الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسي بين الادعاء والواقع

صاحب الربيعي

2008 / 8 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تجاهد النفس المراوبة على إخفاء نواياها الكامنة ويعمل نظام التحكم العقلي على ضبط آلية السلوك والممارسة اليومية لتكون متوائمة مع الإدعاء الضدي وما تخفيه الذات. إن إدعاء السياسي المفرط بالشرف والأخلاق، دفاع لاوعي عن ذاته المنحطة التي تعاني نقص الشرف وأنعدم الأخلاق وتجاهد في إيهام العامة من الناس بأنها ذات سوية ملتزمة بالقيم العامة للمجمتع.
هذه العملية الواعية لقسر الذات على سلوك وممارسة مخالفة، تولد ضغطاً نفسياً كبيراً على الذات غير السوية خشية افتضاح نواياها مما يزيد من إدعاءها وتأكيدها المتواصل (بمناسبة وبدون مناسبة) على إدعاءات متعارضة مع القناعة الداخلية لإيجاد نوع من التوازن الكاذب بين السلوك والممارسة اليومية. فضلاً عن ترسيخ الاعتقاد لدى الجمهور الجاهل الذي تحركه العاطفة لا العقل بالرمز السياسي (الصنم) ودوافعه الإنسانية.
لايمكن إخضاع الذات بشكل دائم لنظام التحكم العقلي لأنها بحاجة للتعبير عن سجيتها بشكل حر لتكون أفعالها وسلوكها منسجمة مع طبيعتها الفطرية. وبخلافه فإنها تقسر حالة الوعي للتعبير عن ذاتها عبر دس كلمات وتعابير متعارضة مع الفعل الواعي لتخترق نظام التحكم العقلي فيُصدم الجمهور الجاهل المعتاد على تلقي إدعاءات كاذبة تتوافق وقناعته عبر الاعلام الديماغوجي لتلميع صورة السياسي ومنحه سمعة صالحة للتسويق. هذا العمل الاعلامي (الديماغوجي) الواعي الساعي لفرض الواقع اللامرئي لصورة السياسي على الواقع المرئي لصورته الحقيقية، يعد خداعاً يخترق بسهولة وعي الجمهور الجاهل المنصاع لعاطفته دون عقله.
يقول (( أدونيس ))" إن اللامرئي يهيمن على المرئي، فيخلق لكل عقل عقاله ولكل حركة نفسية أو جسدية الحدود التي لاتقدر أو تجرؤ أن تتخطاها".
يعتاش الاعلام الديماغوجي على عواطف الجمهور الجاهل وما يعاني من فقدان الذاكرة ليقنعه بالمبررات الساذجة، ويجعله يدافع عن الأخطاء ويبرر الفساد والممارسات غير السوية للسياسي لإنصياعه لقيم الراعي والقطيع. لكن هذا القطيع من الجمهور الجاهل سرعان ما يصاب باليأس والقنوط حين تتعرض مصالحه للانتهاك الجائر، فيلجأ للغيبيات وينتظر المُخلص القادم من غياهب الكون لينقذه من واقعه المزري.
يعتقد (( أورهان باموق ))" أن السجناء وجباة أجور الغاز وباعة الكعك والملابس المستعملة والمتسولين ينتظرون ظهور المهدي ( الغائب) ليخلصهم من هذه الحكومة السافلة".
يتعرض الإنسان الواعي لانتهاك مضاعف في المجتمع المتخلف، تارة من السياسي الساعي لخداع الجمهور وتارة أخرى من الجمهور الجاهل غير المدرك لمصالحه، فالإنسان الواعي لاينقذه وعيه من الشرور، بل يزيد من نقمة الأشرار عليه.
يتساءل (( أورهان باموق )) قائلاً:" هل تعلمون أني لا أعرف كل شيء، ثمة بئر في عقله، في عقلي، في عقلنا جميعاً؟".
إن أزمة الوعي ليست أنعكاساً لواقع متخلف وحسب، بل سلوكاً وممارسة واعية للسياسي غرست في لاوعي الجمهور الجاهل المنصاع لقيم الراعي والقطيع ويجاهد في فرض قيمه بالعنف والإكراه على الآخرين. الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناتور أمريكي لنتنياهو: نقف بجانب إسرائيل في حربها ضد حماس


.. نحو نصف الديمقراطيين يدعمون استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن




.. ناشط يوثق اشتعال النيران في مستوطنة -كفار عتصيون- شمال الخلي


.. فوضى في شوارع العاصمة الهندية جراء سقوط أمطار قياسية




.. منافسو الرئيس الموريتاني يتهمونه باستغلال موارد الدولة لتحقي