الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سايكولوجيا السياسي الجاهل

صاحب الربيعي

2008 / 8 / 18
المجتمع المدني


إن المهن بصورة عامة عبارة عن تخصصات بسيطة ومعقدة لأعمال مختلفة لايمكن القيام بها دون أكتساب الخبرة والمعرفة اللازمة لإنجازها. وتقاس مهارة العاملين بمدى إتقانهم وإنجازهم للمهام الموكلة فكلما كانت الخبرة عالية كلما توفرت مؤشرات ناجحة لإنجاز العمل. كذلك الأمر في مهنة السياسة كلما كان ممتهن السياسة مُكتسب للعلوم والثقافة السياسية والخبرة كلما كان أداؤه جيداً، وبخلافه كلما كان جاهلاً وقليل الخبرة كلما أنعكس سلباً على أدائه في إنجاز المهام الموكلة.
تفرز الدول المتحضرة مؤسسات سياسية تستقطب نخب سياسية وثقافية وعلمية ذات تخصصات مختلفة، تمتهن السياسة باعتبارها علم قائم بذاته لإدارة شؤون الدولة والمجتمع. وعلى الضد من ذلك في الدول المتخلفة تفرز كيانات حزبية تستقطب الجهلة والأميين، وممتهن السياسية يكون في الغالب جاهلاً وتحصيله العلمي متدني أو مطعون فيه مما ينعكس سلباً على إدارة شؤون الدولة والمجتمع.
يعتقد (( سعيد أرمومند ))" أن العلاقة بين الشكل التنظيمي المعياري لمؤسسات خاصة والثقافة السياسية السائدة، تعد علاقة تناغم وإنسجام أكثر منها علاقة حتمية صارمة".
إن الفشل في إنجاز المهام الموكلة في المجال المهني ينعكس سلباً على الكينونة ذاتها مما يولد إحساساً بعدم الأهلية وشعوراً بالحقد والكراهية للآخرين، وتزداد الضغوط النفسية غير مباشرة على الذات الجاهلة لتأشر ضعف خبرتها وتدني مستواها المعرفي فتسعى لتهميش وإقصاء منافسيها لتقلل من وتيرة إحساسها بالدونية.
إن وجود المثقف الرافض للهيمنة والتدجين في ساحة العمل السياسي يسبب إرباكاً لإداء السياسي الجاهل لشعوره في اللاوعي إنه خارج المنافسة، وهناك من يتصيد أخطاءه ليعرض بثقافته وأداؤه أمام المجتمع. فضلاً عن تأشير إضطرابه النفسي، وعدم السيطرة على أفعاله وسلوكه وخشيته العيش كذات مستقلة وصاحبة قرار كالذوات السوية في المجتمع.
هذا الصراع النفسي المحتدم في الذات غير السوية للسياسي الجاهل تجعله يعاني عدم الثقة بالنفس فيجاهد التخلص منها والارتماء بأحضان الجماعة لتنظم سلوكه وممارسته بما يحقق أهدافها، فالمنضوين للجماعة عبارة عن ذوات قاصرة تعاني من أختلال وعيها وأضطراب سلوكها وتدني ثقافتها وخبرتها في الحياة اليومية فتوكل للجماعة ترتيب شؤونها لتشعر بالإستقرار الكاذب وتوهم ذاتها بأنها غير مسؤولة عن سلوكها وممارستها اليومية مهما كانت متعارضة مع قيم المجتمع.
يقول (( فرويد ))" إن السياسي غالباً ما تكون حياته الشخصية مضطربة، فيهرب بها إلى الجماعة لتصبح أكثر أستقراراً وقبولاً في الوسط الاجتماعي".
إن الاختلال النفسي الذي يعاني منه السياسي الجاهل تحديداً يعد حافزاً لارتباطاته المشبوهة بأجندة خارجية وعلى حساب الوطن لإحساسه في اللاوعي أن قيمته وشأنه يتعاظم مع تعاظم دوره الخياني ضد المجتمع الساعي أبداً لتحجيمه وتقليل شأنه وتحديد مستواه الحقيقي في الوسط الاجتماعي.
هذا الضغط النفسي والتوتر الدائم والصراع بين الذات السياسية الجاهلة والمجتمع السوي المحتكم للتنافس الحر لتحديد المستويات والمراكز الاجتماعية والثقافية والسياسية، يولد ضغطاً نفسياً كبيراً على الذات الجاهلة فتنحاز أكثر للأجندة الخارجية المتعارضة مع قيم المجتمع لإكتساب الاعتراف بدورها وأهميتها وعدم عودتها لوسطها الحقيقي في أسفل الدرك الاجتماعي.
يعتقد (( محمد زيعور ))" أن الذهن المتخلف يعاني من التفكير وحيد الجانب والأتجاه، نظراً لتحكم علاقة المتسلط والرضوخ: كلمة السيد وأوامره، قانونه، يقابلها سلوك إنفعالي للتابع الذي يعمم بدوره نفس الموقف الذهني في مختلف وضعيات الحياة".
إن حجم العنف المستخدم ضد المثقفين والكفاءات العلمية من السياسي الجاهل يعكس حجم حقده وكراهيته وشعوره بالدونية وسعيه لإلغاء مبدأ التنافس الحر في المجتمع وإحلال مبدأ فرض الإرادة بالعنف على الآخرين ليتوازن نفسياً ويقل شعوره بالدونية أمام الكفاءات العلمية والثقافية.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دوجاريك: القيود المفروضة على الوصول لا تزال تعرقل عمليات الإ


.. الأونروا تقول إن خان يونس أصبحت مدينة أشباح وإن سكانها لا يج




.. شبح المجاعة في غزة


.. تشييد مراكز احتجاز المهاجرين في ألبانيا على وشك الانتهاء كجز




.. الأونروا: أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من التعليم بسبب ا