الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكامل بين الفلسفة والادب 2

ضمد كاظم وسمي

2008 / 8 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يمكن النظر الى تاريخ الادب كحلقة اساسية في سلسلة تاريخ الفلسفة والفكر – فالاديب على امتداد العصور .. لم يعدم الاطلاع على المنطلقات العامة .. للاتجاهات الفلسفية السائدة او السالفة ، على الاقل .. اذ لم يكن قد انتمى فعلاً الى الفلسفة بذاتها .
في العقود الاخيرة ظهر منهج جديد سمي (( تاريخ الافكار )) .. الذي دعا اليه وطوره أ. او . لفجوي ضمن فريق من الباحثين الامريكيين .. لدراسة وتتبع الفكرة خلال جميع اشكال التفكير : في الفلسفة والعلم واللاهوت مع تركيز خاص في الادب .. عد هذا المنهج منحى نوعيا في التاريخ العام للفكر ، يستخدم الادب كوثيقة واداة ايضاح .. ويتجلى ذلك فيما يسميه (( لفجوي )) – الافكار التي ترد في الادب التأملي الجدي – (( افكار فلسفية مخففة)) في معظمها .. لعل هذه الاستخدام يعد اضاءة للتفكير الادبي .. استقي من تاريخ الفلسفة .. في الوقت الذي يتقاطع مع الغلو في العقلية عند معظم مؤرخي الافكار .. لانه يعتقد بان الفكر (( خاضع لافتراضات ولعادات عقلية لاشعورية )) .
لتأويل نص ادبي .. فان الامر يتطلب معرفة في تاريخ الفلسفة او الفكر العام .. كما ان الانشغال بدراسة تاريخ الادب او بعض الكتاب من امثال باسكال ونيتشه مثلا .. يضطرنا الى معالجة مشكلات تاريخ الفكر .. فضلا عن ان عرض الادب احياناً يحيلنا الى تاريخ الفلسفة ، فنجد لدى شكسبير اثارا متعددة لافلاطونية عصر النهضة .. فيما انتج ميلتون نظرية شخصية رفيعة في علم اللاهوت وعلم الكون ، واشجت بين عناصر مادية وافلاطونية .. وتأثرت بالفكر الشرقي .. وضجت مقالة (( حول الانسان )) لبوب بالاصداء الفلسفية .. وكان كولردج من كبار الشعراء الرومانسيين وفي الوقت ذاته فيلسوفا بارزاً .. وهناك دراسات عديدة حول اعتناق (( شيلر)) لمذهب (( كانت )) ، واتصال (( غوته )) بمذهبي افلوطين وسبينوزا .. ( وفي ايام الحركة الرمزية ظهرت في روسيا مدرسة كاملة من (( النقاد الميتافيزيقين )) الذين يفسرون الادب بحدود مواقفهم الفلسفية ) .
لكن يمكننا ان نتساءل : هل يغدو الادب احسن حالاً اذا كان فلسفياً ؟ لقد فضل اليوت (( دانتي )) على (( شكسبير)) لان فلسفة الاول بدت له اصح من فلسفة الثاني ، - رغم انه وصمهما بعدم التفكير سابقا – في حين رأى هرمان غلوكنر : ان الشعر والفلسفة كانا اكثر تباعداً لدى دانتي .. الامر الذي يملي علينا القول ان الزمالة الحقة بين الفلسفة والادب ، انما تصح حين يظهر ادباء مفكرون .. مثلما كان (( غوته )) شاعرا وفيلسوفا اصيلا في وقت واحد .
ان المشكلات الفلسفية التي تثار بوجه الانسان في كل اطوار حياته .. والتي تحيل الى مشكلات ايديولوجية ..لم يقف الاديب ازاءها الا ذلك (( الفيلسوف الشعبي عن حق وحقيق )) .. على حد تعبير (( سدني )) .. لكن ذلك لايمنع من يرى ان التكامل الوثيق بين الفلسفة والادب غرار في اغلبه ، في الوقت الذي يتم التشكيك في المحاولات التي تدور في صالحه .. لانها قامت على دراسة الايديولوجية الادبية .. والتسليم بالغايات .. بيد ان هذا التشكيك لايمكن ان ينكر وجود صلات متعددة بين الفلسفة والادب .. ولا تأثيرات مشتركة تقع عليهما نتيجة توازي معين تقويه خلفية اجتماعية مشتركة في زمن ما .
يبقى ان هناك مسألة قد تبدو مراوغة لا بل وعصية على الحسم النهائي .. الا وهي مسألة كيفية دخول الافكار في الادب .. لا بصفتها مادة خام او مجرد معلومات .. بل ( عندما تكف عن ان تكون افكاراً بالمعنى المألوف للمفهومات وتصبح رموزاً او حتى نوعاً من الخرافة ) .
ان الابداعات الادبية ذات المضمون الفلسفي ، كفاوست لغوته والاخوة كارامازوف لدوستويفسكي .. حيث تنفذ فيها دراما الافكار بمصطلحات ملموسة تمثلها الشخصيات والحوادث .. قد تعد اعمال فنية ارفع بسبب مدلولها الفلسفي .. غير ان الفن الابداعي لايحكم عليه بقيمة مادته بل بدرجة تماسكه وقوته الفنية ، .. لذلك فان (( الحقيقة الفلسفية )) كما الحقيقة النفسية او الاجتماعية ليست بذات قيمة فنية .. نعم لعلها تزيد القيمة الفنية كونها تعزز : قيم التركيب والتلاحم .. ( ان البصيرة في الامور النظرية قد تزيد في عمق نفاذ الفنان وفي اتساع مداه .. لكنها قد لاتكون كذلك فقد يتشوش الفنان من الايديولوجية الفائضة اذا ظلت بدون تمثل ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا