الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الذوات المُغيبة في السياسة

صاحب الربيعي

2008 / 8 / 11
المجتمع المدني


يعكس النظام المؤسسي في الدول المتحضرة صوره على التشكيلات السياسية لتكون مماثلة لبنيته التنظيمية فكلاهما يحشد الكفاءات والتخصصات لتفعيل آليات العمل، لذلك لا يُخشى على النظام المؤسسي المؤطر بالدستور والقانون المحددان للصلاحيات والمهام في مؤسسات الدولة والمجتمع. إن عدد المؤسسات السياسية في الدول المتحضرة محدوداً قياساً بعدد السكان والمنضوين تحت لواءها لايشكلون سوى نسبة ضئيلة. لأنها مجتمعات مستقرة لايشغلها العمل السياسي، وإنما تشغلها البرامج السياسية كالخدمات والضمان الصحي والضرائب والتقاعد.... فتمنح صوتها الإنتخابي كنوع من تبادل المصالح بينها وبين الأحزاب ولا تعر أهمية لتوجهات الحزب الفكرية.
على الضد من ذلك في الدول المتخلفة ينعدم النظام المؤسسي فيعكس صوره على الكيانات الحزبية بعددها الإنشطاري، فضلاً عن الأعداد الهائلة من البشر المنضوين تحت لواءها. وهذا يؤشر حالة عدم إستقرار المجتمعات الساعية لإتخاذ الكيانات الحزبية (المافيات الحزبية) كمظلة حماية للذات لإنعدام ثقتها بالدولة. والأنشغال بالسياسة دون أن تعي ماهيتها، فغالباً ما تتصدر واجهات العمل السياسي مجموعة من الجهلة والأميين الساعين لتحقيق رغباتهم الشخصية خارج السياقات العامة حيث التنافس الحر تبعاً للكفاءة والخبرة لإحتلال الموقع السياسي والاجتماعي.
هكذا مجتمعات متخلفة غالباً ما تسودها الصراعات الدموية والانقسامات الداخلية (العرقية والطائفية) لأنها الوقود المجاني لإشعال الفتن تحقيقاً للأجندة الخارجية. فالإنسان السوي تصقله التجارب ويتعقل بالمعرفة فكلما زاد وعيه المعرفي كلما زاد وعيه بمصالحه فيرفض أن يكون مطية لتحقيق مصالح نخبه السياسية.
يعتقد (( أورهان باموق ))" أن أغلب الناس لاتشغلهم الخصائص الأساسية في الحياة وإنما يهتمون بالخصائص الثانوية. لذلك أدسها في زوايا المقال كخدعة من خدع الأطفال لإقناعهم، ومع ذلك لايدركون المعنى الذي يحتاج قليلاً من الصبر والذكاء".
تُشبع المجتمعات المتخلفة عواطفها بالأوهام والغيبيات والأفكار الإنسانية الحالمة التي أثبت النهج التجريبي بطلانها، إنها مجتمعات معطلة التفكير، تريد أفكاراً جاهزة وأحلاماً وردية تنقذها من بؤسها وتخلفها دون أن تبذل ما بوسعها للخروج من واقعها المزري. فحالة العجز والوهن تُضعف من عزمها وقدرتها على التفكير بمصالحها فتصبح تابعة كالقطيع دون أن تحقق مبتغاها.
يقول (( باريتو ))" إن الأوهام والغيبيات ذات أهمية عظمى للمجتمعات المتخلفة، فهي تضاهي بأهميتها الصدق المنطقي- التجريبي للمجتمعات المتحضرة".
أما المُغيبين والحالمين من دعاة الفكر الإنساني، فلا يختلفون إطلاقاً عن الجهلة والأميين الذين يزجون بصراعات دموية مع الفئات المتعارضة إنتصاراً للفكر (القناع) الإنساني. فهم غير مدركين لماهية الفكر ذاته، هاجسهم تحقيق شعار ساذج (نحترق كشموع لنضيء الطريق للآخرين!). إن مبدأ الشهادة المغروز في لاوعيهم غيب الكثير منهم مقابل أمتداد محطات العمر لقادتهم من الأشرار والسفلة.
يتساءل (( أورهان باموق ))" هل تعرف إحساس الشخص غير المقتنع؟ فالذين يحاولون إقناعك بالحقيقة، تأكد أنهم غير مقتنعين بها".
إن الإنسان الواعي، هو المدرك لمصالحه، هو الرافض للهيمنة، هو الغاية وليس الوسيلة لتحقيق مصالح الآخرين، وهو المنتمي لذاته ككيان مستقل، لا كذات مُغيبة ومُسيرة يحدد الأخرون مدى أهميتها في الحياة. الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ