الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد حسين فضل الله

سعدون محسن ضمد

2008 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنقل لنا وسائل الإعلام بين الحين والآخر تناول السياسيين أو المثقفين أو رجال الدين اللبنانيين للشأن العراقي، وليس غريباً طبعاً أن تكون هذه التناولات لبنانية الهوى، بمعنى أنها قراءة للواقع العراقي بحروف وأوراق وأقلام لبنانية. ومن هنا جاءت دعوة حسن نصر الله الشهيرة للسياسيين العراقيين للتصالح مع صدام حسين، فالرجل لا يتعامل مع المشاكل العالقة بين الطرفين عراقياً بل لبنانياً. هو لا يريد أن تدخل أميركا للمنطقة، لأنها تقوي إسرائيل من جهة وتضعف حليفته إيران من جهة أهم. وإزاء هذين الخطرين لا يعبأ نصر الله بعد ذلك بالمخاطر التي كانت ستنجم لو تحالف أو تصالح سياسيو العراق مع صدام، فشر صدام، الذي تم تدجينه آنذاك، لا يمكن أن يصل لبنان ولا إيران بأية حال.
مثل هذا التعامل يجب أن يكون درساً يفسر حقيقة حال رجال الدين السياسيين الذين لا يتحركون إلا سياسيا أما الدين عندهم فتابع للسياسة وليس قائداً لها، وإلا لماذا اختلف موقف حزب الله من موقف أحزاب الإسلام السياسي العراقية التي رفضت بشكل قاطع التصالح مع صدام واشتركت بعملية إسقاطه؟
الموقف اللبناني من العراق لن يتغير استناداً لمعادلة المصالح السالفة وقلنا أن هذا أمر طبيعي لكن تصريح السيد محمد حسين فضل الله الأخير ـ والذي سلب خلاله الشرعية من الحكومة العراقية في حال انها أبرمت أية اتفاقية مع أميركا ـ يطفو على سطح الوعي ولا يمكن تجاهله بأية حال. والسبب ان الرجل ممن يرون ضرورة ربط الدين بالسياسة فهو رجل دين (واقعي) وكثيراً ما اتصفت آراؤه الدينية بهذه الصفة فلماذا تتوقف واقعيته عندما يعالج الشأن العراقي؟
كيف يتصور السيد فضل الله أن ينتهي حال القوات الأميركية في العراق دون إبرام أية اتفاقية؟ ولماذا لا يترك شأن هذه الاتفاقية للمرجعية الدينية العراقية التي يعلم جيداً أن لها تأثيراً مهما في سياسيي العراق؟ ثم ألا يعلم بأن الحكومة الماسكة بالسلطة في العراق هي حكومة أحزاب إسلامية شيعية، وأن بعض هذه الأحزاب كان، وربما لا يزال، على علاقة وثيقة بمرجعيته.
يندرج تصريح فضل الله الأخير بجملة التشويش اللبناني على الشأن العراقي، وهذا التشويش طبيعي لأنه يصدر عن مصلحة لبنانية، لكنه يؤكد قضية فك الارتباط بين الدين والسياسية، ذلك أنه يكشف عن أن المراجع الذين يقولون بوجود مثل هذا الارتباط لا يديّنون السياسة بقدر ما أنهم يسيّسون الدين، فعند فضل الله الدين تابع للسياسة اللبنانية وليس العكس. والدليل أن الرجل تنويري حداثوي في كل شيء إلا في السياسة، وهذا الموقف ترجمة حرفية لواقع حياة شيعة لبنان فهم تنويريون في لباسهم ومأكلهم والأعم الأغلب من تفاصيل حياتهم ولا يتكئون على الدين إلا عندما يريدون النيل من إسرائل. يعرف ذلك من زار لبنان وعرف اللبنانيين عن قرب. بالمناسبة وما دمنا تكلمنا عن موضوع الدين والسياسة وعلاقة ذلك بالموقف من تطورات الواقع العراقي لا بد من الإشارة إلى أن ما سمي بالمقاومة الشيعية للاحتلال كموقف سياسي إسلامي لم ينطلق من فتاوى المدرسة الشيعية العراقية، بل من فتاوى مراجع إيران، ومثل هذه الفتاوى ينطبق عليها ما ينطبق على فتاوى فضل الله، أي أنها فتاوى إيرانية سياسية وليست إسلامية سياسية. وهذا ما يؤكد فك ارتباط الدين بالسياسة. فتماهي آراء المدرسة الدينية اللبنانية مع الواقع اللبناني والإيرانية مع الواقع الإيراني واختلافهما مع الواقع العراق يؤكد أن رجال الدين السياسيين لا ينطلقون في قراءتهم للوقائع السياسية من وجهات نظر دينية بحتة، بمعنى أنهم يتحركون، كسياسيين، من منطلقات دنيوية وليست دينية الأمر الذي يسقط دعواهم بوجود ارتباط بين الدين والسياسة ارضاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و


.. 61-An-Nisa




.. 62-An-Nisa


.. 63-An-Nisa




.. 64-An-Nisa