الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما .. فن الأشباح

محمد سمير عبد السلام

2008 / 8 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بقلم جاك دريدا
أولا : مقدمة الترجمة :
الحديث الذي نقدمه هنا للمفكر الفرنسي جاك دريدا هو جزء من فيلم بريطاني بعنوان " رقصة الشبح " Ghost Dance للمخرج كين ماكمولين ، و هو يبحث علاقة الفن السينمائي بأفكار دريدا حول الطيف ، أو الشبح .
إن الشبح عند دريدا هو انفلات التكوين من حدوده الأولى ، و معرفته الكاملة بذاته ، و بالآخر ، و قدرته على مساءلة الصوت ، و المركز من خلال اختراقاته المتكررة لهما دون بداية أو نهاية .
الطيف هنا حضور لا يسعى للاكتمال أبدا ، و لكنه يقاوم النهايات ؛ فقد قام دريدا في كتابات أخرى باستدعاء الأرشيف الفرويدي ، و أطياف ماركس ، و أطياف رولان بارت ، و زهرة جان جنيه ، و غيرها .
و يلتحم الطيف بفكرة الخروج عند دريدا ؛ فهو خارج الموت ، و الحياة ، و الروح ، و الجسد ، و النص ، و ما وراء النص ، و الأنا و الآخر ، كما يؤكد أن السينما تحرضه على الخروج ، و الأداء خارج المعرفة عن طريق الأصوات المختلطة ، و الصور المستبدلة التي تنبع من منطقة تشبه الفراغ الإبداعي ؛ لثرائها بالأخيلة ، و الأطياف المستقبلية .
لا يمكننا القبض على الشبح أو تحديده هنا ، فهو ينفلت من المادة ، أو هو نفسه انفلات المادة ، كما أنه يعيد تمثيلها باستمرار .
يقول دريدا في كتابه " أطياف ماركس " :
" الطيف هو دمج متناقض . و إن الصيرورة جسما لتعد شكلا ظاهريا و جسديا للنفس . و إنه ليبقى بالأحرى شيئا تصعب تسميته ؛ إنه ليس روحا ، و لا جسدا ، و مع ذلك فهو الواحد و الآخر . ذلك لأن اللحم ، و الظواهرية ، هي التي تعطي إلى النفس ظهورها الطيفي ، و لكنها تختفي مباشرة في الظهور ، في مجيء العائد نفسه ، أو في عودة الطيف .. و هذا الكائن الغائب ، أو المختفي لم يعد يصدر عن المعرفة ، و إنه على الأقل أكثر مما نعتقد معرفته باسم المعرفة " ( راجع – دريدا – أطياف ماركس – ترجمة منذر عياشي – مركز الإنماء الحضاري بحلب 1995 ص 28 و ص 29 ) .
هكذا يكون الشبح أقرب للأداء الملتبس المجرد ، و في الوقت نفسه فإنه يقوم بتمثيل الوعي مع إقصائه في آن .
و يسير حديث جاك دريدا في اتجاهي التعزيم لاستحضار الطيف من فن السينما ، و الأدب ، و الذات ، و التاريخ ، و التحليل النفسي ، و كذلك أولية الحدوث ، و الأداء ؛ مما يؤكد أن أصوات الآخر / الاستعاري الذي يستحضره دريدا ستزداد انتشارا في السينما ، و ستنتقل بالضرورة – في صمت – إلى مجالات أخرى من المعرفة ، و إلى مفكرين ، و أشخاص آخرين دون نهاية .
محمد سمير عبد السلام
ثانيا : السينما فن الأشباح
حديث : جاك دريدا
ترجمة : محمد سمير عبد السلام – مصر
في البداية أنت تسألين شبحا حول اعتقاده في وجود الأشباح ، و الشبح هنا هو أنا منذ أن دعيت لتمثيل نفسي في فيلم مرتجل تقريبا .
أشعر في هذه الحالة بأن الشبح يتحدث عني بدقة بدلا من تمثيل نفسي بدون معرفتها .
إنني أترك الشبح يتحدث باطنيا عن أعمالي ، أو يلعب دوري الذي قد يكون أكثر طرافة .
إن السينما هي فن الأشباح ، و معترك الأخيلة ؛ و هذا هو ما أعتقده عنها ؛ فهي حين تتخلى عن الضجر ، تصير الفن الذي يسمح للأشباح بالعودة ، و الظهور ، مثلما نفعل نحن الآن .
أنا إذا شبح ، و لكنني أصدق أنني أتحدث بصوتي الخاص ، و هو كذلك بدقة ؛ لأنني أصدق أنه صوتي الذي سمحت له أن يكون مأخوذا بواسطة صوت آخر ؛ ليس مجرد أي صوت ، و لكنه صوت أطيافي الخاصة ؛ و هكذا توجد الأشباح ، و هي التي ستجيبك دائما ، و ربما ستكون مستعدة لامتلاك الكل . هذا ما يبدو لي .
ينبغي أن يحدث نوع من التبادل بين فن السينما في أصالته الكبيرة غير المنظمة ، و التحليل النفسي ؛ فالسينما حين تضاف للتحليل النفسي ، تصبح علما للأشباح .
أنت تعلمين أن فرويد كان يجب أن يقتسم حياته كلها مع الأشباح . الآن يعد التليفون طيفا . حسنا ، لقد كان صوتا طيفيا لشخص ما لا أعرفه ، و قد أخبرني حكاية قديمة عن شخص وصل من أمريكا ، كما ذكر أنه يعرف أحد أصدقائي .
إن ما قاله كافكا حول الرسائل المتبادلة ، أو الخطابات ينطبق أيضا على الاتصال الهاتفي.
و أعتقد أن التطورات الحديثة في التكنولوجيا ، و وسائل الاتصال ، ستورث في النهاية حقبة للأشباح ، بدلا من الإقلال منها كما يفعل أي تفكير علمي ، أو تكنولوجي .
هذه الحقبة تمثل جزءا من عصر قديم ، و تكنولوجيا بدائية ، و لكنها أيضا تبدو كولادة يقينية ، حيث أعتقد أن الأشباح جزء من المستقبل .
إن التكنولوجيا الحديثة للصور ؛ مثل التصوير السينمائي ، و وسائل الاتصالات تعزز من قوة الأشباح ؛ كي تلازمنا .
لقد تمنيت في الحقيقة تحريض الأشباح ؛ للخروج ، و ربما نبع هذا الطلب منا جميعا .
إنها الفرصة لاستدعاء الأشباح ؛ مثل :
شبح ماركس ، و شبح فرويد ، و شبح كافكا ، و شبح أمريكا ، حتى فيما يخصك أنت أيضا .
لقد قابلتك – فقط – هذا الصباح ، و الآن أراك معدة للاختراق بواسطة كل أشكال الأطياف ، و حول ما إذا كنت أعتقد بوجود الأشباح أم لا ، أقول إنها تحيا .
****
حديث جاك دريدا منشور على الرابط :
http://www.youtube.com/watch?v=0nmu3uwqzbI

تقديم و ترجمة : محمد سمير عبد السلام – مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو