الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان والجماعة وسياسة الحكم (2)

عادل ندا

2008 / 8 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل الإنسان آلة، أم مقدس، أم شبه مقدس، أم تركيبة آخرى نسميها الإنسان ونبحث لها عن مدلول؟ الإنسان معنى وكينونة قادرة على الفعل، وما يمكن أن نتفق عليه هو أن الإنسان أعلى قيمة إذا ما قيمنا العناصر الكونية كلها. ومن هنا جاءت العديد من المقولات، منها "أن من اهان إنسان، أهان البشر أجمعين". وغيرها من المقولات وفى مختلف ثقافات العالم.
مما لا شك فيه أن الإنسان لا يمكن تبسيطه فى نظرية. فهذا التبسيط مهما بلغت دقته العلمية، سوف يكون مخلا بشكل ما أو بآخر. ولكن مما لا شك فيه أيضا، أن أخطر صفات الإنسان، هى السلوك العدوانى، لأنه ببساطة مدمر.
أبشع الأحاسيس الإنسانية هى الكآبة. وأخطر عرض مرضى (مفرد أعراض وعلامات مرضية) نفس-إجتماعى هو العدوان الإكتابى. العدوان الإكتابى يمارسه الإنسان كمحاولة لتقليل الإحساس الإكتآبى لديه، ثم يدمنه.
معظم الساسة ورجال الأعمال اللا أخلاقيين، لديهم هذا العرض المرضى. ولو أمكننا منعهم أو تبصيرهم، ربما سينتحرون. وهذا افضل، طبقا للقاعدة القائلة "أخف الضررين". فمن المنطق أن نختار أخف الضررين إذا ما أجبرنا على الإختيار ما بين شيئين ضارين. فالمرض ضار والدواء أيضا ضار ولكن الدواء غالبا ما يكون، أخف ضررا من إستمرار المرض وإستفحاله.
أنا لا أتحدث هنا عن السيكوباتيين المجرمين بطبعهم الجينى. فهؤلاء فئة نادرة الوجود جدا، وقد ينجحون ويفشلون.
فى العدوان الإكتآبى، فبدلا من توجيه العدوان للذات، يطرحه الشخص أو الجماعة الفرعية، تجاه وعلى الآخر. ميكانيزم دفاعى مرضى، وذلك لإحداث تماسك نفسى لديه، ولكن هذا التمساسك هش. فيكرر هذا السلوك بالضرورة بغية الإستمرار فى التماسك والتكامل النفسى والإجتماعى. يتناسى هؤلاء أن الذات الفرعية، والذات الكلية الإنسانية، كيان واحد لا يمكن فصلهما. لا يمكن فصلهما إلا قسرا وتدميرا لكون الإنسان إنسان. إنسان ينتمى الى الإنسانية جمعاء. فهذا الفصل الكلى ضد طبيعة جدلية الأشياء.
فى نظريات الحكم نجد الآتى:
أولا: حب البقاء والاختلاف سنة الحياة وجدليتها. كل النظريات والمفاهيم المختلفة تعكس نظما اجتماعية وسياسية واقتصادية لتنظم حياة البشر. فطبيعة الإنسان هى أنه يتمثل المنظومات، ثم يولد الأفكار الجديدة التى تغيرها أو تصنع منظومة جديدة. وآلية التمثل تتحكم بشكل كبير في تحديد وتأسيس نظم حكم وإدارة تستطيع أن تحقق أكبر قدر ممكن من إستغلال الطاقات، والمقياس هو الوصول الى أفضل ما ينبغى بعد قراءة الأمور، ثم تأتى بعد ذلك محاولة تحقيق العدالة. وتبقى المحصلة النهائية وهى أن القيادة التى لديها القدرة على الإنجاز والإبداع، هى التى يسمح لها بالبقاء إتفاقا، لا قهرا، بالأساليب الأمنية الجائرة.
ثانيا: على الرغم من أنه يصعب توقّع أن يتغير نمط تفكير القيادة في سن متقدمة من عمرها إلا أن حال الواقع يؤكد أن الأجيال المسنة تبدو أكثر تفهماً وترحيباً بالجديد في مجالات مختلفة، بما في ذلك المجال السياسي، مقارنة بالأجيال الشابة! فالأجيال الشابة فى العالم بدأت منذ منتصف السبعينات تتبنى منظوراً دينياً محافظاً للغاية ويمثل انقلاباً على مفهوم سلطة الشعب، وهو ما يدافعون عنه بتأويلات لاهوتية مغلقة. ولهذا عدة أسباب.
ثالثا: أن سيطرة الأمن بذاته، صارت عاملاً أساسياً في إعاقة التطور الديموقراطي والعودة لأشد أساليب الحكم استبداداً وعنفاً. ولا يعود ذلك بالضرورة لمخاوف حقيقية، بل للتلاعب المنظم بالمخاوف. د.محمد السيد سعيد.. الاتحاد الإماراتية..11/6/2008
رابعا: وفي مصر بالتحديد، الطبقات الرأسمالية قد تستفيد من النظام الاستبدادي اللا ديمقراطى المحافظ التسلطي القائم، لكنها لا تقوده بالضرورة، ولن تستطيع. فهناك كتلة تعيها الحكومة وتلعب بها وعليها. كتلة لا يستهان بها وبرغم كونها غير منظمة إلا أنها قنبلة غير موقوته، شرطية بفتح الشين، إسميها الجماهير. يسميها البعض الطبقة الوسطى. وسماها السادات الله يرحمه، بإنتفاضة الحرامية. فالجماهير لا تلعب لحساب أحد ولها مصالحها ومكاسبها التى يجب الإزعان لها حتما. ولدى تلك الكتلة العديد من التكنيكات أهمها تكنيك العصيان، الذى تزيده وتقلله وفق الظروف. وبناءا عليه نجد أن في مصر، انفتاح سياسي وإقتصادى، لكن شكلي. وتطبيع مع العدو، لكن شكلى. وأحزاب معارضة، لكن شكلية. والشعب لا يريد الديمقراطية على الطريقة الأمريكية فلديه ديمقراطية أبن البلد. ولا يقبل ولن يقبل بوجود إسرائيل. ولكن هناك المستفيدون.
خامسا: أظن وأعتقد أن ظنى صحيح، أن هذا النمط الجماهيرى موجود لدى شعوب الحضارات القديمة، وحتى فى الصين. ويجب دراسته وتفعيله.
السارق والمسروق فى النار، أقصد نار الواقع المعاش.
أكل حقوق الناس ممتع، ولكن إرجاع تلك الحقوق مؤلم. فالأكل ممتع والترجيع مقرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة