الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حريق الشوري

محمود الزهيري

2008 / 8 / 28
المجتمع المدني


أن تكون مصرياً متمتعاً بحقك في مصريتك , وأن تكون مصرياً متمتعاً بحقك في إنتمائك لوطنيتك المصرية , وأن تكون مصرياً متمتعاً بكافة حقوقك القانونية والدستورية , أن تكون عطشاناً ولاتجد بمكنتك كوباً من ماء النيل يروي عطشك , أو تكون جوعاناً ولاتجد كسرة خبز من القمح المصري تسد نار جوعتك , وأن تكون عرياناً ولاتجد كسوة من القطن المصري تحميك من برد الشتاء أو حر الصيف , أو تكون متمنياً للنوم بعمق ولاتجد سريراً في شقة سكنية تأويك من النوم علي الرصيف أو تحت كوبري أو في إحدي المقابر , أن تكون حاصلاً علي مؤهل جامعي ولاتجد فرصة عمل لك إلا منادي في موقف سيارات أو حاملاً شنطة أمشاط وفلايات ومرايات وبعض الأعشاب الطبيعية , أن تكون موظفاً في إحدي الوزارات ومرتبك الشهري لايخدمك في الصرف علي فواتير المياه والكهرباء وكسح المجاري , وغيرك في وزارة سيادية أخري مرتبه يجعله يصيف في الريفيرا ويسكن في صيف شرم الشيخ أو الساحل الشمالي , أن تري قتلي العبارة وتشاهد القضاء ينطق ببراءة القاتل ويُراد منك أن تكون مصرياً , أن تشاهد القتلي من قرب الدم الملوثة , وتجد قاتل المرضي ينطق قاضيه ببراءته ومعه رفاقه المتهمين , ثم تُجبر علي أن تكون وطنياً , أن تشاهد أجساد راكبي قطار الصعيد تشوي وتشم رائحة اللحم الآدمي فائحة بمكان الحادث ولاتنسب جريمة لمسؤل , وتشوي أجساد المحترقين بمسرح بني سويف ولاتجد طفاية حريق تنقذ من تبقي من المقتولين حرقاً ويصعب إلصاق التهمة بمسؤل , أن يحترق مجلس الشوري وتنسب الإتهامات للماس الكهربائي الملعون , ولايجروء من يقول من هو المسؤل !!
أن يشيد وزير داخلية حكومة الحزب الوطني بالدور الذي بذلته إدارة الحماية المدنية لإخماد الحريق ومنع إمتداده إلي المنشآت الحيوية الأخري , فهذا ضرب من ضروب العبث بعقول المصريين !
أن يترك المصريين حياري بين تفسيرات مشئومة وشائعات قد تأخذ مأخذ الحقيقة بسبب عدم الإطمئنان لتجاربهم مع النظام الحاكم وأجهزته الأمنية فهذا من غير المطمئن لمستقبل المصريين !
أن يتم ترحيل سيارتين من سيارات المطافئ الأربع بمجلس الشوري قبل واقعة الحريق بفترة زمنية للصيانة فهذا مثار للشك والبحث عن دوافع جنائية وراء الحريق !
أن يتم تعطيل صنابير مياه الحريق بشارع القصر العيني ولاتتمكن سيارات الإطفاء من الحصول علي المياه منها فهذا يؤكد علي الدوافع الجنائية لهذا الجرم !
أن تتحول سيارات الإطفاء إلي العتبة لملء خزانات مياهها من هذا المكان وتترك نهر النيل الذي يبعد مسافة 150 متر عن مجلس الشوري فهذا يؤكد علي الإيعاز بإستمرار الحريق مدة أطول !
أن يستمر حريق مجلس الشوري مايقترب من 18 ساعة متصلة فهذا أمر يؤكد علي قمة التقاعس وإنعدام المسؤلية .
إن المنتظر القادم أن يتم حرق مبني الإذاعة والتلفزيون بماسبيرو حال كونه يطل علي نهر النيل وفي موقع خرافي من الصعب أن يتكرر في مصر , والمنتظر القادم أن يتم حرق مجلس الشعب , والمنتظر القادم هو أن يتم حرق كافة المباني ذات المواقع الجغرافية الإستراتيجية والهامة والتي تقدر أسعارها في سوق الأراضي والعقارات بمبالغ خيالية لايمكن تقديرها .
ولكن السؤال الخطر بفرض نفسه , وهو من سيكون المشتري وهل ستكون هذه الصفقة هديه ؟ وما المقابل لهذه الهدية ؟
وماهو الثمن ؟
إن مصر تم بيعها وبيع ثرواتها العقارية التي لاتقدر بثمن علي الإطلاق , فمنذ الشروع في بيع قوي الإقتصاد والصناعة بلاثمن يذكر ولايعلم المصريون أين ذهب ثمن هذه البيوع , مروراً ببيع فندق سان استيفانو , وبيع أرض مطار إمبابة , والشروع في بيع أرض جامعة الإسكندرية , وبيع أرض الضبعة , فكان لابد من التساؤل عن أرض مجلس الشوري وكذلك أرض مجلس الشعب , والبحث والتساؤل والتحري عن المشتري الجديد والمنتظر أن تكون مكافأته بهذه الجائزة نظير خساراته في أماكن أخري أم أن مجلس الشوري والشعب سيعاد بناؤهما من جديد بطرق وأساليب أكثر أماناً وضد الزلازل والبراكين السياسية التي من المحتمل حدوثهما في المستقبل القريب !
أم أن المأساة ستستمر في بيع المتبقي من الثروة العقارية المملوكة حتماً للمصريين ؟!
هذه التساؤلات قد تثير حفيظة الكثيرين من المنتفعين من منظومة الفساد العام التي يرعاها النظام الحاكم ويوظفها لإستمرار بقاؤه في الحكم والسلطة حتي إنتهاب آخر شبر من ثروة مصر العقارية والتي يديرها شبكة من أصحاب المصالح اللصيقة بالسلطة الحاكمة والتي تضخمت ثرواتها وأصبحت متجاوزة للمليارات في فترات زمنية قصيرة تثير الشكوك والظنون في حقيقتها وأنها متأتية من غسيل الأموال والأعمال القذرة والتجارات المخفية عن الأعين !
من المرجح أن العديد من المصريين لم يكن ينتابهم شعور بالحزن والأسي لو كان أعضاء مجلس الشوري كانوا تحت قبة المجلس أثناء إشتعال الحريق , وهذا أمر يتوجب النظر إليه بعين الإعتبار كمايري الكثير من المأزومين من أبناء مصر من الفقراء والمرضي والعاطلين والمسجونين والمعتقلين والمشردين والذين تتجاوز أعدادهم بالملايين , خاصة وأن منبت الثقة منزوع في مشروعية تواجد أعضاء مجلس الشوري والشعب الجالسين علي كراسيهم تحت قبة المجلسين بإرادة التزوير في الإنتخابات البرلمانية والتشريعية , والذين هم بمثابة ظهير للنظام الحاكم في تفعيل كافة مشاريعه التسلطية علي المصريين بداية من الإستفتاءات المزورة علي منصب رئيس الجمهورية والتعديلات الدستورية المزورة وإنتخابات منصب رئيس الجمهورية وتمديد العمل بقانون الطوارئ لمدد تزيد عن ربع قرن من الزمان وتمرير قانون الإرهاب , والعودة بالدولة المصرية إلي مرحلة ماقبل الدولة بمفهوم القبيلة والعشيرة وحل كافة الأزمات بواسطة الأجهزة الأمنية وتنحية السلطة القضائية عن المسألة .
فهل من تحقيق جنائي يرصد وجود بقايا ومقتنيات مجلس الشوري الأثرية ويبين عما إذا كانت لها آثار في حطام الحريق من عدمه , وأين ذهبت إن لم يكن لها آثار ؟
وهل من أخذ قرار يذهب مضمونه بتجريم ومنع بيع أرض مجلس الشوري أو مجلس الشعب في المستقبل , والتعهد بأن مبني الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو علي كورنيش النيل لن يتم حرقه , ولن تتم مسألة بيع أرضه في المستقبل ؟!!
هذه بعض من التساؤلات والأماني , وخلفها تكمن تكهنات وإستفسارات أخري .
أم أننا سنقول : سلام علي مصر الوطن والمواطن ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. صعود أقصى اليمين بالجولة الأولى من الانتخابات يثير ق


.. مصير المعارضة والأكراد واللاجئين على كفيّ الأسد وأردوغان؟ |




.. الأمم المتحدة تكشف -رقما- يعكس حجم مأساة النزوح في غزة | #ال


.. الأمم المتحدة: 9 من كل 10 أشخاص أجبروا على النزوح في غزة منذ




.. فاتورة أعمال العنف ضد اللاجئين والسياح يدفعها اقتصاد تركيا