الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم قاعدة التنمية البشرية

فاطمه قاسم

2008 / 8 / 29
التربية والتعليم والبحث العلمي


مع الأسف الشديد , فانه في ظل التعقيدات السياسية الكثيرة , التي نعاني منها فلسطينيا , سواء من خلال المأزق الداخلي المتمثل في الانقسام لذي تجاوز العام وأشهر من عمره أو مأزق الاحتلال نفسه , وصراعنا الدامي على مدار اليوم والدقيقة والساعة , مع هذا الاحتلال الإسرائيلي , ونتائجه ومفاعيله السلبية , وتداعياته التخريبية , فان بنود الأجندة الوطنية الأخرى تتراجع بعيدا عن مركز الاهتمام الأول , سواء تعلقت هذه البنود بالأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو حتى على مستوى التعليم الذي يعتبر بالنسبة لكل دول وشعوب العالم , القاعدة الرئيسية للتنمية البشرية , فبدون التعليم , وبدون تعليم يدخل أجيالنا في قلب العصر الذي نعيش فيه , وبدون تعليم يأخذ في الحسبان احتياجات البشر في هذه اللحظة الحضارية التي وصل إليها التطور الإنساني , فان كل الخطط الأخرى المتعلقة بالاقتصاد , وإدارة المستويات المتعددة للمشروعات الاقتصادية في الصناعة والزراعة والتكنولوجيا المتقدمة , وتكنولوجيا الخدمات , وكذلك الخطط المتعلقة بالاستقرار الأمني , والانسجام الاجتماعي , وبلورة هوية ثقافية , كل هذه الخطط تصبح سرابا وأضغاث أحلام .
لقد تم في فلسطين إقرار مناهج تعليمية جديدة موحدة , وبطبيعة الحال فان هذه المناهج ستصب نتائجها في الجامعات التي يجب أن تتوازى مناهجها هي الأخرى مع مخرجات المنهج التربوي الجديد , وقد اتضح من خلال الاختبارات والتقييمات التي أجريت , أن هذا المنهج التربوي الجديد في مدارسنا يحتاج إلى معطيات كثيرة لإنجاحه وتطبيقه , معطيات تتعلق بالمدرسين والمعلمين الذين سيتولون شرح هذا المنهج الجديد لمئات الآلاف من الطلاب ي المراحل المتعددة , الابتدائي , والإعدادي والثانوي , فهؤلاء المدرسين والمعلمين بحاجة إلى برامج تأهيل مكثفة ومتواصلة , وبحاجة إلى استعادة أهميتهم ودورهم في حياتنا , وذلك يتطلب تغيرا معقولا في البنى الاجتماعية بحيث يتم إعادة صياغة الأولويات بطريقة جديدة , كما إن المعطيات تتعلق أيضا بالبيئة المدرسية سواء فيما يتعلق بالمباني , والإنشاءات , والمكتبات , وقاعات الكومبيوتر , والمسرح المدرسي , والملاعب الرياضية , والمختبرات العلمية , أو فيما يتعلق بالنشاط اللامنهجي الذي لا يقل أهمية عن العملية الدراسية والتربوية نفسها .
والاهم من ذلك :
تحديد فلسفة للتعليم في فلسطين, وفي أي أفق ستدور العملية التعليمية نفسها, وما هي الاتجاهات التي ستتقدم على غيرها ؟ وما هي المساحة التي تخصصها للتعليم المهني والتقني , والمكننة الزراعية التي تستثمر قطعة الأرض المحددة بأفضل طاقة ممكنة , وما هي الخبرات العامة التي سيركز عليها المنهاج التعليمي وخاصة فيما يتعلق بالقانون , واحترام القانون , وحقوق الإنسان وتطبيقاتها , والمواطنة ومعانيها العميقة والديمقراطية وأشكال مارستها المتنوعة , وحقوق المرأة وحقوق الطفل , وتقبل المختلف عنا مثل ذوي الاحتياجات الخاصة ومساحة استيعابهم في مدارسنا , وان تتضمن مناهج التعليم انعكاسات حقيقية لروح العصر الذي نعيش فيه , والاكتشافات السريعة المتلاحقة على مستوى ثورة الاتصالات , والفضاء الخارجي , والطاقة وأشكال إنتاجها الجديدة مثل الوقود الحيوي , وتكنولوجيا المياه , والفضاء البيئي ..الخ .
مناهج التعليم في كثير من بلدان العالم تحظى بأكبر قدر من التركيز , وطرائق التدريس نفسها تطورت بشكل كبير جدا , بحيث ابتعدت هذه البلدان عن التلقين والتلقي السلبي , وأصبح العصف الفكري هو ابرز الرسائل المعتمدة في استيعاب مناهج التعليم , كما أصبحت المكتبة والأبحاث العلمية جزءا من العملية اليومية التعليمية .
وفي فلسطين , وحتى ستينات القرن الماضي , قطع التعليم أشواطا كبيرة سواء في أولويته المتقدمة لدى جميع الشرائح الاجتماعية أو على مستوى الخبرات المكتبية من خلف المنهج التعليمي , وفي قطاع غزة على سبيل المثال كان التعليم المهني جزاءا من المنهج الدراسي في المدارس الابتدائية والإعدادية , تجارة , حدادة , رسم هندسي , تعليم زراعي ... الخ وكان الطلاب يقضون في المدرسة وقتا طويلا , وكان هذا الوقت المدرسي ممتعا لامتلائه بالعديد من النشاطات اللا منهجية , مثل الرياضة بكل أشكالها , المسرح والموسيقى , والمسابقات الثقافية , مجلات حائط تنتجها العائلات المدرسية المكونة من التلاميذ أنفسهم , وكان هذا يجعل المدرسة جزءا عضويا من المجتمع التي هي فيه , تتفاعل معه باستمرار , وكان أعضاء الهيئات التدريسية هم عناصر ناهضة ومؤثرة في المجتمع المحلي , وكانت البيئة المدرسية بيئة محببة وآمنة , ومتعاونة , ومركز إشعاع لان هؤلاء التلاميذ من الجنسين هم مستقبل الشعب الذي يحرص عليه الجميع لأنهم يرون فيه الأمل القادم .
اعرف كما ذكرت في البداية :
أن الصعوبات السياسية التي تتعرض لها فلسطين من الداخل والخارج , تغطي على درجة الاهتمام المطلوبة ببقية بنود الأجندة الوطنية , ولكن ما زلت أؤمن أن التعليم بصفته القاعدة الرئيسية للتنمية البشرية , يجب أن يكون لها استثناء في حياتنا , ويجب أن يتوافق على تحييد التعليم حتى لا تمسه مشاكلنا الداخلية بأضرار فادحة , فالتعليم هو الأمل , لان التعليم هو التأسيس للمستقبل , بما أن المستقبل يخصنا جميعا على المستوى الفردي والجماعي , فان الجهود المشتركة الواعية يجب أن تنجح في إعطاء التعليم ما يستحق من اهتمام ورعاية ومتابعة وتطوير , ذلك أن الشعوب والأمم حين يلحق بها ضرر كبير فاته لايكون أمامها سوى التعليم , ومناهج التعليم , واليات التعليم , لإصلاح الضرر , وتعوض المسافات واللحاق بركب المتقدمين ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا