الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كامل شياع وداعاً ايها المثقف النبيل

هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)

2008 / 8 / 28
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لم يستطع المثقف العراقي الحر الحفاظ على حياته في ظل صراعات الاحزاب الطائفية والعرقية التي احالت العاصمة بغداد الى مسرح كبير لتنفيذ جرائمها الغادرة بحق مثقفينا الذين يتساقطون الواحد بعد الاخر بجرائم القتل مع سبق الاصرار والترصد ! ولاسباب كثيرة جداً وفي الغالب ما تكون هذه الاسباب ذات نزعات طائفية او ثمة تعليمات تستلمها تلك الاحزاب من قوى اقليمية خارجية صاحبة نفوذ قوي داخل الحكومة العراقية ومؤسساتها ، ومما لا شك فيه فان المثقف العراقي اصبح الاكثر عرضة للقتل بعد ان كان مهمشاً لعقود طويلة جراء السياسات الخاطئة التي سلكتها الانظمة العراقية المتعاقبة على حكم العراقي والتي تتفاوت بدكتاتورياتها ، لكن المؤلم في الامر ومنذ خمسة اعوام استطاعت الاحزاب الاسلامية في صراعها المرير على السلطة ان ترتكب جرائم القتل باسماء ادبية وفنية وعلمية لها ثقلها الحقيقي والتي تمثل الوجه المشرق للعراق وتاريخه وبطريقة غاية في الانتقام وغير مألوفة لدى المجتمعات المتحضرة في العالم !

فأن تقتل شخصاً لاي سبب كان ، عليك ان توغل في قتله ما دام قد مات ! هكذا ستراتيجيات القتل الحديث داخل الشارع العراقي ، فلم تكتف ايادي الغدر والجريمة التي اغتالت يوم امس المثقف العراقي البارز كامل شياع على طريق الخط السريع داخل العاصمة بغداد اثناء عودته من عمله في وزارة الثقافة ، فبعد ان اوقفوا سيارته وامطروه بوابل من الرصاص كان قد فارق الحياة على الفور ، ثم عاد احد القتلة ليفرغ رصاصات رشاشته في راسه بطريقة لا يمكن وصفها إلا بالجبن والخسة والعار والسفالة والعهر والرذيلة لهؤلاء القتلة الذين نفذوا مخططهم المسموم في القصاص من شخصية مرموقة مثل كامل شياع ، لقد تزامن مقتل شياع بعد الاعلان عن حكم الوزير السابق اسعد الهاشمي الهارب خارج العراق بالاعدام على خلفية تورطه بالتحريض على مقتل نجلي النائب مثال الآلوسي قبل عامين او اكثر !

كما وان وزارة الثقافة العراقية التي تسيطر عليها ميليشيات الاحزاب الاسلامية سيطرة تامة بعد هروب وزيرها الهاشمي قد بقيت بيد المجلس الاعلى الذي يمثله جابر الجابري الوكيل المتآمر على الثقافة والمثقفين بمحاولاته المستمرة لاذلالهم بكل صغيرة وكبيرة من خلال تصرفاته الرعناء في المؤتمرات والمهرجانات التي يقيمها اتحاد الادباء او وزارة الثقافة فعادة ما تعكس لغة حديثه عن سلطة المجلس الاعلى التي يتمتع بها بعد ان رحلت وزارة الثقافة التي تمثل شريان العراق الابهر الى المحاصصة الطائفية وسلمت الى ثلة من الطائفيين لا اكثر باستثناءات نادرة . فحقد هذه الثلل على اسماءنا اللامعة في حقول الادب والفكر والفن جعلها ان تزيح الكثير من تلك الاسماء في محاولة لطمر واخفاء معالم العراق الثقافية والتي تشكل خطورة واضحة على ضعفاء النفوس الغارقين بالحقد وحب السلطة والمال !

ولعل فاجعة المثقف العراقي التي منيّ بها يوم امس باغتيال كامل شياع لم تكن الاولى ولا الاخيرة ، على الرغم من الحديث عن التطورات الامنية السريعة التي عمت العراق بعد تدارك وخمد النعرات الطائفية المشتعلة لسنوات ما بعد سقوط النظام ، كان كامل شياع يخرج من دون حماية تذكر طيلة الفترة الماضية عكس الوزير ووكيله الذي تسبقه افواج من الحمايات فيما لو ذهب الى مكان ما ، لكن كامل شياع كان يرفض ذلك ويكتفي بسائقه ! الجريمة واضحة للعيان ومن هو المستفيد من قتل هذا الانسان الرائع بكل تصرفاته ؟ وبامكان الحكومة العراقية القبض على القتلة ومعرفة المحرض على هذه الجريمة ، إلا ان الامر سيثبت ضد مجهول ، مجهول الذي قتل واغتال مئات الشخصيات الثقافية والفكرية في ظل حكومة المحاصصة الطائفية !

كامل شياع الذي عاد من منفاه برغبة للعمل وتأسيس ثقافة عراقية صافية من كل الشوائب والاحقاد ، كان يعرف بان حتفه قادم لا محال على ايدي المأجورين والقتلة الذين يصدمهم المثقف المتنور صاحب الافكار الخلاقة للجمال والحياة وسط ركام العمائم الحاملة للاحقاد والضغينة المتسترة بغطاء الدين ، لقد نال الحاقدون من جسدك غدراً وجبناً يا ابا الياس لكنهم لم يتمكنوا من النيل من افكارك ومبادئك واخلاقك العالية ، ووداعاً ايها الانسان والمثقف النبيل كامل شياع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي