الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل مفوضيه عليا لمنظمات المجتمع المدني

هادي ناصر سعيد الباقر

2008 / 7 / 16
المجتمع المدني


لعل العراق يلمس لأول مرّه في تأريخه مصطلح ( منظمات المجتمع المدني الغير حكوميه) .. وان حاول ويحاول الكثير, ألادعاء بوجود هذه المنظمات في العهود السابقه , وحتى في تأريخ العراق, الاّ أنّ هذا الادعاء لاينسجم أو يتفق مع مفهوم منظمات المجتمع الحديث الغير حكوميه في هذا العصر . اذ أنّ ما يحاول البعض الادعاء بأنّه كانت هناك هكذا منظمات , الاّ أنّ الحقيقه لم تكن هناك منظمات بهذا المفهوم الجديد , وانما كانت هناك تنظيمات قامت أمّا على اساس تجمع مهني له دوافع تفرضه تقاليد وآداب المهنه أو انّ دوافعها كانت دينيه متضاده مع السلطه الدكتاتوريه ابتداء" من العهد العباسي وحتي العهد السابق في محاولات كانت تنزع هذا النزوع .. أو انها كانت تنظيمات تتشبه بها ألأنظمه الدكتاتوريه الشموليه كي تكون لها عونا" بألأدعاء بوجودها أو عونا" لها كمجسات أمنيه للنظام تشاركه وتسانده في توجهاته القمعيه ...
انّ منظمات المجتمع المدني في هذا العصر الحديث : هي اتجاه هذا المجتمع الحديث لتطبيق الديمقراطيه بأوسع مدياتها , وتمكين الشعب بأن يقوم فعلا" بممارسة الحكم بنفسه يوميا" وفي كل مناحي الحياة . وهذا مايسمى بالديمقراطيه والتي تعني اصطلاحا" (( جكم الشعب ))... وقد أشار ضمنا" الى ذلك أرسطو في مدينته الفاضله : اذ بين ان الشعب يختار الحاكم الفيلسوف الدكتاتور .. ولما كانت السلطه تفسد الحاكم .. فيحق للشعب أن يثورعلى الحاكم ويعزله ويختار , أي الشعب , جماعة للحكم – ما نصطلح عليه بدكتاتورية الجماعه . وكذلك لمّا كانت السلطه بمرور الزمن تفسد هذه الجماعه : فيحق للشعب أن يثور ويتخلص من هذه الجماعه .. ويتولى الشعب الحكم بنفسه .. أي هنا جاءت البرلمانات الاّ انها سرعان ما تجد نفسها حبيسة جدران قاعاتها فتبتعد عن متابعة مشاكل وحاجات وتطلعات الشعب , فتم ألأستعانه بالمجالس البلديه , ولكنها ظلّت قاصره عن الاستيعاب اليومي للشعب . ثم قامت فكرة منظمات المجتمع المدني الغير حكوميه .
الشعب اذا مارس الديمقراطيه بمفهوم قيام ممارسات منظمات المجتمع المدني هذه : فان للديمقراطيه سيكون هدفا" آخر ألا وهو ( تربية الشعب ) بشكل مستمر وتصاعدي بمشاركة جميع أفراده وجماعاته . .. لذلك فانّ في هذا العصر الحديث يكون مفهوم منظمات المجتمع المدني الغير حكوميه : هي اداة العصر الحديث لتطبيق حكم الشعب من قبل الشعب .
منظات المجتمع المدني هي أحد سلطات الدوله , والبعض خطأ" يتصورون الدوله هي الحكومه – السلطه التنفيذيه هي الحكومه وهي مجموعة الوزارات التي لها برنامج لتطبيقه لتطوير المجتمع وحسب حاجاته . والوزاره والوزير يجدون أنفسهو حبيسوا روتين اداري او شكليات تجعل الوزارة تجتر جهودها فتفشل وتبتعد يوما" بعد يوم عن الشعب آلامه وآماله . والوزاره او السلطه التنفيذيه ليست لديها الوسائل والمجسات التي تحافظ على تواصلها اليومي مع الشعب .. فتتسع الهوه بينهما وتكبر وهذا هو سبب فشل الحكومات . من هنا تأتي أهمية المنظمات الغير حكوميه , حيث تكون عونا"لادامة التواصل اليومي والمستمر بين الشرائح الاجتماعيه والحكومه . وهذه المنظمات كذلك هي عين الشعب والرقيب على الجهاز التنفيذي .. وهذه المنظمات كذلك هي مع السلطه التشريعيه و مادامت كذلك فهي الممثل الحقيقي والمستمر لآمال وآلام الشرائح الاجتماعيه . فهي تشترك مع السلطه التشريعيه في انّ كلاهما منتخب ويمثل الشعب . فهي عين الشعب والسلطه التشريعيه , ويمكن أن تكون عونا" للسلطه القضائيه في صيانة القانون .. فهي منظمات الحقيقه وعينها ... فخوف السلطه التنفيذيه من منظمات المجتمع المدني هو خوف غير مشروع ولا يجوز للسلطه التنفيذيه ان تحاول التدخل في فرض سيطرتها على هذه المنظمات وهو ليس من سلطة وصلاحية الحكومه .
أن منظمات المجتمع المدني الغير حكوميه : هي منظمات مجتمع .. وليست منظمه واحده أو حزب واحد ! فكل منظمه يجب أن تمثل شريحه اجتماع واحده لها آلام واحده وآمال واحده , وتعاني من مشكلات واحده . أو هي منظمه تتعامل مع مشكله واحده لمجموعة شرائح أو المجتمع بأسره .
فالطفوله شريحه .. والمرأه شريحه .. والشباب شريحه .. والشيوخ شريحه .. والمعوقين شريحه ..والمهجّرين شريحه ..والسجناء السياسيين شريحه .. والمتقاعدين شريحه ....والبيئه لها مشكلات متعدده لمجموعة شرائح أو لمجتمع بشرائحه ... الخ ..
وهذه المنظمات يجب أن تكون غير حكوميه .. فما دامت المنظمه هي ممثله لشريحه اجتماعيه , فان هذا التمثيل يعطيها صفة المسؤول المدافع عنها للحصول على حقها من الحكومه .. فهي تملىء الفراغ ما بين الشريحه الأجتماعيه والحكومه بوزاراتها , وتعمل على خلق فهم متبادل بين الحكومه والشرائح الاجتماعيه . فتراقب عمل الحكومه وتؤشر لها معالم الطريق . فهي دليل ومراقب . لذلك لايمكن ان تكون للحكومه اية وصايه او علاقة تبعيه للحكومه . وهذا اتجاه باطل لأنه غير شرعي وغير مشروع .. ولايجوز تقنين قانون يبرر هذه التبعيه لأن آثاره ستكون سلبيه على الدوله وعلي العمليه الديمقراطيه , وهذا يشكّل صوره من أشكال العوده الى الكتاتوريه والولوج في دائرة النظام الشمولي ..!!
ما هي المشكله ا"ذا ؟؟
أولا"لكون هذه المنظمات حديثة العهد على المجتمع العراقي , فهي على الحكومه غريبه لم تتعودها ولم تفهمها أو هي لا تريد أن تفهمها فتشعر ان هذه المنظمات هي كيان غريم لها يشغلها ويشاغلها ويتسقط العثرات لها ويراقب أدائها ..كما أنّ الحكومات المتعاقبه عندنا , وان جاءت كل منها ولديها برامج مكتوب فيه الوعود والأماني .. ولكن الكرسي الحكومي او الوزاري هو نفس الكرسي السابق بمقوماته وشروطه وعناصره المتوارثه التي تهيىء ذاتيا" لهذا الكرسي أسس الحفاظ عليه . فكل من يجلس على هذا الكرسي يجد نفسه وقد تحوّل الى نفس طريق سابقه الذي كان يجلس عليه . وهذه هي المشكله ألأساسيه في الحكومات المتعاقبه .. المطلوب من اية حكومه أو وزاره أن تضع على رأس قائمة برامجها هو تغيير عناصر وأسس ونظام وروتين الكرسي ... ؟؟!! والاّ سيتعاقب الفشل . لأن الديمقراطيه الحقّه لاتتلائم مع كراسي الدكتاتوريه البشعه. والاّ لأصبح ألأنتقال من دكتاتوريه بشعه الى ديمقراطيه مشوّهه .
من هنا نرى انّ الحكومه , أيةحكومه , تحاول دوما" أن تجد تنظيمات وزاريه واداريه تربك وتخنق المنظمات الغير حكوميه وتفرغها من محتواها ألأساسي .
ثانيــا" : ظلّ الشعب معزولا" عن ماجريات العالم لعقود عديده : فالشعب والذين تولوا تشكيل المنظمات الغير حكوميه هم أنفسهم لايفقهون معنى ومفهوم المنظمات هذه .. وعدم الفهم هذا يدفعهم ودفعهم الى التخبط في اتجاهات متعدده فيقعوا ووقعوا فريسة ألأحزاب , وألأدهى من ذلك وقعوا فريسة تنظيمات أجنبيه وجهات أجنبيه كرّست مهماتها الى انتقاء عينات من قادة والعاملين في بعض المنظمات ومن مواصفات معينه ولديهم الاستعداد لأن يكونوا تابعين طواعيه ينفذون ولا يناقشون . فكوّنت منهم تجمعات أتخمتهم وأسمنتهم بمشاريع ورقيه تهدم اسس البناء الاجتماعي النبيل .. وتقاسمت معهم أموالا" محسوبه على خدمة الشعب .. وهنا بدأ الفساد ألاداري يستشري بين هذه المنظمات لينتقل الى ألأجهزه , وتحول ان يكون فسادا" في المفاهيم : مفاهيم الشرف والاخلاص والذمم , حتى أصبحت هذه المفاهيم راسخه في المجتمع وبين العديد من المنظمات الغير حكوميه .. وغير مستهجنه بل هي دلالة النجاح والشطاره .

ثالثــا" : بسبب المشكلتين السبقتين : فأنّ هذه المنظمات , ولغياب الدعم المادي عنها , بدأ الجيد منها طريقه الى ترك الساحه , لأن هذه الساحه يدور فيها صراع المسدس وليس للأصلح : لأن هذا المسدس هو المطلوب تربيته وتدريبه كمنظمات طفيليه تقتات على جهود المنظمات الجيده وتمتص قوّتها .. ومن هذه المنظمات الطفيليه سيتم انتقاء وتهيئة القاده للمستقبل , بعد أن يتم افراغ المجتمع من روحه وأصالته وشخصيته .
سياسة تم تطبيقها في دول أخرى ولا أحسب نجاحها في العراق . فالعراق لقمه كبيره ليس من السهل ابتلاعه . فلا
يمكن (( ادخال البعير من خرم ألأبره ))
واللبيب تكفيه الاشاره .
ايتها المنظمات غير الحكوميه بلدكم في اعناقكم ذمّه .
واليكم قول الشاعر :

جاؤا بقارورة قالوا بها لبن وانما السمّ في قارورة اللبن

ما هي الحلول :

1- الفظوا كل من لا علاقة له بالمنظمات الدخيل عليها .
2- أن تبحث كل منظمه عن عناصر القوّة فيها وتقوم بتفعيلها في تحقيق حريتهاواستقلالها .. فتبتعد عن الجري وراء المنظمات ألأجنبيه للتمويل .. وأن تتحوّل الى النشاطات الثقافيه بالدعم الذاتي .
3- أن تتحد هذه المنظمات وتقوم بتأسيس (( المفوضيه العليا المستقله لمنظمات المجتمع المدني )) , وأن تكون هذه المفوضيه هي الوحيده التي تستقطب كل هذه المنظمات . وتستمد قوتها ومشروعيتها من الدستور وادخال نص بذلك في الدستور . ويتم تشكيل هذه المفوضيه , أي تكون منتخبه من قبل كل المنظمات . وتعتبر المرجعيه لهذه المنظمات .
4- أن يتم النص قانونا" على مصادر وكيفية تمويل هذه المنظمات بنسب معينه ثابته من ميزانية الدوله . وبذلك نضمن الحريه والاستقلاليه لهذه المنظمات .
5- المنظمات ألأجنبيه برمتها يجب ان تكون خاضعه لمراقبة هذه المفوضيه العليا في الاجازه والعمل ومصادر التمويل وتعيين الموظفين . وكذلك لمفوضية النزاهه دورها في مراقبتها .

ومن الخطأ ربط هذه المنظمات بوزارة دوله للمنظمات لأن هذا غير مشروع وغير منطقي , وهو خطر على المنظمات والمجتمع لأنه يقضي على فاعلية هذه المنظمات .
أما خطره على هكذا وزاره : لأن الوزاره بوزيرها وكادرها يجدون لزاما" عليهم أن يثبتوا أنهم وزاره عن طريق فرض القيود والتعليمات والشروط التي تكبل هذه المنظمات ... وما بالك وان كادر الوزاره وهو يعتقد ان هذه المنظمات تحصل على (( الدولارات )) .. فكيف سيكون تصرف هذا الكادر اتجاه هذه المنظمات ؟؟؟؟؟!!!!!
عليكم أيها المنظمات الحقّه المخلصه أن تعي ما يراد فيها من استغفال لتمرير قوانين يعدها من لاعلاقه له بالمنظمات ولا بالوطن العراق الجريح ... اتحدوا من اجل قيام المفوضيه العليا لمنظمات المجتمع المدني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-


.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م




.. جلسة مفتوحة في مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في غزة وإيج


.. أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وفرض إجراءات أمنية إثر اع




.. المغرب.. المجلس الأعلى لحقوق الإنسان يصدر تقريره لعام 2023