الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق هو الرواية التي تحتاج النقد البناء

رغد علي

2008 / 8 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


" يفترض بالنقد الثقافي والعلمي ان ينشط بكل فروعه وجوانبه ليقوم بدوره الفاعل وبدونه لن يكون للاصلاح اي وتد راسخ بالارض "
قرأت مؤخرا رواية جبرا ابراهيم جبرا "البحث عن وليد مسعود" , فشعرت بالنفورمنها , ولست أدري لم؟؟ ربما من شخصيات الرواية المعقدة التركيب , ومنها البطل نفسه ؟؟, لكنني أرغمت نفسي علي متابعتها للصفحة الاخيرة , لما تضمنته من أبعاد فكرية وفلسفية عميقة , وحين انتهيت منها شعرت بمدي حاجتي لمن يبصرني بالحقيقة التي لم أرها ,فهل كان نفوري من ابطال الرواية هدفا أراد الكاتب توصيله الي؟؟ لأضيع بين ضياع وانكسارات تلك الشخصيات , أم انني لم أفهم فحوى الرواية من الأساس, لعدم الانسجام الفكري بيني وبين شخوصها ,تعددت الاحتمالات لكنني وصلت لنتيجة واحده , وهي قناعتي العميقه بأهمية النقد لنبصر ما لا نبصره, ولنفهم الأبعاد والأعماق أكثر, فنكتشف أغوار انفسنا من خلال الاخرين, سواء كان الاخربطلا برواية أم حقيقة واقعة.

كيف يكون الحال لو تعلق الأمر ببلد انهارت فيه كل البني التحتية يعاني فيه الفرد من الكثيرمن المتغيرات الحالية والافرازات السابقة؟ ,بامكاننا رص الأحجار ليرتفع البناء سريعا , لكن بناء الانسان الواعي كم يستغرق من زمن ؟؟ , لا أظنني أبالغ لو قلت لاأعتقد بوجود بلد ما علي خارطة الوجود غني بالشىء ونقيضه مثل العراق ,وواقع مر نتعايش معه يوميا , يصبح جزءا من حياتنا ,نتصوره أمرا عاديا وطبيعيا جدا , تماما مثل حالة انقطاع الكهرباء,اعتدنا عليها جعلت الصورة معكوسة , لأن وجود الكهرباء اليوم هو الامرالغير طبيعي!! وغيرهذا كثير فالتعود علي الالم يجعلك تفقد الاحساس بالألم نفسه ! , نحتاج هنا الي وقفه ننتقد حالنا فيها لنعرف الي اي درجه من الخراب الانساني والروحي وصلت له الشخصية العراقية .

الاعمار الحقيقي القوي لابد وان يشيد على دعائم علمية صحيحة, لا يمكن ان يكون ما لم نواجه مواقع الخلل بالموجود حاليا ,بجرأة وصراحه و شفافية, وروح الرغبة بالاصلاح للتطور نحو الاحسن, لن ننجح بهذا ما لم نسلك اليوم مسلك الناقد لكل ما حولنا , تماما مثل مسلك الناقد الذي يكشف لنا مواضع الخلل والضعف والقوة باي رواية, لهدف فهم ابعادها , وليس مثل العراق رواية تستحق النقد البناء لنفهم ما لا نفهمه ,فالعراق هو الرواية التي تمس الانسان العراقي و تتعدد فصولها , لكل فصل أكثر من باب , ففصل التربية والتعليم وفصل الاجتماع وفصل العلوم وفصل السياسة وفصل الصحة وفصل الثقافة والاداب وفصل الاقتصاد والى اخره من الفصول التي تنقسم كل منها لأبواب متفرعه, وهنا نحتاج للمختصين بكل فصل ليقوموا بعملية النقد الموضوعي لغاية الاصلاح والبناء, فكل هذه الفصول تعتبر مؤثرات بالتكوين النفسي والواقع الاجتماعي العراقي.

النقد البناء لا يهدف الاساءه لأحد انما يكون بنية الاصلاح للتعديل , وعلي كل مثقف أن يعتاد علي ممارسته ,ويتقبله , بعيدا عن روح المجاملات والحسابات الفردية , علينا ان نكون علميين وموضوعيين , فلو قال لي صديق بانني لم استوعب رواية ابراهيم جبرا التي أشرت اليها من المفروض ألا يثير ذلك غضبي وسخطي , قدرما يثير فضولي لأعرف ما الذي لم افهمه لاتعلم فأطور نفسي , فاذا ما قرات رواية أخرى بنفس النمط استفدت من تجربتي السابقة ,الغرض من هذا ان التجربة لا يمكن ان تتكامل ما لم تتواجد هناك عيون علمية ناقدة تفحص الامور تحت المجهر,تحلل وتفسرلتجعل الاخرين يبصرون ببصر جديد, تضيف لهم ولا تنتقص منهم , هكذا يتطور الانسان باي ميدان حين يملك الرغبة بتطوير ذاته أولا , السؤال هنا هل لدينا الرغبة الحقيقية للتطور؟.

مثلا اذا كان الدكتور المرحوم الاستاذ علي الوردي قد تحدث سابقا عن ازدواجية المجتمع العراقي بوقت وزمن معين بالتاريخ العراقي, فانني افترض بعلماء الاجتماع العراقيين اليوم ان يكشفوا لنا عن عقد وامور جديدة ظهرت بالمجتمع العراقي مؤخرا ,شخصيا اعتقد بان العراقي اكتسب حاليا السلبية العميقة وصارت جزءا من تكوينه النفسي , بل انها أشد من الازدواجية , وعلينا الكشف عن هذه الظواهرلنعالجها ,ليعود العراقي شخصا معافا, يقوم بدوره الطبيعي بالمجتمع,لكن كيف يعالج الطبيب ما لم يكشف الداء ويشخص مدي عمقه علميا , ولعل هناك اموراشد قسوة لو كشف لنا عالم الاجتماع عليها لظهر لنا العجب العجاب , ومثلها امورا عجيبة اخري بكل فصول الرواية العراقية والميادين الحياتية لكننا لا نشعر بها بحكم التعود .

السؤال الأخر:هل توقف عطاء النقد البناء والبحث العلمي الاكاديمي والاجتماعي والثقافي بالعراق بوقت نحن بامس الحاجه لامثال تلك البحوث؟؟, هنالك الكثير من الامورالتي تحتاج ان يضع المختصون ايديهم عليها بطريقة علمية وموضوعية بحتة ,لنناقشها لغاية وضع حلول جذرية وحقيقة لا مخدرا مؤقتا لأوضاع هي شاذة بحقيقتها ,خصوصا وان التغيرات الحاصله بالعراق غيرت الكثير من المفاهيم وادخلت عالم الانترنت والفضائيات والنقال, ودخلنا عصر العولمة ,فطريقة تفكيراطفالنا اليوم تختلف عما كانت عليه قبل 5 سنوات ,اصيب العراقي بزلزال نفسي وفكري تنعكس اثاره علي كل تصرفاته ,فكيف السبيل لتحقيق التوازن المطلوب لروح الانسان العراقي ان لم نحقق توازنا بكافة الميادين ؟؟ , وهناك اسئلة ملحة بحاجه للبحث الحقيقي .

من الضروري ان نشجع عملية النقد البناء لكل الجوانب الثقافية والعلمية والادبية والاقتصادية والسياسية لغاية الاصلاح والبناء , يفترض بالنقد العلمي الثقافي ان ينشط بكل فروعه وجوانبه ليقوم بدوره الفاعل, وبدونه لن يكون للاصلاح اي وتد راسخ بالارض ,لعل افضل ما افعله ان ابحث عن رؤية نقدية لرواية جبرا ابراهيم جبرا لأعرف لم أثارت نفوري ,ولعلي أعيد قرأتها لاكشف الخلل بنفسي فأنتقد نفسي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح