الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناخب والانتخابات

صاحب الربيعي

2008 / 7 / 24
المجتمع المدني


تصاب المجتمعات بالاحباط من السياسين وبرامجهم ونقضهم للوعود الانتخابية ومع الزمن يفقد المواطن الثقة بآليات الديمقراطية ويمتنع عن المشاركة في الانتخابات لأنه لايجد جدوى من الأحزاب السياسية وما تقطعه على نفسها من وعود وتتنصل منها فيما بعد.
فضلاً عن أن مشاركته في الانتخابات من عدمها لاتؤثر في السياسات العامة، وبغض النظر عن نسبة المشاركة للجمهور التي تزيد على 60% أو تنخفض لنحو 40% فالنتيجة واحدة.
كما أن الأحزاب السياسية، بشخوصها وبرامجها ووعودها الكاذبة وسوء الخدمات وانخفاض المستوى المعايشي لاتشجع الناخب على المشاركة في الانتخابات، فرفض المشاركة (حجب الصوت الانتخابي) يعد نوعاً من الاحتجاج ضد الأحزاب السياسية ورفضاً لبرامجها وشخوصها.
فضلاً عن كونه نوعاً من إرضاء للذات وعدم تحميلها المسؤولية عن وصول أحزاب سياسية مخادعة إلى السلطة لأن المشاركة في الانتخابات لاتعني القبول بالواقع الراهن وحسب، بل المشاركة في بناء مقوماته المتعارضة مع مصالح الناخب والاعتراف الضمني بنهج وسياسة الأحزاب المشاركة في الانتخابات والطامعة بالسلطة.
يعتقد ((مايكل بارنتي))"أن اللامبالاة في كثير من الأحيان عبارة عن دفاع سيكولوجي إزاء الشعور بالعجز الذي يثبط الهمة، ويضعف المساهمة في الحياة العامة ويصرف المواطنين عن صنادق الأقتراع كرد فعل سلبي عن حالات الاحباط التي تثقل كاهلهم".
إن الامتناع عن المشاركة في الانتخابات يعد محاولة واعية للناخب لحجب صوته ونوع من الاحتجاج الواعي على سوء الخدمات وفقدان الثقة بالسلطة، وبتعبير أكثر دقة التنازل عن أحد حقوق المواطنة للدولة مقابلة مطالبتها التنازل عن إحدى واجبات المواطن إتجاهها.
فحين تطالب الدولة المواطن بالواجبات عليها الالتزام بتقديم كل ما من شأنه ضمان حقوقه وإلا يعد ذلك خرقاً للعقد السياسي والاجتماعي بين الدولة والمجتمع، ففي الدول المتقدمة يسعى المواطن للتعبير عن احتجاجه ضد الدولة بعدم المشاركة في الانتخابات، فتنخفض نسبة المشاركة للجمهور لتؤشر حالة الرفض وتدني مستوى الشرعية لأعضاء البرلمان وبالتالي للحكومة المنبثقة عنه.
لذلك تسعى السلطة من خلال وسائل الاعلام والصحافة لحث المواطنين على المشاركة في
الانتخابات أو على تقديم خدمات ملموسة قبل موعد الانتخابات للتأثير على قناعة الناخب وتشجعه على المشاركة في الانتخابات للتصويت لممثليها للفوز بالسلطة السياسية ثانية.
إن التلاعب بعواطف الناخبين سواءً عن طريق إيجاد التبريرات (المقنعة للسذج أو المغيبين) عن سوء الخدمات وانخفاض مستوى الدخل المعايشي أو العمل على زيادة الخدمات وتحسين المستوى المعايشي قبل موعد الانتخابات ينطلي فقط على السذج والمغيبين من المواطنين، لكن الواعين منهم يستخدمون حقهم في التصويت لإسقاط الحكومة كنوع من العقوبة على تردي الخدمات وسوء إدارتها لشؤون الدولة والمجتمع.
وفي الدول المتخلفة حيث إن نسبة الأمية مرتفعة وتفشي الجهل وانصياع أغلب المواطنين لعواطفهم دون عقولهم تنطلي عليهم التبريرات الكاذبة للأحزاب السياسية وما حصلوا عليه من فتاب موائد قبل موعد الانتخابات يغير قناعتهم بسهولة فيعمدوا للتصويت مرة ثانية لنفس أحزاب السلطة.
لتعاود العمل بذات النهج المتخلف وبنفس الشخوص والتوجهات والمفسدين ليتحمل المواطن من جديد أعباء التركة السابقة واللاحقة بسوء الخدمات وانخفاض مستواه المعايشي، فيمارس من جديد طقوس التذمر والشكوى والتوسل....دون أن يعي أنه مساهماً فعالاً في الخراب نتيجة انصياعه لعواطفه دون عقله.
يقول ((أورهان باموق))"إنكم ستنسون كل شيء، القوة الظالمة للحاكمين، الخطابات الساذجة، طفركم، أعماركم المنقضية، أعماركم القادمة، أحباءكم المفقودون، وحدتكم، خجلكم، هزائمكم، بؤسكم، هالكم المؤلم، الكوارث، الكوارث كلها....كلها ستنسوها بعد قليل، أنتم مسرورن لنسيانها".
في الدول المتخلفة وغير المستكملة لبناء مستلزمات النظام الديمقراطي، غالباً ما يكون وعي المواطن متدنياً فينساق لعاطفته دون عقله وتستغل الكيانات الحزبية سذاجته ليمنحها صوته الانتخابي لتفوز بالسلطة السياسية، ومن ثم تفرض عليه المزيد من المهانة والذل والقهر والجوع.
لذلك ليس من المجدي إجراء الانتخابات لتغيير السلطة السياسية باعتبارها سلطة فاسدة لأن المواطن لايتحلى بالوعي الكافي بمصالحه وغالباً ما ينساق لعواطفه عند التصويت، فيدلي بصوته لقوميته أو طائفته أو عشيرته حتى لو غدرت لعشرات المرات به.
إن المطالبة الملحة بإستكمال كافة مستلزمات البناء للنظام الديمقراطي ومن ثم إجراء الانتخابات، تعد مطالبة مشروعة وعقلانية لإتاحة الفرصة لرفع مستوى وعي المواطن بمصالحه ليكون ناخباً مؤهلاً للمشاركة في الانتخابات ومساهماً فعالاً في صياغة السياسات العامة للدولة. الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ