الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع المدني اللبناني يناقش البيان الوزاري

عماد الدين رائف

2008 / 8 / 13
المجتمع المدني


لم يكن يخيل لجنى الحسيني، العشرينية المتطوّعة في اتحاد المقعدين اللبنانيين ذات الإعاقة الحركية، أنها ستبقى ربع ساعة في حر ظهيرة آب خلف سياج أمني منعها من عبوره رجل أمن بثياب مدنية، يؤخرها بذلك عن الانضمام إلى عشرات من الأشخاص المعوقين الذين سبقوها، ومشاركة زملائها من منظمات المجتمع المدني اللبناني الذين تداعوا، اول من امس السبت، لجلسة حوارية لمناقشة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في البيان الوزاري بالتوازي مع انعقاد جلسات مجلس النواب لمنح الحكومة الثقة. كان المشاركون في الجلسة قد تحلقوا على رصيف مقهى يبعد خطوات عن مبنى البرلمان عندما نزع رجلا أمن آخران بثياب مدنية لافتاتهم التي حملت شعار »فليتضمن الحوار الوطني القضايا الاقتصادية والاجتماعية«. لكنه سرعان ما انضمّ إلى المتحاورين وزير الداخلية زياد بارود بعد أن مر رئيس الحكومة محيياً وواعداً بلقاء قريب يضمه بوفد عن المنظمات المجتمعة، ثم انضم النائب غسان مخيبر.
خلف السياج الأمني كانت جنى تنتظر رفاقها، تقدمت ناهدة حميد، وهي متطوعة في الاتحاد من رجل الأمن، واستفسرته عن سبب منعها بينما الناس يمرون بسهولة ويسر، وقد نصبت طاولة صغيرة لتفتيش بعض الحقائب، قال: »هذه أوامر«. »هل تمنعها من الوصول إلى الساحة فقط لكونها معوقة؟. »هذه هي الأوامر، أنا لا علاقة لي احكوا مع شرطة المجلس«. يصل الصوت من خلال جهاز اللاسلكي ليشدد ويضيق أكثر مستهدفاً فئة الأشخاص المعوقين.. »ممنوع الكراسي والعكاكيز...«. تتابع حميد مع رجل الأمن، »أنا متطوعة بالاتحاد، لكن لا إعاقة لدي؟ هل ستخرجني خلف السياج؟«. يقول رجل الأمن: »لا، الآن عرفت أنك معهم. يمكنك أن تدخلي، أما هي فلا!«. يقطع المتطوعون المسافة الفاصلة بين الحاجز ومكان التجمع على رصيف المقهى مرتين، ليعودوا برفقة النائب غسان مخيبر. »جنى ضيفة آتية إليّ شخصياً«، يقول مخيبر لرجل الأمن، يصطحبه رجل الأمن مبتعداً بعضو اللجنة النيابية لحقوق الإنسان عن المتطوعين، ثم يعود ليطلق سراح الفتاة. تدخل جنى قاطعة الطريق المرصوف بين المقاهي على عكازيها بين تصفيق وتعليقات المتطوعين، »بدك نائب لتفوتي.. بدون نائب ما بيمشي الحال«. تعلق الفتاة: »افترض أنني سائحة ولا علاقة لي بالجلسة، هل من الحق أن أمنع من الوصول فقط لكوني أستعمل عكازين؟ ما هذا التمييز؟«.
لم تمر دقائق حتى وصل شخص معوق آخر إلى الحاجز الأمنى، هذه المرة خالد جرادي، وهو شاب يستعمل كرسياً متحركاً. منعه رجل الأمن من الوصول، حاول المتطوع حسان جمعة، ولديه أيضاً إعاقة حركية ويستعمل عكازين، أن يتفاوض مع رجل الأمن، »هل تريدنا أن نستقدم النائب مجدداً؟«. يفرج رجل الأمن عن جرادي مع توصية، »ما تمشوا مع بعضكم.. كل واحد لوحدو!«.

الجلسة الحوارية

كانت الدعوة قد وجهت باسم اتحاد المقعدين اللبنانيين وشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، وضمت الجلسة الحوارية التي عقدت بعد ظهر السبت ممثلين عن جمعيات ومنظمات مدنية ناشطة، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الاقتصاديين والاجتماعيين، وعدد كبير من متطوعي ومناصري هذه المنظمات. أكد المشاركون على وجوب ألا تؤثر مدة ولاية الحكومة على مضمون البيان الوزاري، حيث أن الحكم استمرارية، وبالتالي أن تكون السياسات الحكومية تأسيسية للمستقبل. كما رأوا ضرورة أن يضطلع المجتمع المدني بمهام مراقبة عمل المؤسسات لا سيما التشريعية والإجرائية منها وتوقفوا عند ضرورة تفعيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي كهيئة حوار حقيقية يشارك فيها ممثلو المجتمع المدني في مناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية. وتوافقوا على ضرورة التركيز على المحاور الأساسية التالية: في الجانب السياسي: ضرورة الإصلاح الانتخابي للمشاركة في تحديد الخيارات الوطنية، إنجاز الإصلاح الإداري واعتماد اللامركزية الإدارية والإنماء المتوازن. في الجانب الاقتصادي: تنظيم حوار وطني حول ما ورد في ورقة باريس ٣ حول السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية. في الجانب الاجتماعي: العمل من أجل وضع خطة وطنية للتنمية الاجتماعية بديلاً من البرامج المجتزأة كما وردت في البيان الوزاري. حول العنف في الخطاب السياسي، طالب المجتمعون برفع مستوى الخطاب السياسي والابتعاد عن الاتهامات المتبادلة.
فيما يتعلق بالأشخاص المعوقين، طالبوا بإضافة موضوع الدمج الاجتماعي ليشمل ذوي الاحتياجات الإضافية عندما يتم الكلام عن مشاركة الشباب والمرأة، والدعوة إلى التصديق الفوري على الاتفاقية الدولية بشأن تعزيز حقوق الأشخاص المعوقين وكرامتهم. وانتهى المجتمعون إلى إقرار آلية للمتابعة، وشكلوا مجموعة عمل بدأت عملها لتحضير اقتراحات عملية في هذا الاتجاه.
من ناحيته وعد الرئيس السنيورة المجتمعين بلقاء وفد من المجتمع المدني للحوار حول ما ورد في مذكرة سبق وقدمتها مجموعة منهم إلى لجنة إعداد البيان الوزاري حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية، مطالبة بأن يطرح ملف السياسة الاقتصادية والاجتماعية على طاولة الحوار الوطني. أما وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، الذي حضر جانباً كبيراً من الجلسة الحوارية إلى جانب النائب غسان مخيبر فقد وعد كل منهما بنقل وجهات نظر المجتمعين إلى الحكومة والمجلس النيابي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا تنشر فيديو لمحاولة إحراق مكاتبها بالقدس.. وتعلن إغل


.. د. هيثم رئيس بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة




.. الأمم المتحدة: نزوح نحو 80 ألف شخص من رفح الفلسطينية منذ بدء


.. إيطاليا: هل أصبح من غير الممكن إنقاذ المهاجرين في عرض المتوس




.. تونس: -محاسبة مشروعة- أم -قمع- للجمعيات المدافعة عن المهاجري