الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر في العلمانية ...

محمد كليبي

2008 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أولا : بما أن العلمانية فكر , أي منتج انساني . اذا فالعلمانية مرتبطة أولا وأخيرا بالانسان قبل أن تكون مرتبطة بالدولة . صحيح أن الفكر العلماني يهدف الى تأسيس وبناء الدولة العلمانية , تلك الدولة اللادينية , تلك الدولة القائمة على مبدأ فصل الدين عن الدولة , تلك الدولة القائمة على حيادية الدين باعتباره شأنا شخصيا فرديا , تلك الدولة التي تحترم الدين / الأديان طالما ظل الدين شأنأ شخصيا فرديا ولم يسع الى التدخل في شئون الدولة والمجتمع , طالما ظل بعيدا عن المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للدولة .
فأنا أعتقد أن العلمانية صفة مرتبطة بالفرد ومرتبطة بالدولة معا , ولا تناقض في ذلك , كما يعتقد بعض العلمانيين العرب القائلين بان العلمانية صفة للدولة فقط , فهم في ذلك ينظرون الى العلمانية من المنظور السياسي للعلمانية فقط , منظور السلطة والحكم فقط , دون النظر الى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للعلمانية .
كما أعتقد أن العلماني الحقيقي هو العلماني اللاديني - كما أن الدولة العلمانية لادينية - مع امكانية وجود العلماني المتدين بل حتى وجود رجال دين ومفكرين اسلاميين علمانيين من أمثال المصري جمال البنا والعراقي اياد جمال الدين واللبناني هاني فحص وغيرهم , والفرق بينهما أن الثاني , أي العلماني المتدين , ينظر الى العلمانية من المنظور السياسي فقط , منظور السلطة السياسية حصرا لأنه وصل الى قناعة تامة بأن العلمانية السياسية هي الحل للحد من الاختلافات والتناحرات الصراعات الطائفية والمذهبية , دون أن يؤمن بالعلمانية الاجتماعية كحرية الاختلاط وحرية اللبس وكافة الحريات العامة والفردية فستظل هنالك قيودا على المجتمع من منظورهم الديني للحياة , ودون أن يؤمن بالعلمانية الاقتصادية كالمعاملات البنكية مثلا التي يسمونها ربوية من منظورهم الديني للاقتصاد , ودون أن يؤمنوا بالعلمانية الثقافية كحرية الفكر والتعبير فسيظلوا يواجهوننا بمقدساتهم الدينية ( التابوهات ) التي لا يسمح المس بها من منظورهم الديني للفكر والثقافة والفن والابداع . بينما العلماني اللاديني ينظر الى العلمانية من المنظور الشامل . وهذا لا يعني أن العلماني اللاديني ليس مع ولا يحترم حرية التدين والاعتقاد , كلا , بل العكس هو الصحيح , ولكن بشرط أن يظل الدين - كما أسلفت - شأنا شخصيا فرديا .
ثانيا : لا يمكن أن تسود العلمانية , بالمفهوم الشامل , العالم العربي الا بالثورة ضد الدين والقبيلة معا , ومن يقول غير ذلك , كمن يقول بأن الاسلام لا يتعارض مع العلمانية , فهو - في رأيي - يمارس " مكيجة " القضية ... . فالاسلام , كدين وكفكر وكثقافة , لا يتوافق مع العلمانية ولا مع الديمقراطية ولا مع حقوق الانسان . يكفي أن تعلم أن الاسلام لا يقر ولا يعترف بالفردانية الانسانية التي هي أساس ومنطلق الفكر الديمقراطي العلماني الحقيقي . فالفرد في الاسلام , وفي القبيلة كذلك , متماهي في الجماعة , في الأمة , لا قيمة له ككيان قائم بذاته . لذلك فيمكن , في الاسلام , أن يقتل الفرد اذا ترك الدين و " فارق الجماعة " , فالفرد المخالف للجماعة في الاسلام يعتبر " زنديق " , وفي القبيلة يعتبر " صعلوك " , فهو في القبيلة معرض للنفي وفي الاسلام معرض للقتل , وهذا مثال من أمثلة وغيض من فيض .
وعندما أقول بالثورة على الدين فأنا لا أقصد القضاء علية - وان كنت آمل ذلك - أو اجبار الناس على تركه . كلا , ولكن أقصد " تحييد الدين " عن الشأن العام للدولة والمجتمع والفرد , ليصبح الدين محصورا في المسجد والكنيسة والمعبد , و ابعاده عن التدخل في سلطات الدولة الثلاث و في التعليم والاعلام و ... , وقبل ذلك اخراجه من الدستور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah