الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الشعب الكردي بين فساد قادته وحقد العنصريين عليه

شيروان محمود محمد

2008 / 7 / 24
القضية الكردية


لاشك بان القضية الكردية قضية شائكة , زاد من تعقيدها عدم توفر رغبة صادقة لحلها طوال سنوات وجود الدولة العراقية الحديثة , فكانت هذه القضية حاضرة في كل المفاصل التاريخية مؤثرة ومتأثرة, بل لانغالي اذا قلنا ان النصف القرن الاخير من تاريخ العراق هو تاريخ التعامل مع هذه القضية مناوشات,معارك وحروب طاحنة, لقاءات ومفاوضات منهكة ووعود عريضة نكثت بها لتبدا جولة جديدة من الاتهامات سرعان ما كانت تتطور لمصادمات و معارك بلغت ذروتها من الهمجية والعنف في القصف الكيمياوي لحلبجة ومناطق اخرى من كردستان واعقبتها حرب الابادة الجماعية في حملات الانفال.
تزامن سقوط النظام الديكتاتوري , وما اعقبه من استفحال المشاكل العراقية و التي كانت مكتومة عليها بفعل الارهاب القمعي ,تزامن هذا السقوط مع انتشار استخدام الانترنيت على مستوى العالم العربي عموما والعراق خصوصا , لحرمانه سابقا من هذه الوسيلة المهمة من وسائل التواصل والتعبير عن الاراء, ليعبر الناس من خلاله عن اراءهم ازاء ما يتعرض له شعبهم ووطنهم من مآس ومحن , وكان من الطبيعي ان تكون للقضية الكردية حصة من تلك الكتابات و المناقشات تتناسب واهميتها على الساحة العراقية.الى هنا الامر صحي وضروري و لا يمكن ان يكون هناك اعتراض عليه, اللهم الا من قبل الذين تعودوا على فكرة ان حرية التعبير لاتؤدي الا الى المشاكل وازدياد الفرقة.
ولكن المتابع لما يكتب عن القضية الكردية يلاحظ بوضوح بروز اتجاهين مختلفين: الاتجاه الاول يحاول تفهم القضية الكردية و توق الشعب الكردي لنيل حقوقه, ويندد بوضوح بكل الجرائم التي تعرض لها الشعب الكردي وفي نفس الوقت ينتقد هذا الجانب او ذاك من السياسة الكردية او يفضح فساد الاحزاب الكردية وقادتها. هذا الاتجاه ظاهرة صحية تنظر لقضية الشعب العراقي كقضية واحدة وهو في تشخيصه مواضع الفساد انما يدافع عن الشعب الكردي بنفس قوة دفاعه عن باقي المكونات العراقية.
الاتجاه الثاني هو اتجاه شوفيني يكتسب مع مرور الوقت ملامح عنصرية لا تخطئها العين, فهو يبدأ من انكار حقوق الشعب الكردي , بل وحتى انكار اصالة وجوده في المنطقة وبالتالي يدعو الى التعامل مع افراد هذا الشعب كدخلاء, بل وكمحتلين و يحاول تبرير كل الجرائم المرتكبة بحقه من هذا المنطلق , وذا كان هناك من نقد او عتب يوجهه للديكتاتور الساقط فهو لرأفته الزائدة تجاه هذا الشعب الجاحد واعطاءه ما لا يستحق من الحقوق!
هذا الاتجاه ينتقد ايضا فساد الاحزاب الكردية وقادتها, ولكن ليس حرصا على الشعب الكردي ,بل ليجعل من هذا النقد منطلقا لصب جام غضبه وحقده عليه و ليطلق عليه نعوتا عنصرية و ليصور كل نضاله المرير من اجل حقوقه كصراع مجموعة من القجقجية علىمناطق النفوذ والمصالح و ينسى ان القجقجية لم يكونوا يوما ما بحاجة الى تقديم التضحيات الجسام , فقد كانوا دائما يجدون من يساعدهم و يسهل لهم الطريق من المعسكر الآخر.
الا يمكن ان يكون هذا الاتجاه مخلصا فعلا في دفاعه عن مصالح الشعب العراقي على الرغم من بعض ما يعتور خطابه من عنصرية تجاه الشعب الكردي؟ شخصيا لا أومن بذلك, لقناعة مترسخة لدي بان العنصرية هي الدرك الاسفل الذي ما ان ينحط سياسي ما اليه حتى تصبح كل ادعاءته الاخرى قومية كانت , وطنية ام دينية مجرد اكسسوارات في عروض العهر العنصرية.
اذاً لماذا تثير تصرفات و تصريحات القادة الاكراد كل هذا السخط لدى هذا الاتجاه ليصب قيئه العنصري على رؤوس الاكراد ككل؟
لدي تفسير بسيط قد اكون مخطئا فيه ولكنني اعرضه على القاريء الكريم ليحكم بنفسه: انا ارى ان هؤلاء اسرى لتصوراتهم العنصرية وضحايا لصورتهم النمطية عن الكردي الساذج الذي كان من السهل ارضاءه او خداعه ببعض الجمل عن الاسلام الذي يوحدنا او عن الشراكة في الوطن و حالات المصاهرة و غيرها اي باختصار صورة الكردي الذي كان سهلا ان (تشيمه و تاخذ عباته) اماالان فهم يرون في اروقة السياسة العراقية نمطا اخر من الاكراد , نمط يناقش و يعاند, يجادل , يعطي الوعود و ينكثها وينافس الاخرين على المكاسب الشخصية والحزبية,اي نمط ينافس اخيه السياسي العربي الفاسد في المكاسب والحظوظ.. وهذا لعمري منتهى الصلف وتجاوز لكل الانماط التي تعودنا عليها لذا يجب تسفيه كل مطالب الاكراد بالحقوق وتبرير كل الجرائم بحقهم و اذا تجرؤا وطالبوا بمعاقبة الجناة سنشبههم باليهود في ملاحقتهم للمسؤوليين عن جرائم الهولاكوست .وما الذي يمكن ان يكون امض سلاحا من تشبيه احدهم باليهودي في عالمنا الاسلامي الذي يرفل بالتسامح والمحبة.
لكل هؤلاء اقول : اذا كانت وحدة العراق تهمكم , كما تدعون في كتاباتكم , فكفوا عن غلواءكم وحقدكم العنصري,وهذا ليس تهديدا مبطنا او صريحا مني بالانفصال , فلست سوى مواطن كردي بسيط يغيضه فساد القادة الاكراد بنفس مستوى اغاظة فساد القادة العرب له, ولكن ليس هناك شعب في العالم يقبل بشراكة تجعله مواطنا من الدرجة الثانية.
كفوا عن التهديد الغبي بالانفصال مع سماحكم الملييء بالاحتقار لنا للعيش ( في محافظاتنا الثلاث) وكأن احدكم امبراطور روماني يمنح الضياع و الولايات او يستردها اذا اشتط غضبا.
اعيي جيدا ان قضية مثل قضية كركوك شائكة وحساسة وان بقية الاطراف لا يمكن ان تقبل المنطق الكردي و يقينه في النظر للامربدون نقاش ولكن لماذا على الاكراد القبول بمنطق الاخرين والذي يجعل من عودة المهجرين الى مدينتهم احتلالا كرديا و ضما للمدينة؟ اسبق الاعتراض المتوقع بان اعداد العائدين اكبر من اعداد المهجرين من المدينة و اقول ان التحقيق في هذا واعادة الامور الى نصابها من خلال لجنة لتقصي الحقائق قد يكون امرا صعبا ولكنه بالتاكيد اسهل واقل ثمنا من قرع طبول الحرب و تجييش الجيوش. الكل يعرف جيدا ان اعدادا هائلة من العرب المستوطنين جلبوا الى المنطقة ضمن سياسة عنصرية استيطانية .ألآن يطلق على هؤلاء تجميلا اسم (العرب الوافدون) ويرفض البعض مناقشة المشكلة جملة و تفصيلا بحجج الدوافع الانسانية و ان هؤلاء قد عاشوا ردحا طويلا في المنطقة ولا يمكن الان معاقبتهم لجرائم النظام السابق , واذا كان القبول بهذه الحجة ممكنا لدوافع انسانية ولعدم اجبار الابناء علي دفع ثمن اخطاء ابائهم( فقد كان هؤلاء الاباء يعون جيدا انهم سكنوا في اراضي وبيوت اناس جرى طردهم وتشريدهم دون تفكير من احد بابناءهم او بطول المدة التي سكنوا تحتها في المنطقة) اقول اذا كان القبول بهذه الحجة ممكنا فلا يقبل المنطق ان يكون لهؤلاء حق في تقرير مصير المدينة لان في هذا تثبيت للامر الواقع و انجاح لخطة صدام حسين العنصرية في اخلاء المدينة من سكانها الاصليين وتغليب الطابع العربي عليها. طبعا لم يكن الكردي يعترض ابدا على التعايش مع العرب و غيرهم ولكن ان يفرض هذا التعايش بقوة السلاح والقهر سيكتسب اسما اخرا غير التعايش, وان انسى فلا انسى يوم رأيت من نافذة السيارة المتوجهة بي من بغداد الى السليمانية ولاول مرة راعيا بملابس عربية و على كتفه بندقية كلاشينكوف يرعى غنمه على التلال بين كركوك و السليمانية و على ربوة كل تل كانت ترابط دبابة تراقب المنطقة و تحمي الراعي العربي من سكان المنطقة.كان ذلك عام1976 وكان صدام قد خرج لتوه منتصرا من حربه ضد الاكراد و بثمن تنازله عن نصف شط العرب لشاه ايران ليتجنب التنازل لمواطنيه الكرد و اعطاءهم حقوقهم , تماما كما يدعو الكثير من كتاب الاتجاه الثاني الذي تحدثت عنهم وكأن ليس هناك وطن تعرض للاحتلال و شعب تعرض لما ليس للبشر طاقة على تحمله من مآسي ومصائب جراء تلك السياسة الخائبة المجربة.
ان الآلاف من شباب الكرد ونساؤهم ورجالهم دفعوا حياتهم ليس حبا بالموت او دفاعا عن قادة فاسدين وانما املا في حياة افضل لهم و لباقي العراقيين و اذا كان بعض الانتهازييون والفاسدون يجنون اليوم ثمار تضحياتهم فذلك لا يجعل من مآثرهم شيئا عديم القيمة ومن موتهم عبثا, تماما كما لا يقلل من تضحيات العرب المناهضين للديكتاتورية استئثار العمائم بالسلطة, وسنلاحق كل القتلة كبارا وصغارا ونجرجرهم امام العدالة و لتشبهوننا بمن تشاؤون.
















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية