الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمة والدولة

صاحب الربيعي

2008 / 8 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ليست الأمة مفهوماً مجرداً بل بوصلة لبشر وتاريخ وأرض وصلات ووشائج إنسانية نُسجت عبر التاريخ. إنها مفهوماً ملموساً يعبر عن حقائق ومعالم تؤرخها الأحداث لتكون ذاكرة لفئة (فئات) الأمة. هذه الكتلة السكانية بأرثها وذاكرتها تؤرخ لحضارات غابرة ساهمت في رفد الحضارة الإنسانية، فالأمة (الأمم) ركن أساسي من تشكل الدولة وأداتها الإنسان المساهم في رسم معالم محيطه باعتباره عضواً في إحدى خلايا الدولة التي تعد المرجل الجامع للأمة (الأمم) على أرض الوطن.
يعتقد (( مارسيل بروست ))" إذا كان الإنسان يشكل جزءً فعالاً من الأمة فإنه يعد خلية في جسم الدولة".
إن توصيفات الأمة: القومية، اللغة، والدين....بالرغم من أهميتها في تشخيص حركة التاريخ الحضاري فإنها ليست بذات الأهمية والدلالة في الوقت الرهن، فالمنظور القومي بدلالته العددية على الأرض لايشكل مركز استقطاب حقيقي فهناك العديد من القوميات الصغيرة أخذت تشكل مراكز استقطاب معرفي في العالم مما عزز حضورها ودورها قياساً بالقوميات الكبيرة التي أسهمت في التاريخ الحضاري ومن ثم تراجع دورها في الوقت الراهن.
كذلك الأمر بالنسبة لأهمية اللغة التي لم تعد صدىً لقوميتها على وجه التحديد وإنما صدى للمتحدثين بها وبالتالي لحضورها العالمي في مجال المعارف الإنسانية، فمفهوم الدولة وحضورها المعرفي طغى على مفهوم القومية وحجمها السكاني. وأصبحت الدولة تمثل الأمة (الأمم) على الأرض والمواطنة لم تعد دالة قومية بقدر ما هي أنعكاس لهوية الدولة. ولم يعد تشكل الدولة أُس حضاري معبر عن الأرض والمجتمع وإنما تعبير سياسي-تصنيفي لمدى حضورها الدولي باعتبارها دولة ناجحة أو فاشلة بالمعايير السياسية.
يرى (( الياس مرقص ))" أن اللغة العربية، الأمة العربية، الديمقراطية الشعبية، المجتمع الأشتراكي... عبارة عن صفات تأكل الموصوف!. نبحث عن لغة، أمة، مجتمع، ديمقراطية...ونحذر من دولة قطرية، أمة عربية قوامها أتحاد لقبائل قديمة وحديثة، ومن وحدة عربية نواتها أمبرطورية أرياف...نطمح لبناء دولة، وتبني مفهوم الدولة- دولة الحق".
أما الدين فمازال يعبر عن ضمير الأمة لما ينسجه من علاقات إنسانية أو علاقات عدائية بين أبناء الأمة (الأمم) على الأرض، فلا يجوز إضعاف مقوماته لأنه حاجة روحية وأداة رادعة لأفعال الشر ورافعة لأعمال الخير عند عدد غير قليل من البشر. وبغض النظر عن أستغلاله من البعض ليكون أداةً للشر وحافزاً لإرتكارب الجرائم البشعة بحق المخالفين، أي إنه سلاحاً ذوي حدين إن أُحسن استخدامه لأعمال الخير عزز السلم الاجتماعي وإن أسيئ أستخدامه تسبب في خللة النظام الاجتماعي.
يقول (( روسو ))" لايكفي أن يكون للأمة دين، وإنما أن يجب أن تتحدد قيم الدين مع القيم الاجتماعية في عقول البشر ولا يسبب شق وحدة الإرادة العامة. ويجب أن لايكتفي الدين بتنشئة جيل من المتدينين الصالحين، وإنما يهتم بتنشئة جيل من المواطنين الصالحين".
التقدم الحضاري قلل من أهمية المفاهيم التقليدية (العصبية القومية، الأغلبية العددية، مساحة الأرض، اللغة، الديانة، والقوة العسكرية...) لتشكل الدولة مقابل تحديث لمفهوم الدولة ومقوماتها ومستلزمات بناءها ونجاحها على المستوى: الاقتصادي، الديمقراطي، ضمان حقوق الإنسان، صيانة البيئة، رفاهية الإنسان، مستوى التعليم، البحوث العلمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر