الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل المقدس لصنع التطور

ضمد كاظم وسمي

2008 / 8 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد وصل العالم الى أقصى مدارج التقدم والحضارة .. فقد ودع القرون الوسطى بما فيها من أساطير وشعوذات ولاهوتيات تمجد المعجزة والغيب .. ولا تؤمن بقوانين العقل .. وتكسر نواميس الطبيعة .. حتى دخل هذا ( العدو الكافر ) في عصر النهضة .. ليؤسس لفكر وعالم جديد يؤمن بالإنسان والعقل البشري ثم يتحول الى عصر الحداثة والأنوار القائم على العقلانية كأفق نهائي للحكم على الأشياء والأحداث .. فضلاً على تمجيد مبدأ (( الأنسنة )) الذي يعطي الإنسان دوراً مركزياً في الكون .. يواشج كل ذلك مع مبدأ الحرية الذي تجسد أخيراً في بناء النظام الديمقراطي التعددي التداولي ، ناهيك عن إعتماده على العلم الذي حوله من قوة الى قدرة عظيمة يمسك بمفاتيح التحكم بها ليسود العالم ويسوسه كيفما يشاء .. ثم جاء العصر التكنولوجي وأخيراً عصر العولمة القائم على المعلوماتية ورؤوس الأموال المتنقلة عبر الحدود .. والمباغتة لكل دول العالم وفي عقر دارها .. بل أن العولمة صارت تتدخل في حياة البشر جميعاً لا يمكن الفكاك من تأثيراتها من خلال المعلومة الذكية والفائقة والمستشرية عبر وسائل الإتصال المدهشة كالموبايل .. والأنترنيت والفضائيات ... الخ . وهكذا حقق الغرب منجزات علمية لم تخطر على بال .. والقادم طوفان من المعرفة أعظم .
اما نحن العرب والمسلمين فلم نزل في نوم عميق تأسياً بأهل الكهف .. نجتر تراثنا ونعيد إنتاجه .. وفي الوقت الذي ينطلق عدونا بسرعة الصاروخ نحو المستقبل ، ننطلق نحن أيضاً بسرعة الصاروخ ولكن نحو الماضي !! وصار الكثير من لاهوتيينا يرددون .. إذا كان الله قد حبا عدونا بالعلم فإنه سبحانه وتعالى قد حبانا بالإيمان .. ويكفينا الإيمان شرفاً وتفوقاً وإنتصاراً على عدونا .. ومن ههنا أوتينا إذ صرنا لا نفرق بين الإيمان ومطالبه إذ (( نؤكد إيماننا الذي لا يهتز بكل ما أخبرنا به القرآن الكريم بالوحي الصادق )) .. وبين شروط العقل والعلم . فالإيمان تسليم وتصديق قلبي .. حتى وإن تعارض مع نواميس العقل والطبيعة ، لأن الإيمان محل إعتقاد يعتمد على أمر لا يمكن لبشر الحكم عليه .. أي يعتمد على مدى المقبولية من ضمير الإنسان فحسب . أما العقل الذي له شروطه المنطقية المعروفة بإستخدامه لآلة العلم للحكم على الأشياء وأن تعارضت مع التصديق القلبي فلا يوجب كفراً ولا مروقاً .. لأن لكل ميدانه وتصديقه ومجال عمله .. لذلك إنطلق عدونا في تطوره الحضاري من العقل والعلم بخلافنا حيث مكثنا في وهدة التخلف عاكفين على إيماننا فحسب ..
قاتَلَنا العدو بشروط العقل والعلم ومستحدثاته التكنولوجية الرهيبة وقاتلناه بسيوف صدئة تحدوها أحاديث الغنائم والسبي .. حتى صرنا نحن الغنائم والسبايا .. وتكسرت سيوفنا لقدمها .. وصرنا ببقايا نصالها المثلومة نقتل بعضنا البعض بعدما كفّرنا بعضنا البعض !! لقد بات البون شاسعاً بيننا وبين عدونا من حيث العلم والتقدم الحضاري .. حتى عزّ علينا مجرد التفكير في ردم هذه الهوة السحيقة أو تجسيرها ، ومع توالي الهزائم المنكرة التي ألحقها بنا .. ونحن لا نبرح العذاب المهين صار الفرق بيننا وبين عدونا لا حل له إلا بتدخل السماء .. إلا بالمعجزات .. إلا بخيول السماء .. وطير الأبابيل .. لذلك أنّا ههنا قاعدون .. وللحل الرباني فقط منتظرون .. رغم أن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه الكريم : (( إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ))
أيها السادة - العرب – مالم نأخذ بأسباب العلم والمعرفة .. مالم نؤمن بالعقل وشروطه .. مالم نحرر الأسئلة دون تحريم أو خوف أمام العقل والعلم ، مالم نفصل المقدس عن تطور التاريخ الحضاري البشري لأن إحلال المقدس يحول التاريخ الى موقوف وغير فاعل مالم نعنت ونكد ونبذل قصارى الجهد – لا يمكننا أن نوفر الشروط اللازمة للإرتقاء الحضاري والتقدم العلمي .. أيها السادة إن العالم يخوض اليوم معركة أدواتها العلم .. في الوقت الذي نخوضها بأدوات الغيب!! إن المعركة الوحيدة والحقيقية هي معركة الحضارة القائمة على اساس العلم والحرية ، فهل نحاول ولوجها ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا