الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافتنا الاجتماعية

ابتسام يوسف الطاهر

2008 / 9 / 1
المجتمع المدني


نحن اكثر الناس ترديدا لمقولة (اطلب العلم من المهد الى اللحد) لكننا اكثر الشعوب سخرية من الذي يسعى للتعلم (بعد ما شاب ودّوه الكتاب) وهذا الأمر ينطبق على اغلب مناحي الحياة خاصة حياتنا الاجتماعية ولا يقتصر على تعلم اللغة والرياضيات أو غيرها من العلوم .
فالموظف في أي مؤسسة حتى لو كانت بعيدة كل البعد عن دراسته واختصاصه، يعتبر نفسه ابو العرّيف..طالما معه شهادة ويعرف يقرا ويكتب، فموضوع العلم انتهى بتربعه على عرش المكتب، ينفش ريشه الطاووسي مع أي مراجع من المواطنين حتى لو كان اعلى منه علما وثقافة، وياويل المراجع لو تذمر او انتقد او حتى تململ.
فاغلب الموظفين لا علم ولا دراية لهم بكيفية التعامل مع المراجعين والذين هم عادة من مختلف الطبقات والخلفيات الاجتماعية والثقافية. فلا ترى ابتسامة الموظف ولياقته بالحوار مع المراجع الا اذا كان قريبا او مبعوث من احد الأسماء المهمة سلطويا، او حاملا معه رسالة توصية، وهذا الأمر متوارث منذ القدم! لكنه اليوم صار لازمة من لوازم الحياة بالدوائر والمؤسسات واكثر تفصيلا لان كل مؤسسة صارت تتبع فصيل ما أو حزب أو تيار معين ، وعليه لابد من توصية من ذوي الشأن!.
ولو تجرأت واقترحت على الموظف ان يستشير مسئوله، او ذكرته بأن الأمر لا يتطلب ذلك التأخير او الرفض بحكم درايتك بالقضية ، أي قضية، لثارت ثائرته "شنو.. تعلمنا شغلنا؟" وحينها ستكون الكارثة، ستنصب على رأسك الاتهامات خاصة اذا كنت بلا سند غير رب العالمين أو اذا كنت من العائدين توا لأرض الوطن فسيسهل اتهامك بالتفلسف واستعراض عضلات معرفتك. او اعتمادك على المستورد من الثقافة الغربية المرفوضة جملة وتفصيلا.
قد تجد عذرا للبعض بسبب الظروف التي عاشوها من حروب وحصار وعزلة عن العالم بما صاحبها من كوارث واحتلال وارهاب . وهذا أمر مألوف في كل الدوائر الرسمية تقريبا، لكن كيف تجد العذر لمن هو في الخارج ويعيش في ظل بلد يحترم المواطن ويراعي مزاجه وحتى عصبيته التي تدفع بعض المتهورين للتطاول على الموظف؟
في احدى السفارات العراقية المتواجدة في اوربا..خرج احد المراجعين متألما متذمرا من طريقة الموظفة بالرد على تساؤله "رمت الأوراق علي دون حتى ان تبتسم وهي تقول روح وماعليك ، اعمل مثل ما قلت لك! ".
بعض الموظفين ممن يعمل بالسفارات العراقية في اوربا، حالما يجلس على عرش الوظيفة هناك يصبح ذو شخصيتين..واحدة كمواطن اوربي يتذمر لو تعطلت معاملة له مع أي مؤسسة حكومية تابعة للبلد الذي يضيفه، لكنه فجأة يعود للعصر العثماني او يلبس الزي الزيتوني الصدامي لدى مؤسسة البلد الام او السفارة هناك. بالرغم ان هؤلاء قد لمسوا الأسلوب الحضاري الذي يتبعه الموظف حتى بالمؤسسات المتعبة (بكسر العين)، بغض النظر عن طبيعة الروتين والبيروقراطية التي نواجهها في بعض الأحيان، لكنا لا نتذمر ولا نعود للبيت محبطين بسبب بسيط، هو ابتسامة الموظف في محاولته لشرح الأسباب او بمحاولته للتخفيف عنا.
الابتسامة التي لا يراها المراجع لدى اغلب الموظفين العراقيين الا مع معارفهم من المراجعين ، بالوقت الذي نقدر ان نعتبرها علم ، وأسلوب التعامل مع الآخر ممكن ان يكون علم وثقافة، لهذا بالدول المتقدمة لابد ان يمر الموظف بدورات تدريبية وتعليمية عن احترام القوانين وتقدير وضع المراجعين من المواطنين بمختلف انتماءاتهم وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية، وأسلوب التعامل معهم.
اذن في حالة موظفينا خاصة بالسفارات العراقية في الخارج باتت تلك الدورات ضرورة ملحة من اجل ثقافة وظيفية اجتماعية قانونية، يتدرب بها الموظف او المسئول على أسلوب عمل بعيد عن التوصيات والواسطات، بعيد عن أسلوب التشنج والتعالي على المراجع أيا كان مستواه. خاصة وهؤلاء عاشوا في الخارج وعرفوا عن قرب كيفية التعامل بمؤسسات الدول بل يعرفوا ان الموظف حتى لو عمل باختصاصه يخضع لعدة دورات تعليمية وتثقيفية تخص طريقة العمل والتطور بالقوانين وتغييرها ليكون على دراية بكل المستجدات لكي لا يقع المراجع بمطبات بسبب فتاوي الموظف التي تدل على عدم معرفته بأبسط القوانين وعلى عدم وجود اتصال او تواصل مع الموظفين في داخل البلد. وعرفوا عن قرب كيف يخاطب الوزير المواطن، فما بالك بالموظف العادي؟ فالموظف او الوزير وُجد لخدمة المواطن، ولولاه لما كان لهم أي قيمة او وجود حتى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر