الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل الدين عن السياسة

سلام خماط

2008 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لابد لي ان اعرج في هذا المقال على اصل الكلمة لغويا ,رغم ما لها من معاني متعددة .
فهي كلمة يونانية تعني وحدة السكان ,والفرد العلماني هو الفرد الذي لا تميزه او ترفعه
أي صفة الى مرتية اعلى من غيره من الناس ,وبالتالي فهو لا يفرض عليهم ما يجب ان
يؤمنوا به ,وبهذا فهي تعني اذن مبدا المساواة ومبدأ الحرية ,فيمكن للشخص ان يكون تابعا
لاحد المذاهب الدينية ,ويمكن ان يكون شخصا يعتنق رؤية ما للعالم الملحد ,تتاسس قناعتة
بشكل مختلف عن تلك التي اوحت بها الديانات,وهنا تكون قناعة البعض لا يجوز ان تفرض نفسها على الجميع ,سواء كانت هذه القناعة دينية او غير دينية ,لقد كانت يذور العلمانية في الإسلام الاول حينما اطلق احد قادة المسلمين المعروفين مقولته المشهورة (انت اخي ما دمت محترما حقي امنت بالله ام امنت بالوثن ).
من هنا يجب ان نميز بين الانتقادات غير المبررة الموجهه للعلمانية والتي تقول بان العلمانية تجاهلت البعد الاجتماعي للاديان ,لقد فهمت العلمانية في الخطاب العربي الإسلامي فهما خاطئا حتى اصبح هذا الفهم مرادفا للكفر والإلحاد الذي يوجب القتل لمعتنقه لما يحمله من انتهاك للمقدس الذي لا يجوز المساس به أو التقرب منه ,وهذا ما حصل بالفعل مع الكاتب الليبرالي فرج فوده الذي اغتيل على يد أتحد المتطرفين الإسلاميين.وقد أتكد الكثير من المنافحين عن الإسلام بان الدين لم يعرف الفصل بينه وبين الدولة منذ نشأته حتى الآن ,وهذا رأي العديد من الأصوليين الذين يعرفون الإسلام بأنه دين ودولة,ولم تقتصر هذه الدعوة على الأصوليين فحسب بل تجاوزت ذلك إلى كبار المستشرقين ومنهم على سبيل المثال (برنا رد لويس)صاحب كتاب الإسلام والغرب والحداثة,والذي يعتبر الإسلام لم يعرف الانفصال بينه وبين الدولة .
لكن الحقيقة والتاريخ يقول غير ذلك تماما ,فمن يطلع على تأريخ الطبري وطبقات ابن سعد وكتاب الإمامة والساسة لابن قتيبة ,يرى ان هذه التواريخ تقدم لنا نموذجا على تقدم السياسة على الدين بل وتحكم السياسة بالدين ,فكل الذين حكموا بعد الرسول (ص) إنما جاءوا إلى السلطة عن طريق العنف واستخدام السيف لا عن طريق البيعة او الانتخاب . فطالما تخاض معمعة السياسة باسم الدين او يوظف الدين في خدمة السياسة كما يحصل في العراق اليوم على سبيل المثال . وكان من جراء هذا التسييس الذي يحدثنا عنه التاريخ كل الحروب التي دارت بين المسلمين ,فبالرغم من قرب عهد الرسول وقدسية الأماكن وحرمة الأشخاص من قرابة الرسول وصحابته فقد سفكت الدماء وقطعت الرؤوس ونفي صفوة أصحاب النبي واهينوا وضربوا ضربا مبرحا في سياق الصراع على السياسة لا على الدين .
من هنا نستنتج ان الفصل بين الدين والدولة موجود في الإسلام منذ البداية ,بل ان هنالك قطيعة بين الجانبين وعلاقة متوترة ,وبما ان الدين في نظر الكثير من المؤمنين هو عبارة عن عابر للتاريخ كتعريف مجرد من وجهة نظر هؤلاء فان ما فعله المسلمون في هذا التاريخ يتحملون مسئوليته هم وليس الإسلام ,لذا تكون دعوة الفصل بين الدين والدولة ما هي الا دعوة لتحرير الدين من ثقل التاريخ واعادة الإسلام الى نصابه الروحي النقي وحتى يحرر الحق من كل نظرة أخلاقية مفروضة
فرضا , ولكي يعود كل فرد الى نفسه وعمله في الحياة بحرية .
ولايمكن ان يتم هذا الفصل الا بتشريع القوانين التي تحمي الفرد وتعطيه الحرية كي يعيش قناعا ته الخاصة ,بعيدا عن الإقصاء والتعصب الأعمى وعدم التسامح ,وان تجاهل هذه الأمور يعد النقطة المظلمة في المشهد الديني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي