الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوم الدكة الحى التاريخى

محمد عبد الستار الأبيض

2008 / 7 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


م نجد بين المراجع التاريخية ولا لدي المعنيين بتاريخ المدينة أو المختصين بآثارها ما يعطي صوره واضحة المعالم متصلة الحلقات عن تاريخ منطقه كوم الدكة ، ذلك لان تاريخ الاسكندر يه ذاته غير واضح وشحيح وان ما تناول منه ذكر كوم الدكة لم يتناوله بالتفصيل وعلي مر العصور بل تناوله لماما أو بإشارة عابرة مقتضبة عدا أن هذه الإشارات إذا جمعت وقورنت ببعضها ظهر بينها تناقض فبينما يرجع بعض المصادر تاريخ المنطقة إلى عصر البطالسة ويردها البعض الآخر إلى عصر المماليك ويقرر في نفس الوقت أن المنطقة تل صناعي .
ملحوظة هامة جدا : هذه العبارات كتبت قبل اكتشاف الجزء الجنوبي من الحي والذي اكتشف فيه المسرح الروماني ويرجح أساتذة التاريخ أن المنطقة تعود إلي عصر البطالسة وقد تم إعداد هذه الدراسة عام1956 وتم اكتشاف المسرح الروماني بعد ذلك بسنوات .
1- فقد جاء ذكر هذه المنطقة بكتاب ( الإسكندرية ) لفؤاد فرج حيث يقول " أقام البطالسة قبورهم حول قبر الاسكندر في الموقع الذي كان معروفا ( بالبانيوم ) وهو كوم الدكة. وقد ذكر استرابون انه كان مرتفعا ويصعد إليه بسلم حلزوني ومن قمته كان يمكن رؤية المدينة بإكمالها وقد حنطت الملكة كليوباترة ودفنت في هذا البانيوم أيضا . وكان بجوار البانيوم اجمل بناء بالمدينة يعرف ( بالجمنازيوم ) وكان طوله فرسخا وكانت واجهته علي شارع كانوب وفي هذه الدار نادي انطونيو بكليوباترة بين جماهير لا تحصي من الإسكندريين ( ملكه الملوك ) ووزع جانبا عظيما من ميراث الاسكندر بين الملكة والأولاد الذين رزقت بهم سواء من قيصر أو انطونيو نفسه "

2- وورد بكتاب المنحة الدهر يه في تخطيط مدينه الإسكندرية لمحمد مسعود ، "قال استرابون أن المحل المسمي ( سوما ) أي الجسد هو عبارة عن جزء من السرايات الملوكية ، وهو صور متين يحيط بقبور الملوك وبقبر الإسكندر وكان بطليموس بن لاغوس قد اخز جثته من برديكاس وقت أن كان مارا بها في طريق مصر علي عربه عظيمة يجرها أربعة وستون بغلا في تابوت من الذهب وقبرها في المحل الذي هي فيه الآن . غير أن التابوت المتقدم اخذ فيما بعد وعرض بتابوت آخر والذي فعل ذلك هو بطليموس كوكسيس الملقب بباريزكتوس ، فيعلم من ذلك ومما قاله بعض المؤرخين أن موضع سوما هو اسفل التل المشيد فوقه حصن كوم الديماس ( كوم الدكة حاليا ) والتلال الموجودة بتلك الجهة تحتوي علي جمله قبور خاصة بأزمان متفاوتة وموضوعه فوق بعضها طبقات وهي توجد في داخل صور المدينة الحالي المشهور بصور العرب وهو عين الصور القديم البيزنطي الذي رجمته العرب في أزمان مختلفة ، ويوجد عند سفح كوم الديماس من الجهة الشرقية تحت السراديب الأولي القبور العربية المختصة المدة الكائنة بين القرنين الثامن والحادي عشر من الميلاد ويوجد تحت هذه القبور قبور النصارى ثم قبور الوثنيين ، وقد بني مسجد النبي دانيال فوق جميع هذه السراديب ، وجميع منحدر التل المحصور بين الجامع المذكور وبين الشارع الحالي المسمي بشارع باب شرقي ( كانوب قديما ) مملوء بقبور وسراديب تختص بما قبل المدة البيزنطية ومدد الأباطرة والبطالسة ، ويؤدي بنا هذا إلي الحكم بأن ( السوما ) كان موجودا في كوم الديماس ،وذلك لان موضوع هذا المكان مطابق بالضبط لما رواه اغلب قدماء المؤرخين ، فقد قال أحدهم أن السوما كان بوسط البلدة تقريبا وهو يطل علي شارع عظيم محفوف من جانبيه بالأعمدة الكبيرة ، ويتقابل مع الشارع الطويل المسمي بشارع كانوب ، وينتهي إلى الميناء الكبرى بقرب القيصر يوم ، ولدينا برهان آخر يؤيد مودعتنا المتقدمة وهو أن لفظة ( سوما ) أو سو ماس اليونانية تشبه في النطق تقريبا لفظه ديماس العربية التي اغلب حروفها مثل اغلب حروف الأخرى . وكانت لفظة سو ماس تطلق علي هذا المحل نفسه إلى أن دخل العرب مدينه الاسكندر يه فتحرفت هذه الكلمة بكثرة التداول وصارت ديماس ... انتهي " وفي مكان آخر عن البانيوم يروي المرجع نفسه " كان البانيوم عبارة عن تل مرتفع في وسط الإسكندرية ، وكان يمكن الإنسان أن يرى من أعلاه جميع ا أحياء المدينة وضواحيها إلى مسافات بعيدة جدا وكان يصل الإنسان إلى أعلاه بواسطة مدرج حلزوني الشكل . وكان البانيوم المذكور الذي معناه ( المنظر الجميل ) محل اجتماع المتفسحين الذين كانوا يأتون أليه أفواجا أفواجا طلبا للنزهة والراحة والتمتع بالنظر إلى جميع ما بالإسكندرية وضواحيها من المباني وغيرها ، وهو في أيامنا هذه عبارة عن كوم الدكة .

3- وجاء بكتاب إسكندرية الذي أصدرته غرفة إسكندرية التجارية عام 1949 تحت الكلام عن الحفريات التي قامت بها كلية الآداب بكوم الدكة أن العناية اتجهت إلى الحفر في منطقة كوم الدكة ، تلك المنطقة التي حظيت باهتمام من تصدوا للبحث في تاريخ الإسكندرية القديم والواقع أن الدافع القوى للقيام بالحفر في هذه المنطقة هو أن الرأي السائد أن منطقة كوم الدكة عبارة عن تل حجري كان موجودا في عصر البطالسة وقد أثبته العلماء بالفعل ف ى خرائط إسكندرية القديمة ، ولقد كانت الدهشة عظيمة عندما تبين بعد الحفر في هذا المكان أن هذا التل عبارة عن طبقة سميكة من الرواسب ترجع إلى عصر المماليك وهذه الرواسب تتكون من طبقات أفقية منتظمة قوامها نفايات صناعية مخصصة لعمل الأواني الفخارية والزجاجية وهذه النتيجة كشف جديد يعلن هذا الرأي لأول مرة وهو على الأرجح يخص الجزء الجنوبي من المنطقة المطلة حاليا على شارع النبي دانيال ونتائج هذا الحفر تؤيدها نتائج الإزالة التي تجريها البلدية الآن على هذا الجزء من المنطقة وهى ثبتت بأوضح دليل أن هذا الجزء صناعي وأن تاريخه قريب ونخلص من هذا إلى أن الجزء الذي ورد ذكره في عصور البطالسة وما بعدها هو الجزء الشمالي من المنطقة الأهل بالسكان والفقير بمصادر تاريخه وهو ما لم تتناوله آي دراسة حتى الآن .

4- هذا وما يرويه الثقاة من الأحياء عن هذه المنطقة أن نابليون قد أختار منطقة كوم الدكة للمراقبة وأنه بنى عليها حصنا يقوم محله الآن خزان مياه شركة الإسكندرية وقد ظل هذا الحي إلى أوائل القرن العشرين عامرا بأثرياء المدينة وذوى النفوذ لطيب مناخه وجميل موقعه وقد نبت به وترعرع عميد الغناء المصري ( المرحوم الشيخ سيد درويش ) و لا يزال أسمه يطلق على أكبر شارع بهذه المنطقة تخليدا لذكرى ذلك الفنان العظيم .

5- المأمول بعد التحقيق الذي يجريه المتحف اليوناني والروماني بالمدينة بمناسبة إزالة الجزء الجنوبي من هذه المنطقة ومن الدراسات التي يوليها المختصون أن نجد بين أيدينا تاريخا كاملا متصل الحلقات عن إسكندرية وضواحيها . كما نرجو من المهتمين بالناحية التاريخية المبادرة إلى تسجيل تاريخ هذه المنطقة وخاصة في الحقبة الأخيرة قبل أن تدك معالمها ويطمس هذا التاريخ ويضيع كما ضاع تاريخها في العصور الماضية ولا شك أن هذا البحث الاجتماعي سيضيف إلى تاريخ كوم الدكة نوعا جديدا من التراث التاريخي لم يكن يخطر ببال أحد في العصور الماضية ، ستذكره الأجيال القادمة عندما تستعيد تاريخ هذه المنطقة كما نستعيد نحن تاريخها في هذه المناسبة .



تم نقل هذا الموضوع بأمانة علمية كاملة من البحث الثاني للمجلس الأعلى لتنسيق الخدمات الاجتماعية بالإسكندرية وقد تم البحث عام 1956 بعد ثورة يوليو 1952 بأربعة سنوات تحت أشراف السكرتيرة العامة للمجلس أ/ زاهية مرزوق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا