الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر والوعي الإنساني (الحاجة والأسبقية)

صاحب الربيعي

2008 / 8 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفكر هو تأسيس لعلاقة بين المادة والإنسان، وهذا التأسيس دافعه الأساس الحاجة التي تقسر العقل على التفكير لإنتاج الفكرة المرتبطة بصلات ووشائج غير مرئية مع المادة لتخلق الوعي بماهيتها لإنجاز فعل ما يحقق فائدة محددة ومتوخاة. إن استخدام الفكرة الأولية لاتعد نتاجاً لخلق علاقة جديدة وإنما نتاجاً لوعي سابق مكتسب عن ماهية المادة باعتبارها فكرة منتجة ومتداولة مرت بكافة مخاضات الولادة لتكون جزءً من الوعي الجمعي المتوارث. عليه فإن الإنسان من خلال وعيه وإداراكه الفطري أو المكتسب يخلق صلة بينه وبين المادة لإنتاج الفكرة التي تكون بمثابة قطرة ماء (فكرة) تؤسس لنبع مائي (فكري) يحقق فائدة للجميع.
يقول ((إلياس مرقص))"إن الإنسان له تاريخ، له وعي، له ماضي وحاضر ومستقبل، هكذا الوعي التاريخي، هكذا بذرته. هذا ما يميز الإنسان عن الحيوان، ما يميز الوعي (الضمير والوعي، الضمير والمعرفة) بصورة أكثر دقة عن الفكر".
إن الإنسان خالق والفكرة مخلوقة ربها الإنسان وليس للإفكار رب واحد، وإنما أرباب من المفكرين، ينتمون لكينونة واحدة مجسدة بشخصية الخالق. لكن ليس كل إنسان رباً لفكرة، فمنتجوها وحدهم أرباب ومتوحيدين في ماهية الخالق، في حين أن بقية البشر مستهلكين لها، أي أنهم ذوات واعية تسحرهم الفكرة لكنهم غير قادرين على إنتاجها. إن الفكر عبارة عن سلسلة مترابطة من الأفكار تمتد من دهاليز التاريخ الإنساني، ساهمت في الارتقاء بالوعي الإنساني البدائي لمراتب أعلى، فالإنسان البدائي وعيه كان متدنياً قياساً بإنسان الحاضر الأكثر وعياً، وإنسان المستقبل بالتأكيد سيكون أكثر وعياً من سابقه فكلما عظمة سلسلة الفكر الإنساني كلما أرتقى الإنسان بوعيه لمراتب أسمى.
يعتقد ((سقراط))" أن الإنسان ككائن مفكر، مقياس كل الأشياء".
إن مسعى الإنسان الخالق للأفكار لإيجاد صلة ( وشائج ) بينه وبين المادة لإنتاج فكرة جديدة يعود للسيطرة على المادة المحيطة به أو البعيدة عن محيطه والتي تشغل وعيه فيحاول إيجاد صلات معها لسبر ماهيتها وتوظيفها لخدمته. بمعنى أكثر دقة يسعى الإنسان الخالق للأفكار توظيف الطبيعة الأرضية أو الكونية لخدمة أغراضه الخاصة، فبعد أن كانت الطبيعة تقسره على التواؤم معها، أصبح يقسر الطبيعة على أن تواؤم نفسها معه.
هناك صراع لفرض الإرادة بين الطبيعة التي خلقت الإنسان- البدائي، والإنسان الخالق- الحديث الذي يسعى ليكون رباً للطبيعة وليس العكس من خلال الارتقاء بوعيه لمراتب أسمى، فسلسلة الفكر الإنساني صنعت من أجل تكبيل الطبيعة لتصبح عبداً للإنسان، تعبده ولن يعبدها وتخضع لإرادته باعتباره ربها وليست ربه كما كانت في الأزمنة الغابرة!.
يرى ((إلياس مرقص))" أن الفكر العادي للإنسان لم يكن لأجل إنشاء البيت أو لإكتشاف أو أختراع النار، وإنما لإمتلاك الطبيعة. وفكره غير العادي ليس حديثاً لكنه بلغ ذروته في الوقت الراهن".
وبالرغم من أن الهدف المعلن لتطور الفكر الإنساني تسخير الطبيعة لخدمةً الإنسان، أصبح مع الزمن هناك هدف غير المعلن للسيطرة على الإنسان ذاته باعتباره مستهلكاً للأفكار الذي دونها يفقد رشده ويتدنى وعيه بالمتغيرات المتسارعة في محيطه. بمعنى أكثر دقة أن أرباب الأفكار الكبيرة ( أرباب الطبيعة الجدد ) سيصبحون أرباباً لمستهلكي الأفكار، الذين يتسابقون لاقتناءها ليكونوا أكثر إدراكاً من غيرهم وبالتالي أكثر إنصياعاً وقبولاً من المجتمع الذي يفضل المؤهلين على غيرهم في نظامه الاجتماعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تتوغل في حي الشجاعية وسط معارك عنيفة مع


.. إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة وعشرات السجناء الآ




.. الديمقراطيون يدعمون بايدن رغم أدائه السيئ في المناظرة أمام ت


.. الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده بمعارك جنوب قطاع غزة




.. مستشفى فريد من نوعه لكبار السن بمصر| #برنامج_التشخيص