الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحل الدستوري لكركوك وبطلان قانون الانتخابات

منذر الفضل

2008 / 8 / 6
القضية الكردية


1-
غياب شفافية رئيس مجلس النواب

حصلت يوم الثلاثاء 22 تموز 2008 في مجلس النواب العراقي تطورات خطيرة كشفت عن ممارسات غير دستورية وبعيدة عن الديمقراطية واسس العملية السياسية القائمة على التوافق والتراضي بين المكونات السياسية الفاعلة وبما يحقق المصلحة العليا للبلاد . حيث جرت مناقشة قانون إنتخاب مجالس المحافظات والأقضية والنواحي إستعدادا للأنتخابات وحين وصلت القراءة الى نص المادة 24 من مشروع القانون طلب رئيس المجلس السيد محمود المشهداني تحويل الجلسة الى سرية وهو سياق غير مقبول ولم يجر العرف البرلماني عليه ويثير الحساسية الكبيرة لا سيما في حالة وجود مشاريع لقوانين بالغة الأهمية وتتعلق بحقوق مكون او اكثر من مكونات العراق , وبذلك يعد هذا النهج ليس دستوريا وبعيدا عن الشفافية ويضر بالأمن والأستقرار والتعايش السلمي .
فالمادة 53 من الدستور العراقي تنص بشكل صريح وواضح على إن جلسات مجلس النواب تكون علنية وهو الأصل العام لجميع الجلسات , إلا أنه وفي حالات إستثنائية وبسبب وجود حالة الضرورة يصار الى عقد جلسة سرية , و هذه الضرورة هي إستثناء , والقاعدة القانونية تقضي إن الاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره لأنه خلاف الأصل العام وهو (علنية الجلسات ) , ومن بين هذه الضرورات مثلا مناقشة قضايا في مجلس النواب تمس الأمن الوطني للعراق أو تتعلق بأسرار الدولة فحينئذ توجب الضرورة جعل الجلسة سرية , ولهذا فان الضرورات تقدر بقدرها ولا يجوز التوسع فيها , كما لا يمكن أن تكون هذه الضرورة أساسا لأنشاء عرف دستوري أو برلماني , ومن هنا نحن لا نعتقد بوجود مثل هذه الضرورة في تحويل جلسة مجلس النواب يوم 22 تموز الى جلسة سرية من جانب رئيس مجلس النواب , بل نرى إن من الصحيح إبقاء الجلسة علنية في هكذا حالة لكي يناقش فيها مشروع قانون الانتخابات الذي يهم جميع العراقيين دون استثناء.
وهذا ما تأكد صراحة أيضا في نص المادة 29 من النظام الداخلي لمجلس النواب الصادر يوم 15 حزيران 2006 حيث جاء فيه مايلي : ((تكون جلسات المجلس علنية إلا إذا تطلبت الضرورة غير ذلك بطلب من رئيس الجلسة أو باقتراح من مجلس الرئاسة أو رئيس مجلس الوزراء أو بطلب من 35 عضواً من اعضائه وبموافقة المجلس بأغلبية الحاضرين. وفي هذه الحالة لا يحضر أحد الجلسة حتى من موظفي المجلس ويقوم النائبان ومن يُنَسب من قبل هيأة الرئاسة بتنظيم المحضر )) .
غير أن خرقا دستوريا واضحا حصل في تلك الجلسة من السيد رئيس مجلس النواب حين جعل الجلسة سرية دون وجود أي مبرر لذلك , ومن هذه الأنتهاكات أيضا تواجد العديد من غير أعضاء المجلس في هذه الجلسة السرية ومن بينهم حمايات رئيس المجلس وغيرهم من الحرس والموظفين , وهذه مخالفة صريحة وواضحة للنص المذكور ويشكل خرقا للنظام الداخلي يجب أن يحاسب عليه رئيس مجلس النواب .
وهذا ما دفع رئاسة إقليم كوردستان عقب انتهاء الجلسة الى إصدرا بيان يشجب فيه تصرف رئيس مجلس النواب غير المسبوق ومن تضامن معه والأعلان الرسمي عن عدم التزام اقليم كوردستان بنتائج هذه العملية الغير الدستورية ، لأن ما بنى على باطل فهو باطل , كما أصدر مكتب فخامة الرئيس جلال الطالباني بيانا رئاسيا بعدم الموافقة على القانون واعتبره خرقا للدستور مما ادى الى رفض مجلس الرئاسة للقانون ورده الى مجلس النواب , هذا فضلا عن إن برلمان كوردستان عقد اجتماعا طارئا يوم 23 تموز واصدر بيانا رفض بموجبه القانون , واعتبره السيد رئيس المجلس عدنان المفتي مؤامرة على الكورد , كما إن رئاسة مجلس الوزراء في اقليم كوردستان رفضت بشده هذا القانون واعتبرته ليس دستوريا ولا قانونيا , هذا فضلا عن ان العديد من اعضاء مجلس النواب العراقي إنتقد الطريقة التي نوقش فيها القانون الذي عد إنتهاك لقاعدة التوافق الوطني وتجاهل لمكون أساسي وهو قائمة التحالف الكوردستاني , كما تعرض القانون للأنتقاد في بيانات متعددة صدرت من بعض أعضاء مجلس النواب وخاصة فيما يخص أسس تمثيل المرأة والشباب في إنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي .
-2-
المادة 24 صناعة فاشلة من الجبهة التركمانية
ان نص المادة 24 من قانون مجالس المحافظات والأقضية والنواحي تشكل مخالفة صريحة للدستور ولأحكام المادة 140 حيث انها خرجت عن خارطة الطريق التي حددتها المادة الدستورية سالفة الذكر , والصحيح أن يجري تطبيق الدستور وإحترامه وعدم الأنقلاب عليه . فالأطراف التي قامت بصياغة المادة 24 من القانون هي الجبهة التركمانية التي تمثل جزءا ضئيلا من الشعب التركماني وهي متهمة بأرتباطها مع جهات اجنبية ( تركيا ) وهذا يعني إنها تمثل مصالح وأجندة دولة اجنبية كما وان مصالحها ترتبط بمصالح بعض العرب العنصريين المتطرفين والمعادين لحقوق الشعب الكوردي ولمصلحة العراق العليا , ودليلنا على ذلك هو الأعتراف الصريح في البيان الصادر عن المكتب الأعلامي للجبهة التركمانية بان هذه الجبهة مع بعض عرب كركوك هم الذين اقترحوا كتابة نص المادة 24 المتعلقة بكركوك خلافا لمبدأ التوافق وبدون موافقة المكونات الأساسية وبخاصة قائمة التحالف الكوردستاني والتي هي الرقم الصعب في العملية السياسية . وللأطلاع على نص بيان الجبهة التركمانية إنظر الرابط التالي :
http://nahrain.com/news.php?readmore=18165

ولعل من أخطر ما ورد بالقانون هو تبنى مقترح الجبهة التركمانية السالف الذكر (المادة 24 ) وتسليم الملف الامني لكركوك الى قوات من خارج المدينة , أي جلب قوات عسكرية من الوسط والجنوب الى المدينة , واعتبار المادة 24 كلا لا يتجزأ و وحدة واحدة , وهو ما يتنافى مع مزاعم الجبهة والمتضامنين معها بأن كركوك ستدار من أهل المنطقة وبشكل عادل . كما إن من المساوئ التي تضمنتها هذه المادة إشراك الجامعة العربية في شأن كركوك , والكل يعلم بأن هذه الجامعة لم يكن لها أي دور ايجابي في نجاح العملية السياسية في العراق ولا في رفع الحيف والظلم الذي تعرض له العراقيون , ولا يمكن الوثوق بحياديتها في حل أي نزاع فيه طرف غير عربي لاسيما وان كركوك قضية عراقية وشأن داخلي عراقي .

اننا نرى بأن حل قضية كركوك يكمن في تطبيق نص المادة 140 من الدستور وإن أي قانون يصدر مخالفا للدستور سيكون باطلا بسبب علوية الدستور على القانون , وهذا ما نراه في قانون الانتخابات هذا , حيث جاءت المادة 24 منه بعيده كل البعد عن روح المادة 140 من الدستور وعن خارطة الطريق التي تضمنتها المادة المذكورة لحل مشكلة كركوك .

-3-
حق الكورد بضم كركوك لكوردستان


ولعلنا لا نريد هنا التذكير بأن المادة 140 من الدستور كانت نتيجة جهود كبيرة مبذولة من جميع الأطراف السياسية منذ ما قبل تحرير العراق من حكم الطاغية وحتى الأنتهاء من الدستور العراقي لعام 2005 , وان الكورد قبلوا الدخول في العملية السياسية بناء على تفاهم بين القوى السياسية حول بناء عراق تعددي فيدرالي وحل مشكلة كركوك حلا عادلا وازالة آثار التعريب عنها , وهذا ما تم التأكيد عليه في مؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في لندن في ديسمبر 2002 ومن ثم في قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية في المادة 58 منه المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازع عليها , وبالتالي فأن الألتفاف على هذه الأسس او التنصل منها سيكون له عواقب وخيمة وسيتسبب في فقدان ثقة الكورد بأشقائهم العرب وسيذكرهم بسياسات النظام السابق وجرائمه في كوردستان وخاصة جرائم التعريب في كركوك .

ولكن من المفيد التذكير هنا بالمطالب التي قدمها الزعيم الكوردي الخالد مصطفى البارزاني الى حكومة نوري السعيد بعد توقف القتال الذي نشب بين القوات الكوردية من جهة والقوات الأنجليزية والحكومية من جهة ثانية عام 1943 إثر الانتفاضة الكوردية التي سميت بثورة بارزان الثانية , حيث كانت من بين هذه المطالب تشكيل ولاية كوردستان وبضمنها كركوك , وهذه المطالب هي :

- عزل ونقل الموظفين الذين اشتهروا بأخذ الرشوة وإساءة إستخدام السلطة .
- تشكيل ولاية كوردستان وتضم ألوية كركوك والسليمانية واربيل والاقضية الكوردية في لواء الموصل (دهوك ,عقرة , شيخان , سنجار , زاخو , والعمادية) وقضائي خانقين ومندلي من لواء ديالى .
- إعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية .
- تعيين معاون وزير كوردي ( وكيل وزارة ) في كل من وزارات الدولة .
- تعيين وزير كوردي في الوزارة يكون مسؤولا عن ولاية كوردستان .
- دفع تعويضات الى المتضررين .
- انشاء المدارس والمستشفيات وفتح الطرق واعمار المنطقة .
- تبقى الشؤون العسكرية والمالية والخارجية من اختصاصات الدولة المركزية .((انظر كتاب مختارات من مذكرات صالح الحيدري صفحة 61-62 الطبعة الثانية 2004 )) .

ستوكهولم
‏24 ‏/07‏/2008










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين