الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معلومات يجب أن تعرف !

ابراهيم محمد عياش

2008 / 8 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يرى علماء النفس أن الأسرة تقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية، مثل الوظيفة تلبية الحاجات النفسية كالحب والشعور والأمن و وظيفة اجتماعية أو التطبيع الاجتماعي كالانتماء و تقدير الآخرين، و الوظيفة النفسية كإنجاز و تحقيق الذات ، إلا أن وظيفة الأسرة التربوية، وخاصة فيما يتعلق بعمليات التطبيع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية، ومنح الشعور بالحب والانتماء لا تزال هي الوظيفة الأساسية التي لا يمكن لأي مؤسسة أخرى للقيام بها، خاصة بالنسبة للسنوات الأولى في عمر الطفولة، والتي لا تتجاوز فيها دنيا الطفل حدود أسرته، والتي هي من وجهة نظر المتخصصين تُعَدُّ الفترة الخصبة الأساسية في نقل قيم إلى الطفل، وتأصيل العمليات الخاصة بالتطبيع الاجتماعي والتي يصبح الفرد عن طريقها مستدمجًا للأدوار والاتجاهات والقيم والمهارات التي تشكل شخصيته.
نسيق الأم و الطفل :
قبل الحديث عن النسق و جب عليا تقديم تعريف لنسق System ولعل أفضل هذه التعاريف هو ذلك الذي قدمه هارتمان ولاريد (Hartman & Larid). فالنسق استناداً إليهما هو "ذلك الكل والذي يتكون من أجزاء متداخلة فيما بينها ومعتمدة على بعضها البعض" (Hartman & Larid, 1983: 62.

أما الأسرة فهي تتكون عند عالم الاجتماع الأمريكي Talcott Edger Parsons 1902-1979 من مجموعة من النسيقات مثل نسيق الأم و الطفل ونسيق الإخوة و نسق الزوجين و يتألف النسق غالبا من شخصين تنظم العلاقات بينهما مجموعة من القيم الاجتماعية و يتأثر هذا النسق بالأنظمة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية السائدة في البناء و يشعر الطفل بتشتت علاقات الأم بينه وبين الآخرين فاعتماده الفسيولوجي على الأم ينمي عنده رابطة عاطفية نحوها و هذه العلاقات المتبادلة مع الأم ذات تأثير هام على الطفل طوال حياته فإذا كان التفاعل بينهما يشبع حاجات الطفل جاءت شخصيته سليمة و إذا كان التفاعل بينهما ينقصه الحنان و الحب تفككت شخصية الطفل .
فالطفل يعتمد على أمه و لا تقتصر على الإنجاب فالأم هي محور النشاط التربوي في الأسرة تمنحهم الطاقة النفسية والحب اللازمين للاندماج في الجماعة.
وأصبحت ظاهرة خروج الأم للعمل تنعكس أثارها على بناء النسق ،ولهذه الظاهرة نتائج سلبية و ايجابية على الطفل فارتباط الطفل بالأم أمر ضروري للنمو النفسي للطفل وتكيفه الاجتماعي لكن غياب الأم قد يؤثر على علاقتها بابنها مما قد يثير نوازع القلق والشعور بالحرمان والخوف وعدم الاستقرار فغياب الأم عن البيت هو إحدى التكاليف الباهظة التي دفعتها الأسرة من رصيد الطفل من الحب و الاهتمام و العناية و الرعاية فالحب و الحنان شرطان لعملية التنشئة الاجتماعية والنمو النفسي فهذا الحب ضروري لنمو الطفل اجتماعيا ونفسيا وهو الدافع الذي يرفع الطفل من المستوى البيولوجي إلى المستوى الاجتماعي ولدفع الطفل إلى التعلم نماذج جديدة من السلوك والى اكتساب ادوار جديدة و أهداف و تطوير إمكانياته.
مصداقا إلى ما قلناه إليكم ما خلصت اليه دراساتSPITZ (1887-1974) عن عينة تتكون من170 طفل اصيبو بإظطربات السيكوسوماتية سببها الحرمان العاطفي الذي يعاني منه الأطفال بسب جودهم داخل المصحات بعيدا عن أمهاتهم لمدة طويلة.
عملية التنشئة الاجتماعية:
تبدأ عملية التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة لتكوين الإنسان الاجتماعي أثناء عملية التأثير المتبادل بين الشخص و نسق الأسرة و يزداد هذا التفاعل كلما كبر الشخص، فألام أول الأشخاص الذين يقومون بعملية التنشئة الاجتماعية إذ تشبع حاجات الطفل البيولوجية بانتظام.
فالتنشئة الاجتماعية هي عملية تحويل الفرد من كائن بيولوجي يعتمد على الآخرين إلى كائن اجتماعي يسهم في بناء الحياة الاجتماعية وتطويرها، أي أنها تعنى إعداد الإنسان للعيش في المجتمع، ولا تحدث التنشئة الاجتماعية بشكل عشوائي، وإنما تتم عبر مؤسسات من أهمها، الأسرة، المدرسة، الجماعات الرفاق ، ووسائل الاتصال الجماهيري.
الأسرة Family :
نجدها هي الجماعة الأولى التي تستقبل الطفل وليدا، وهي التي من خلالها تبدأ عملية التنشئة الاجتماعية، حيث إن صورة الذات عند الطفل تكون انعكاسا لشعور الأسرة نحوه كعضو مهم فيها، لذلك فإنه يتأثر مباشرة باتجاهات وقيم الأسرة ومعتقداتها ومعاييرها، والطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها، فالأسرة هي التي تسهم في تطوير الشعور بذات المستقلة عن الآخرين لدى الطفل ، و في هدا الصدد لا يمكن تجاهل دور الوالدين وأسلوب المعاملة الوالدية، وأثره هذه على نمو شخصية الطفل فنجد أن هناك العديد من أساليب المعاملة الو الدية ذات دلالة واضحة في درجة التوافق النفسي و الاجتماعي فيما بعد و يمكن حصر هذه الأساليب فيما يالي:
أسلوب الرفض: Rejection Style
وفيه يشعرا لطفل بعدم تعبير والديه عن حبهما له، وشعوره بتضايق والديه من تربيته وابتعادهما عنه، وتداعيات هذا الأسلوب على شخصية الطفل في المستقبل يكون محفوف بالمخاطر كإصابته اضطرابات نفسية و من أفظعها السيكوباتية.
أسلوب الحماية الزائدة Over-Protection Style:
فيه يدرك الطفل أن والديه يمنعانه من الاختلاط بالآخرين خوفا عليه، وأن كل رغباته تلبى بسرعة،
و هذا الأسلوب يكون في العموم الشخصيات الاستحواذية بفعل التدليل الزائذ.
أسلوب الإهمال Negligence Style :
يدرك الطفل بأن والديه مشغولان عنه ولا يبديان اهتماما بالأمور التي تخصه، ولا يهتمان بإثابته أو بعقابه على تصرفاته،
أسلوب القسوة Cruelty Style:
يدرك الطفل الرهبة والخوف من والديه عندما يطلب شيء منهما، ويشعر بأنه يعاقب من قبل والديه عقابا لا يتناسب مع أخطائه البسيطة.
أسلوب بث القلق والشعور بالذنبInstilling And Sense Of Guilt Style :
يدرك فيها الطفل أن والديه يعتبرانه ناكرا للجميل عندما لا يطيعهما، ويدرك أن والديه يتصيدان له الأخطاء والهفوات ويحاسبانه عليها في الوقت الذي يتجاهلان فيه سلوكه الحسن.
أسلوب التذبذب Oscillation Style:
وفيه لا يعرف الطفل الحالة المزاجية لوالديه في لحظة معينة، لأنهما يتسمان بتقلب المزاج، وفيها يدرك الطفل أنه قد يعاقب على سلوكه في مره، ولا يعاقب على نفس السلوك في مرة أخرى، وفيها يشعر الطفل أيضا أن الوالدين يغيران من الآراء التي أعلناها، إذا وجدا أن هذا التغيير يناسبهما.
أسلوب التفرقة Differention Style :
وفيه يدرك الطفل أن والديه يهتمان بأحد أخوته أكثر من الآخرين، ويميزان أحد الأخوة في المعاملة لأنه أفضل سواء كان في المذاكرة أو المظهر أو الصفات الجسمية، بينما في:
أسلوب التحكم Control style :
يدرك الطفل أن الوالدين يتمسكان بضرورة طاعته لهما، حتى في تحديد نوع الملابس التي يشتريها والتي يلبسها، و في هذه الحالة يكون الوالدين قد رسخو لإبنهما استعدادات الشخصية تابعة أو تجنبية .

الخلاصةالقول إن الطفل يدرك أسلوب التنشئة من خلال المعاملة الوالدية والأجدر بالوالدين أن يعاملانه معاملة طيبة، ويعطيانه الحرية، والثقة، ويلبيان رغباته في معظم الحالات، وأن يشعرانه بالدفء الأسري، وعدم التفرقة بين الأخوة في المعاملة، وأن تكون المواقف ثابتة، وأن لا يتم التقليل من شأن الطفل، وأن يكون العقاب مناسب مع الخطأ الذي يرتكبه الطفل، كل هذا يجعل من الطفل إنسانا مستقرا من الناحية النفسية والانفعالية، ويجعل منه شخصا سويا نافعا لنفسه ولأسرته ولمجتمعه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟