الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشاركة السياسية بين عقلية المرشح وواقع الناخب

هشام محمد علي

2008 / 8 / 29
المجتمع المدني


يقول عالم الأجتماع الشهير جان جاك روسو بأن "السياسة لها الدور الأساس في ايجاد افضل السبل لتمكين الفرد من الأستمتاع بأكبر قدر من الحرية والأستقلال في المجتمع مع الحفاظ على النظام" وارسطو يقول بأنها "العلم الذي يعرفنا على ماهي افضل حكومة وان يعرف ماهو الأفضل نسبياً للدولة في ظروف قائمة معينة".

ولكن هل هذا ما يؤمن به الساسة العمليون ام هو النظري الغريب عن مفاهيمهم، فروسو وارسطو ليسا من مفضليهم، وبدلاً منهما، هم يفضلون افلاطون الذي هو الأخر لا يؤمنون كثيراً به، لكنهم يعتزون بجملةٍ من جمله، وهي ان السياسة قد تتحمل الكذب ايضاً كما يقول في جمهوريته "يجوز للحاكم دون الأخرين الكذب فقط لأجل مخادعة الأعداء او في إقناع الأهالي بما هو لخير الدولة" وبما ان غالبية الشعب العراقي من المسلمين، وهذا مايسهل للساسة ربط مصطلح الحاكم بالحديث الذي يقول "كلكم راعيٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته"، وهذا يعني بأن كل مسؤول حزبي او حكومي او ماشابه هو راعي، اي حاكم، فيحق له الكذب لأجل مصلحة الأمة التي لا احد غيره يعرف مصلحتها اكثر منه!.

رغم الحروب "الديمقراطية" والمعاهدات التوافقية، إلا ان السياسة لاتزال تتصدر هرم المحرمات، وفي فُلكها يدور الأخر المختلف بالرأي، ولا مؤشرات حالية على تلاقي وجهتا نظرٍ على جغرافية واحدة اسمها العراق.

فالمرء مالم يكن تابعاً لمالكي السلطة، او تابعاً لمالكي المعارضة، (المعارضون في سماء بلادي لايختلفون كثيراً عن المتسلطون فيها)، فهو يعبث بمقدرات الأمة ومصيره الرفض والنكران، مصطلح لامعارض، و لاسلطوي، تعني نكرة في القواميس السياسية المحلية.

بداءت الاعيب الجماعات السياسية البهلوانية تظهر على الساحة الإنتخابية بعدما تبين للناخب حقيقة البرامج التي قدموها في الإنتخابات السابقة والتي لم ينفذوا منها شيئاً، وهذا البيان ترجمه الناخب من خلال حضوره الضعيف في التسجيل في الدوائر الإنتخابية، لأجل المشاركة في الإنتخابات القادمة، فالساسة الجنوبيون (الشيعة) بدأوا بالضغط على مواطنيهم من خلال الفتوات الدينية والسلطة التاريخية، والوسطيون (السنى) حولوا بعض الجوامع إلى مقرات حزبية، يدعو من خلالها الإمام الى التسجيل في الدوائر الإنتخابية، اما الشماليون (الكرد)، فبدواء حملة تهديد شملت الموظفين العاملين لدى الحكومة والذين يخصص لهم النسبة الأعظم من ميزانية اقليم كردستان، هُدِدوا بقطع رواتبهم الشهرية مالم يسجلوا اسمائهم في الدوائر الإنتخابية.

المشاركة السياسية: هي تلك الأنشطة الإرادية التي يزاولها اعضاء المجتمع بهدف اختيار حكامهم وممثليهم والمساهمة في صنع السياسات والقرارات بشكل مباشر او غير مباشر، والتصويت يصنف ضمن الأنشطة السياسية التقليدية.
النشاط الإرادي يتحول إلى نشاط لا إرادي عندما يُضغط على الناخب ويهدد بعقاب ما بعد الموت او بحرمانه من مصدر رزقِه، وبدلاً من ذلك كان الأحرى بالساسة ان يبحثوا في الأسباب التي دعت الناخب إلى تبني مثل هذا السلوك في عدم المشاركة السياسية وهي حسب روبرت دال:

1. في حال اعتبار المكافأة المتوقعة من المشاركة منخفضة القيمة مقارنة بالمكافأة التي يتوقعها من خلال ممارسة نشاط اخر.
 مكافاءة مباشرة: كالتسلية مع الأصدقاء، شعور بالمواطنة.
 مكافأة غير مباشرة: مكافأت خاصة.
ليس فقط الشعور بالمواطنة هو المفقود لدى العراقيين، بل يكاد الشعور بالإنتماء الطائفي او العرقي ان يضمحل لديهم بسبب الصدمة السياسية التي تلقوها بعد مرور خمسة سنوات على سقوط نظام البعث، ولولا طريقة تعامل الأحزاب مع جماهيرهم من خلال ورقة العدو الداخلي الخارجي، وهي الورقة الترهيبية التي من خلالها يضمنون ولآت فئاتهم، لكانت المشاركة السياسية اسواء حال مما هي عليه الأن.

2. في حال الإعتقاد بعدم وجود فارق جوهري بين البدائل المتاحة.
لافارق لأن السلطويين الحاليين لايسمحون بظهور معارضة جديدة، والمعارضة القديمة سلطوية في موقعها اكثر من السلطة، والأمل ضعيف في قدرة المجتمع على توليد جماعة سياسية فاعلة تكون بديلاً للأحزاب الحالية.

3. عندما يعتقد الشخص بأن إنخراطه لن يُحدث فرقاً، لأنه لن يغير من النتائج.
اي ان الإحساس بالفاعلية السياسية لدى الجماهير ضعيفة، وهو قد بدا ذلك واضحاً بعد مرور هذا الزمن من التسلط والتعارض!، حتى اصبح المواطن الذي كان يحلم بحكم نفسه، محكومٌ عليه بطاعة فئة من اصحاب النفوذ، والخوف إن خالفهم، او ان خالف اعدائهم!

4. عندما يعتقد الشخص بأن النتائج ستكون مرضية له وإن لم يتدخل.
هذه النقطة لا تشمل مجتمعاتنا للأسف الشديد، لذلك لا داعي للتعليق عليها.

5. في حال شعور المرء بأنه ذو معرفة قليلة لا تؤهله ليكون مؤثراً.
يقول الحلاق في بلادي، لو اصبحت رئيساً سأجعل من العراق جنة، وهذه ايضاً لا تشملنا، لأن اخر ما يعتقده العراقي انه قليل المعرفة وإن كان!

رغم كل هذه المساوئ لا زال بصيص الامل يشع في الأفق لأجل عراقٍ افضل، لكن ذلك لن يكون إذ مابقيَ الحال على ما هو عليه لخمس سنواتٍ اخرى، فالسلطة والمعارضة يجب ان يفهموا بأنهم ليسوا منقذي العراق، وجالبي الإعمار للأمة، بل هم مؤسسات مجتمع مدني، ودورهم الحقيقي هو دور مؤسساتي، وعليهم ان يعملوا على ان تكون ادوار غيرهم ايضاً مؤسساتية وليست كاريزمية منقذة للأمة وبانية للمجد العتيد الذي عرف الناس ان لا مجد ولا عتيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد


.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين




.. تصريحات ترمب السلبية ضد المهاجرين غير الشرعيين تجذب أصواتا ا


.. شبكات| هل تصبح فلسطين عضوا في الأمم المتحدة بعد التصويت السا




.. -أين المفر؟-.. تفاقم معاناة النازحين في رفح