الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الله يسعى لهلاك الكفار

زيد ميشو

2008 / 8 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في زاوية تراثيات من إحدى صحف المهجر والتي تصدر في تورنتو؟كندا نشر عن كتاب " شرح لامية العجم " للصفدي ، موضوع نصه " رأيت بعض الأصحاب يأخذ ثلاثين قطعة من الشطرنج ، نصفها من السود ونصفها من البيض ، يرصها رصاً مخصوصاً في صورة دائرة ، ويدّعي أن مركباً كان على ظهر البحر ، وفيه مسلمون ( بيض ) وكفار ( سود ) . فأشرفوا على الغرق . وأرادوا أن يرموا إلى البحر نصف عددهم ليخف المركب ، فينجو بعضهم ويسلم المركب ، فقالوا : نقترع ، ومن وقعت عليه القرعة القيناه في البحر . فتأملهم الريّس بعض الوقت وهم جالسون في دائرة ، ثم قال : ليس هذا حكماً مرضياً ، وإنما الحكم أنّا نعدّ الجماعة ، فكل من كان تاسعاً ألقيناه في البحر . فأرتضوا بذلك ، ولم يزل يعد ويلقي التاسع فالتاسع فإذا به هو ألقى الكفار أجمعين ، وسلم المسلمون ! .
هذا النص نشر سنة 2008 في صحيفة واحدة من أعرض خطوطها هو حقوق الإنسان ومساواته مع كل إنسان مهما كان لونه وشكله وفكره وإيمانه ، فكيف هي كذلك وهذا النص يجعل تمييزاً واضحاً بين من وُصفوا مؤمنين وآخرين أُطلق عليهم كفار ؟ ألا يتبنَّى هذا النص مشروع المفاضلة بين البشر بين مؤمن وغير مؤمن ؟ ومَنْ هذا الذي من حقِّه تصنيف البشر وإدانتهم ؟ وهل غاية الأديان هلاك من لايؤمن ؟
لو حدَثَت مثل هذه القصة فعلاً ، فأيهما الأفضل ، أن يهلك المؤمنون أنفسهم ولغايتين أم يعيشوا هم ويسحق الكفار ؟ الغاية الأولى هي رجاء المؤمن بحياة لاتنتهي ( هذا ماتقر به الأديان بعد الموت ) ، والغاية الثانية هي عندما يرى الكفَّار المؤمنين وهم يتسابقون لإعطاء حياتهم بدلاً عنهم فسيثير سؤالاً في نفسهم " لماذا فعلوا ذلك " ؟ وبهذا تكون هناك فرصة لإيمانهم . بينما نرى في هذه الرواية وجود شريحة تدّعي الإيمان تحتقر من هم ليسوا في إيمانهم . وهذا ينطبق على جميع المنتمين للأديان المختلفة عندما يكونون ضيِّقي الأفق ويرون في مَن يختلف عنهم هالكاً لامحال . تماماً كما هو موجود في نهج احزاب الدول الأحادية والتي لاتقبل بحزب آخر في مملكتها .
إستميحُك عذراً زميلي رئيس التحرير ، إذ نادراً ما نختلف في وجهات النظر ، وهذه المرة أثرتَ حفيظتي لسماحك بنشر هذه الأسطر والتي تزيد الشرخ بين إخوتي المؤمنين وإخوتي أحبائي الكفار . فالمؤمن الحقيقي هو من يقدِّم ذاته عن الآخرين ليكون قدوة في بذل الذات من أجل غاية أسمى ، لا أنْ يعيش على حساب الآخرين ومن ثم يحصل على فردوس . فإذا كان ذلك يُسمى عدالة فهو من وجهة نظري إجحاف بحق الإنسان وما يختار ، وإجحاف بحق الله الذي هو وحده له الحق بإدانة البشر . وجلّ ما يرهقني هو غرور من يدَّعي الإيمان ويتصور أنَّه أفضل من غيره ، بينما يجب أن يكون أكثر من يدرك تواضعه .
ولو أعطينا صورة لفئات المجتمعات قاطبة في العالم أجمع على إنهم في مراكب يبحرون ، لرأينا المراكب التي تحمل أشخاصاً مختلفين في إيمانهم وفيهم غير مؤمنين لرأيناهم يبحرون بسلام أكثر من المراكب التي فيها غالبية مؤمنين من نفس الدين ، ومَن لا يصدِّق فليفتح خارطة العالم ويشير باللون الأحمر على الدول التي تكثر فيها الحروب وبلون مختلف على الدول التي تعيش بسلام . فهل هناك حاجة لإعلان النتيجة ؟
وكما عهدنا رئيس تحرير الجريدة والذي يتصف بشفافيته ونزاهة رسالته الصحفية فقد نشر الموضوع وعقب عليه التعقيب التالي :-
رئيس التحرير : إشارة جميلة من إشارات الزميل زيد ميشو التي تعودنا عليها ، وكُنا نتمنى لو جاءتنا تلك الإشارة من العديد من قُراءنا ، وسعياً منا لإرضاءك زميلنا العزيز ( زيد ) ولإرضاء ربما من كتم غيضه ! نقول إننا نُحاول أحياناً إستفزاز مخيلة قُراءنا ليفكروا ويتساءلوا ، ومنها الموضوع آنف الذكر ، والتساؤل هنا هو كيف يرضى لنفسه المؤمن هذا العمل الماسخ للإنسانية في معناها المجرد ؟! ، وأرجو أن لاتستفزنا أكثر وتجعلنا نصرخ ونقول ( باع ) ونشق ( الكاع ) . الكاع باللهجة العراقية هي الأرض لمن يجهل التعريق ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية