينطلق من فراغ مما يستوجب العودة للوراء قليلا وفحص عناصر الصراع بين قوى النفوذ في المنطقة ومدى اختلافهم وأين تلاقيهم .
- في لبنان تتقاطع السعودية مع النظام السوري , فسياستها المعلنة تساند قوى الأكثرية الليبرالية المتمثلة في تكتل 14 آذار الحاكم , ولكنها في واقع الحال تستثمر نفوذها من خلال التزام وتمويل إحدى القوى السنية المؤثرة والممسكة بالقرار السياسي داخل طائفتها , ممثلة بالحريري الأب أولا , ولكنها أي السعودية لم تحرك ساكنا , بغير عبارات التنديد واللهجة الغامضة والتعابير الدبلوماسية , عندما اغتال السوريون السيد رفيق الحريري , لأنه أصبح اكبر من مجرد ممثل لطائفته , ليتحول إلى زعيم وطني , تلتف حوله القوى المطالبة بالسيادة , ورحيل كل محتل ولو كان الشقيق السوري , وهنا تتلاقى الرغبتان السورية والسعودية في وئد وتدمير حلم لبنان الديمقراطي الحر العلماني , كما كان في الستينات وبداية السبعينات , ملتقى للمفكرين والفكر العربي الحر , وملاذ لأحرار العرب , المحاربين في بلدانهم , والمعارضين وفي مقدمتهم القادمين من سورية والسعودية , وهنا تظهر حقيقة أن التمحور والاحتراب الطائفي اللبناني , له أسبابه الخارجية المرتبطة بأفعال أنظمة شمولية وثيوقراطية , تريده مرتع لتصفية حساباتها , ومكان تنطلق منه أبواق صنائعها ممجدة ومادحة , لا منارة إشعاع تضيء لتكشف المستور من عيوبهم .
- نعود لحديث الملك عبد الله و( ساعة غروب من أراد الشر بلبنان والمنطقة تدنو ) , ولا حاجة للتوضيح بأنه يقصد النظام السوري , لان التطرق لإيران مثلا , اكبر من حجمه وحده , واكبر من أي (قدرة ) له على الفعل , فكل مايملك ويستطيع التصرف به هو مال نفطي متراكم أدهشته وهزت كيانه كميته المتراكمة في المصارف , يمول بها البعض أي كان ليقتلوا, أو ليمدحوا أو يهجو ا البعض الآخر, فليس له ولنظامه فكر أو امتدادات سياسية بنيوية , اوحتى شعب حي متحرك فيه العلماء والأدباء والمفكرين والفنانين من كلا الجنسين , بل نخبته فقط أهل فتاوي القتل والإجرام بحق من هو خارج الملة , فهكذا ملك نظام بائس حضاريا لاقدرة تحسب له على عقد تحالفات خارج التمويل , يستطيع من خلالها العمل والتكتيك , فهو صفر ومملكته على المستوى الستراتيجي , وفي القضايا الكبيرة عندما تستجد , فلا تضيع عنده طريق البوصلة المتجهة أمريكيا , ليبدأ تحريك القوات الصديقة , كما حصل سابقا مع أزمة نظام صدام , وما سيحصل لاحقا مع إيران , وتتحول السعودية ثانية إلى القاعدة والمنطلق .
- التساؤل البسيط ولكن المحدد والواضح , لماذا لاتدعم السعودية سنة سورية وتساند قواهم الفاعلة بوجه السيطرة العلوية الهشة , ولماذا لاتتدخل بالمال والسلاح والإعلام كما فعلت في العراق ؟ في محاولة لمنع ماتعتقده هيمنة شيعية على سنة العراق ومقاليد السلطة والحكم ! , وإرسالها بالتنسيق مع السوريين والقاعدة والصداميين , المال والسلاح والانتحاريين لتدمير كل أمل للنهوض الوطني وقيام دولة عراقية مستقرة ديمقراطية !, القضية إذن سياسية لا طائفية .
- الصورة واضحة أمام الملك السعودي ونظامه لو حاول مساندة شعب لبنان وغروب أعدائه , وهو التأسيس الديمقراطي لسوريا , ودعم مشاريع الأكثرية المغيبة المعارضة في سورية , ومد أحزابها بما تحتاجه من تعريف وتمويل , تمهيدا لانتخابات حرة في ارض الشام , تضع أي نظام قادم على أرضية صلبة لاحاجه له وقتها إلى تصدير أزماته الداخلية , فلماذا لا يفعلها السعوديون ؟ ألا يعني نظام ديمقراطي في دمشق يقوده سنة أل 75% انتصارا للسعودية ومذهبها وفتاويها , أم ستعتبره اندحار لها على المدى البعيد !؟
- نعود إلى نقطة البدء ولنتصور نظامان ديمقراطيان في لبنان وسورية ! لهما جذور قوية في التحزب والعلمانية وحرية الصحافة والآداب والتعبير , يتلاقى ويتمازج معهما شعب الجزيرة , المتطلع شمالا جغرافيا وتاريخيا , و الأقرب إلى استيعاب أفكارهما والمتعطش إلى ماينقذه من جهالة السلفية الوهابية التي لازالت تناقش ولحد اليوم مسألة قيادة المرأة للسيارة وهل هي حلال أم حرام !! .
- أي معنى لحديث الملك إذن غير الاستهلاك الخارجي , وإشعار مناطق نفوذه بأنه غير ساه عنها , في وجه المؤامرات الاسدية , كما أنها ضربة تحت الحزام لنظام دمشق لاتغيير موقف , لتذكير هذا النظام بان للآخرين القدرة على إيذائه , لو تجاوز المرسوم والمعترف به من الخطوط الحمراء الصالحة لبقاء الأنظمة , ضمن التفاهمات الفوقية الرسمية الدكتاتورية , المميعة والمشوهة والرافضة لتطلعات الشعوب في التغيير الحر نحو المجتمع الديمقراطي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم


.. 116-Al-Baqarah




.. 112-Al-Baqarah


.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ




.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا