الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسية القيادية المنعزلة في اليسارية تؤدي الى التطرف ثم الفشل

عبد العالي الحراك

2008 / 8 / 20
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


اقصد بالرأسية بقاء الفكرة برأس صاحبها والصعود به وبها الى القمة بعيدا عن الناس والواقع لمجرد ان يكون رأسا في مجموعة من الناس مهما صغرت ومها ضعف تأثيرها وقائدا لها وان تلاشت. عندها تنفصل الفكرة بصاحبها وتمنعه من تحقيق ادنى مستوى من اهدافه ولا يمكن تطبيقها او جني ثمارها, رغم صحتها نظريا وأحتمال صدق حاملها وسلامة رأسه .لابد لذلك الشخص ان يضحي بقناعاته الشخصية تلك من اجل المحافظة على اهدافه ,ويتنازل عن فكرته او يخفف من سرعة صعوده الرأسي و يغيراتجاهه افقيا مع الناس من اجل الصعود الجمعي ولو بصورة ابطأ ولكنه صعود يجنى ثماره . والا ما فائدة الصعود الرأسي المفرد , اذا كانت الفكرة اجتماعية واهدافها سياسية ,بمعنى انها تخص الناس والمجتمع وليس الفرد صاحب الفكرة.ولما كانت السياسة تعني الدفاع عن مصالح الناس والعيش مع الناس ولأجل الناس وحسب الفكرة الصحيحة التي يبدأ الايمان بها من قبل شخص ثم اشخاص ثم مجتمع.اصحاب الافكارالسياسية الصحيحة الذين نجحوا بأفكارهم, نجحوا لأنهم عاشوا على ارض الواقع ,فاصبحت هذه الافكار وتجاربهم مدارس سياسية وفكرية محترمة , يقتدى بها ويستشف منها مع ما ينطبق على ظروف اخرى وتجارب اخرى ..اقول يستشف منها ولا اقول تنقل حرفيا, فتفشل الفكرة ويفشل صاحبها. فاللينينية كنظرية تطبيقية لتأسيس الحزب الطليعي الذي يقود الشعب الى الاشتراكية وكمثال حي لتطبيق ذاتي للماركسية في الاتحاد السوفييتي السابق وهي ايضا نتاج لفهم ونشاط لينين والحزب والظروف الذاتية والموضوعية التي ادت الى النجاح مع بعض الاخفاقات حيث (لا نجاح مطلق ولا فشل مطلق) في الاعمال والاشياء .وعليه فالالتزام باللينينية يفترض ان يكون التزاما ذاتيا نسبيا تحكمه الظروف الموضوعية وليس امرا مطلقا كما هي كنظرية ثابتة ...كذلك الحال مع الماوية التي هي تجربة ذاتية ناجحة في الصين ايام الزعيم ماوتسي تونغ والفترة القصيرة التي لحقته ,لا يمكن استنساخها ,كما انها لم تنجح كما هي في اية تجربة اخرى استنسختها ,لان الافكار التي طرحها ماوتسي تونغ والقيادة الصينية معه كانت متطابقة مع الظروف الموضوعية في الصين , بحيث كانت تساعد على نجاح الظرف الذاتي لدى ماوتسي تونغ والصين شعبا وارضا وتاريخا , والا كيف يمكن استنساخ مسيرة الالف ميل التي قادها ماو والشعب الصيني لمواجهة عملاء الاستعمارالبريطاني على الاراضي الصينية في حينه؟ فقد كان لنجاح هذه المسيرة التي لم يعرف ظروفها في حينها الا ماوتسي تونغ والقيادة الصينية وفهمه لخواص وسمات الشعب الصيني وحضارته وتاريخه. فلوانها فشلت, لفشلت التجربة الماوية ولم ترتق كما ارتقت الى مستوى ان تصبح نظرية ناجحة في حرب التحريرالشعبية التي اختطها ماوتسي تونغ , رغم انه مؤمن بصحتها على المستوى الشخصي ولكن دعمت موقفه ,الظروف الموضوعية التي كانت موجودة. كذلك الحال مع بقية التجارب الذاتية والمحلية. حتى تلك التجارب التي لم تحقق النجاح لظروف قد تكون موضوعية اكثر منها ذاتية مثال التروتسكية التي تدعو الى (الثورة الدائمة) او (الثورة المستمرة) وهو مبدأ ماركسي سليم. مبدأ التعيش السلمي مع الامبريالية الذي اوجده لينين نتيجة الظروف الذاتية والموضوعية للثورة وما كان يحيط من اعداء ومخاطر, والذي اظهرترتسكي معارضته العلنية له بعد وفاته ,مما ادي الى ظهورالخلاف العلني مع ستالين ونفيه الى المكسيك وموته هناك. فالثورة الدائمة مبدأ ماركسي سليم, الى حين اكتمال نجاح الثورة الاشتراكية في جميع انحاء العالم . لكن هل ان تروتسكي كان بالظرف الذاتي الشخصي والذاتي السوفييتي ومطابقته وملائمته مع الظرف الموضوعي المحلي والعالمي , مؤهلا لأن يضمن فيه نجاح فكرته في تطبيق المبدأ الصحيح في النظرية الصحيحة؟ خاصة وقد اثبت لينين صحة افكاره والنجاح العملي الذي حققه على مستوى قيادة الحزب وبين صفوف الشعوب السوفيتية , حتى وان كان مبدأ التعايش السلمي مع الامبريالية ليس مقبولاعلى المستوى النظري, الذي كان منطلقه الاساسي الاستجابة للظروف الذاتية للثورة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي وما يحيطها من مخاطرداخلية وخارجية والحرص على نجاحها والسعي للخروج من الازمات ومنها التهديد بنشوب الحرب الاهلية. فالافكار والمذاهب والنظريات تخلقها عقول البشر في
الظروف المعينة, وقد تكون ظروف قاهرة وهؤلاءالبشر محترمون وليس مقدسين مدى الدهر وفي كل مكان .والا ما هوالاصح في تطبيق المبدئين ,هل مبدأ التعايش السلمي مع العدو واحتمال انتصاره لاحقا, ام تبني مبدأ الثورة الدائمة والاستمرار به لحين تحقيق الاشتراكية والانتصارالكامل في العالم اجمع وهو غير مضمون النجاح ؟؟ حول هذا الموضوع ومواضيع اخرى مشابهة في التجارب الذاتية على الواقع المعين ,لا يصل الحديث والنقاش الى نتيجة عملية مفيدة في الوقت الحاضر, كما لا يمكن البناء عليها في ايجاد مبرر للاختلاف والتناقض بين تيارات اليسار في العالم ومن بينها في العراق , لانها تجارب حصلت في الماضي, الا في نطاق الاستفادة منها لغرض صياغة تجربتنا المحلية بقدر تقاربها او ابتعادها عنها دون استنساخ ودون انتماء مطلق لهذه التجربة دون الاخرى, لان النظرية الاساسية موجودة ومنهج العمل موجود في الماركسية, اما اساليب التطبيق فهي اساليب ذاتية ومحلية متغيرة , ويكفي المرء ان يتحلى بالعلمية والمنطقية والفهم الديناميكي العميق والمتطورللنظرية العامة, لتحقيق النجاح ولا مبررللانطواء حول التجارب الاخرى ,جاعلين منها موانع لقاء وعوائق وحدة ,اوجعلها تحل محل المنهج النظري الاساسي للماركسية , وان كانت ناجحة في ظرفيها الزماني والمكاني والمواصفات الشخصية للقائد والقيادة وهي ضرورية جدا . فلم ينجح من نادى فقط باللينينية. ولم ينجح من تقوقع على نفسه بالماوية وكذلك من خاب ظنه بالستالينية وما حملت حولها من انتقادات ومثالب والتروتسكيةكذلك وان بقيت فكرة لم تجرب... والخ من المواقف الجامدة التي تؤدي الى التطرف والفشل ,دون ان يشعر صاحبها , لانه مخدر باحلام نجاحها ,كرجل الدين المتصوف يتعبد في كهفه. هكذا هو الانعزال والتطرف,ان يزرع الانسان في رأسه فكرة لا يقدرعلى تطبيقها,لمواصفاته الشخصية والذاتية اولتعقيد الظروف الموضوعية او لمجموعها. حول هذا الموضوع انبه الاخوة الاعزاء في يسارالعراق ان لا ينشغلوا فيه كثيرا وان لا يعطوا الانحيازالنظري والمكاني من عدمه لهذه التجربة او النظرية وضياع الوقت في النقاشات العدمية التي قد تصل الى الاتهامات والمهاترات. الأفضل في اعتقادي استعاب النظرية الماركسية جيدا واحترام جميع التجارب الاشتراكية ودراسة الواقع العراقي المريرحاليا والانفتاح على الجميع ابتداءا من الاقرب في العقيدة والمبدأ العام , تاركين الخلافات الثانوية في المرحلة الحالية. هذا يتطلب من الشخصيات الواعية والمتفتحة ,ان تنزل الى الساحة وتخترق عزلتها ,التي اصطنعتها لنفسها من خلال (النظرية الرأسية القيادية) التي لا تنفع شيئا بدون التضحية والايثار واعطاء الفرصة للاخرين ان يناقشوا ويكتشفوا اراءا جديدة واطروحات مستجدة. ان الثبات الجامد على المبدأ والفكرة دون تحقيق نجاحات ,يحتاج الى مراجعة ونقد ذاتي وسرعة تصحيح وتغييرالمسار وعدم التكبر والاستعلاء, معتمدا على تاريخه او تاريخ حزبه النضالي الذي توقف بسبب هذا الموقف المنعزل..فخطوة صغيرة على الطريق الوطني افضل بكثير من لاخطوة على الطريق الهلامي ,عبراحلام الفكرة الرأسية. تعقد بين الفترة والاخرى لقاءات ومهرجانات اجتماعية وثقافية وسفرات ترفيهية للعراقيين في الخارج,على اليساري الواعي ان يخرج من صومعته ويشارك فيها , ليسمع اصوات الناس وارائهم ,فقد يتأثرالبعض بالموقف الصحيح ويتغير ليؤثربدوره على الاخرين ولابد ان يؤثر في الاتجاه الصحيح . التغيرات واردة لدى الاشخاص في رؤاهم ومواقفهم ولا يمكن اتخاذ المواقف السابقة والمسبقة وتثبيتها كشعاردائم لا يتغير. دراسة الواقع مفيد والنظرية مفيدة عندما تطبق في الواقع , والاساليب مختلفة ومتغيرة..والسياسة فن الممكن كما يقال ..وهذا الممكن مختلف حسب شخصية القائد وهي مهمة جدا, بالاضافة الى الظروف الاخرى. فما لا يقدرعليه قائد يقدرعليه اخر.فهل من قائد اخر؟ وهل من ممكن آخر في السياسة في عراقنا الحبيب ؟؟ انا متأكد لو راجع اليساري المخلص في العراق نفسه وخرج من عقاله وازاح عنه شبكة الثوابت والموانع والتقييمات المسبقة الحديثة والقديمة وتفتح بالروح الوطنية على اساس علمي واحتمل دائما التغييرفي عقلية ومواقف الاخر واقتنع بأهمية اللقاء والنقاش المستمر, لخفف على نفسه ضيق العزلة والوحدة وظاهرة الكره ونبذ الاخر لمجرد ان يسمع بأسمه او بأسم انتمائه.هناك مسائل ومفاهيم عاطفية مثالية( الحب والكراهية والصداقة والاخوة وما الى ذلك) في قيمتها ,لكنها مهمة كمفتاح لعلاقة مفيدة تحتمها ظروف الوطن الحالية خاصة بعد الاحتلال.. علاقة متجددة غيرمقيدة الا بمصلحة الوطن..انصح الشباب اليساريين المبتدئين في السياسة ان لا ينغلقوا على انفسهم والنظرية وان يعطوا الجانب العملي من حياتهم ونشاطهم اهمية اكبرمن خلال العلاقة الطيبة مع الاخر وان اختلفا وان يسخروا النظرية لخدمة الانسان في وطنه وليس العكس لان النظرية تفيدنا في ان نعيش افضل لا ان تحول حياتنا الى جحيم في سبيل المحافظة على المبدأ والنظرية . وهنا ارجوان لا يفهم من كلامي هذا عدم احترام المبدأ والنظرية ,انما اقصد حسن ادارة المبدأ والعقيدة في سبيل الحياة الافضل ,كلما امكن ذلك وليس الوقوع اسرى لهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل كان حزب الله يخطط لتكرار -السابع من أكتوبر- على الحدود ال


.. اللبنانيون يهرعون إلى المستشفيات للتبرع بالدم بعد القصف الإس




.. عاجل| حزب الله: ننعى القائد الجهادي الكبير إبراهيم عقيل


.. حرائق في الجولان المحتل بعد إطلاق صواريخ من لبنان




.. تحقيقات جارية فى 4 دول والكل يتبرأ من تورطه في -هجوم البيجر-