الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطالب كردية .. أم دولة كردستانية؟!

عبد الحميد العماري

2008 / 8 / 5
القضية الكردية


لم تتوصل الكتل البرلمانية العراقية بعد الى اتفاق نهائي فيما يتعلق بقانون أنتخابات مجالس المحافظات حتى يوم ألأحد، كما لم تنفع ضغوطات ألأدارتين الأميركية والبريطانية للدفع بهذا ألأتجاه، وتقول ألأنباء الوادرة ، ان قائمة التحالف الكردستاني طرحت مقترحا جديدا يتعلق بأضافة المادة (140) من الدستور العراقي الجديد الى الفقرة (5) من قانون الأنتخابات، وهو ما أضاف أعباءا أخرى على طريق تعقيد موضوعة كركوك.
لقد قلنا قبيل تفجر ألأوضاع في كركوك مؤخرا ان عدم توصل الكتل البرلمانية المنقسمة على نفسها سينقل الصراع الى الشارع، وان القرار سيصبح رهن تداعيات الشارع وليس المؤسسات الدستورية، وقد حصل ماكنا توقعناه مع الأسف، وراح ضحيته مواطنون أبرياء ، وبأعتقادنا ان ما جرى في كركو ك ليس سوى ورقة تهديد تلوح بها الأحزاب الكردية لجعل الأمر مطلبا شعبيا كرديا أكثر من ماهو حزبي، فضلا عن أن عملية نقل مواطنين من عناصر وكوادر الأحزاب الكردية المتنفذة من مدن أربيل والسليمانية ومناطق أخرى الى كركوك للمشاركة في التظاهرة، تعد واحدة من عوامل الضغط لأظهار أن الشعب الكردي هو كتلة واحدة أزاء قضاياه التي تعتبر مصيرية، على الرغم من نفي الأحزب الكردية كون أن المتظاهرين كانوا من غير سكان مدينة كركوك، مما يدلل على أصرار هذه الأحزاب لتنفيذ المخطط المتفق عليه فيما بينها لضم كركوك الى مناطق أقليم كردستان قسرا مهما كلف ألأمر.
ان الغريب وسط كل هذه المعمعة ، هو أن النخب السياسية الكردية رفضت أن تكون جزأ من الأمة العربية ، وأصرت على تنفيذ ذلك في الدستور لتصبح الفقرة على النحو التالي: (العرب في العراق جزأ من الأمة العربية)،وفي ذات الوقت ترغم هذه النخب العرب والتركمان والكلدو آشوريين ممن يسكنون مناطق محافظات السليمانية وأربيل ودهوك وكركوك والموصل وديالى .. ترغمهم على أن يكونوا كردستانيين بالقوة، وتلك هي طبيعة تعاطي النخب السياسية الكردية مع قضايا العراق وفق معايير مزدوجة ، يقولون في بغداد أنهم يرفضون التعامل مع الوضع السياسي القائم على أساس الأغلبية والأقلية، وان جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، وينبغي أن يتم التعامل مع الملفات العالقة وغير العالقة عبر التوافق السياسي ، بينما يختلف الأمر مع الداخل الكردي ، أي داخل حدود مناطق أقليم كردستان والمناطق التي يسعون لضمها مستقبلا، وهي محاولة لفرض الهيمنة على القرار السياسي عبر تهميش دور الأحزاب الكردية ألأخرى، بدليل ان ألأنتخابات البلدية التي جرت في محافظات الأقليم في العامين (2000و2001) أفضت الى فوز حزب ألأتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية بأغلبية مقاعد المجالس البلدية ، بينما هيمن الحزب الديمقراطي الكردستاني على مجالس محافظتي أربيل ودهوك ، ولم تنفع أعتراضات الأحزاب الأخرى على تلك النتائج ، مما فتح الباب على مصراعيه أمام صراعات حزبية وعسكرية ومواجهات مسلحة دارت بين الأتحاد الوطني الكردستاني من جهة ، وبين الحزب الشيوعي العمالي من جهة أخرى ، وكنت أنا كاتب السطور من بين أعضاء اللجنة التي تدخلت كوسيط لأيجاد الحل الناجع لهذه المشكلة ، لكن اصرار الأتحاد الوطني الكردستاني لم يضع أمامنا كلجنة وساطة سوى خيار واحد هو إما رحيل الشيوعي العمالي الى خارج المناطق التابعة لمحافظة السليمانية ، أو استمرار المواجهات المسلحة حتى قتل آخر عضو في العمالي .. ثم تلتها صراعات أخرى بين ألأتحاد الوطني الكردستاني وبين الحركة ألأسلامية الكردستانية ومعها مجموعة جند الأسلام في منطقة حلبجة، أما على الطرف ألآخر فقد فشلت الأحزاب الأخرى في أربيل ودهوك في مقارعة الحزب الديمقراطي الكردستاني بسبب هيمنة ألأخير على هاتين المحافظتين بيد من حديد تحت يافطة (الأغلبية).
خلاصة القول .. أن الأحزاب الكردية باتت تلعب على المكشوف وما عادت تخفي مساعيها وما تخطط له وتريده من العراق، وتلك المطالب تتلخص بكونها تعمل على تهيئة الأرضية المناسبة لقيام كيان مستقل وتحت أي مسمى ( دولة غير معلنة أم كونفدرالية) بعنوان أقليم فيدرالي، ريثما تسنح الفرصة لأعلان الدولة الكردية المستقلة، ونكرر ماقلناه ونقوله دائما أن هذا المطلب شرعي، شريطة أن لايتم على حساب عموم شرائح المجتمع العراقي الأخرى، ولمن لايدري.. فأن الأخوة الكرد من الأحزاب طبعا، بدأو بالتنفيذ لهذا المشروع منذ تمتعهم بالحماية الدولية في أعقاب أنتفاضة عام 1991 ، وكانت الخطوة ألأولى هي في التثقيف داخل المجتمع الكردي (المدارس والمعاهد والكليات ) على وجه الخصوص على أنهم ليسوا جزأ من العراق وأنه ينبغي العمل على ألأستقلال مستقبلا ،وقد استخدموا كل الوسائل المتاحة ومنها الأعلامية للترويج لهذا الأعلان، وصارت وسائل ألأعلام تتحدث وبصراحة تامة عن ضرورة أن يكون للأكراد دولتهم المستقلة بعيدا عن العراق ،وأن عرب العراق هم من ساهم وبأشكال متعددة بقمعهم على مدار عقود من الزمن، وذلك هو بعيد كل البعد عن الحقيقة، لكنه توجه يفضي الى تعبئة الرأي العام الكردي ودفعه نحو الأستقلال وقتل أي أنتماء له الآن وفي المستقبل للعراق الواحد الموحد، وكنا عندما نلتقي كمثقفين عرب وكرد وتركمان وكلدوآشوريين في مناسبات عدة ، نتحاور بهذا الشأن ، وقد أبدينا مخاوفنا من أن تؤدي هذه السياسة الى ردود فعل سلبية تجاه العراق ككل ، كان أغلب النخب المثقفة الكردية توافقونا الرأي ، لكنهم يؤكدون أن لاحول لهم ولاقوة ، طالما أن القرار بيد الساسة الكرد وليس المثقفين ،ومن يعود بالذاكرة قليلا الى يوم تظاهرة كركوك ، فلم نشاهد من رفع علم العراق الجديد رغم أن الأحزاب الكردية أصرت على تغيير العلم القديم ليصبح بشكله الحالي، وما رفع هو فقط علم كردستان !! زد على ذلك .. فأن الناطق بأسم برلمان كردستان طارق جوهر قال وبالحرف الواحد من على شاشة قناة الشرقية أنهم (يسعون لضم كركوك الى أقليم كردستان إن آجلا أن عاجلا وهذا أمر مفرغ منه لدى القيادات الكردية)، إنطلاقا من أن أغلبية سكان المدينة هم أكراد ،وبالتالي فأن الأمر لايعدوا كونه مسألة وقت لاأكثر، وهو ما سيفضي بأعتقادنا الى حروب أهلية داخلية بين مكونات كركوك الى مالانهاية ، مما يتيح الفرصة لتدخلات أقليمية تركية ايرانية سورية تحديدا ، وعلى أعتبار أن موضوعة كركوك أكبر من كونها مشكلة عراقية بحتة على العكس تماما من ماتدعيه القيادات الكردية وغيرها ، فأنضمام كركوك الى أقليم كردستان يعني فتح المجال أمام أكراد تلك الدول لرفع سقف مطالبهم أكثر ما قد يهدد الأمن فيها ، وبأعتقادنا أن زيارة السيد نيجيرفان البرزاني الى ايران الأسبوع الحالي ستنصب حول التأثير على القرار الأيراني مستقبلا ومن خلاله التأثير على القرار السوري عبراستثمار الشركات الأيرانية في كردستان، وهو ما يندرج تحت بند التهيئة لكردستان المستقلة، وربما لن يتحقق ذلك سيما وأن ايران كانت قد وقعت أتفاقا مع الأتراك مطلع العام الجاري ينص في بعض بنوده على منع أية محاولة لقيام كيان مستقل أو دولة كردية بالمنطقة ، كما لانعتقد أن طهران ستتنازل عن هذا ألأتفاق مع أنقرة لسواد عيون الأحزاب الكردية ، وذلك لأن ايران تسعى من وراء العلاقة المتينة مع تركيا لصالح ملف ايران النووي على أعتبار أن تركيا حليف ستراتيجي قوي فاعل ومؤثر على كل من الولايات المتحدة الأميركية وأسرائيل، بينما الأخلال بالأتفاق يعني غلق باب جديد يضّيق الخناق على طهران في وقت هي بأمس الحاجة الى فتح المزيد من ألأبواب الموصدة لا العكس ، ومن هنا .. لابد من التفكير بشكل جدي من قبل الأحزاب الكردية ببناء علاقات مبنية على أساس الهوية الوطنية العراقية مع شركائهم بالوطن ،والعمل على تصحيح مسار العملية السياسية من جديد وبأقل الخسائر ، وعلى جميع ألأطراف أن تقدم المزيد من التنازلات اذا ما أرادت بالفعل العيش في عراق جديد آمن مستقر مزدهر، وبعكسه سيسهم جميعهم وفي مقدمتهم( السياسيون الكرد) بدفع البلد الى مالايحمد عقباه، لاسمح الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن


.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات




.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب


.. مع مطالبات الجيش الإسرائيلي سكاناً في رفح بالتوجه إليها. منط




.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24