الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط امة من صفحات التاريخ

ضمد كاظم وسمي

2008 / 9 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد سلسلة الهزائم والنكبات في البلاد العربية والاسلامية خلال العصر الحديث .. ومع التقدم الحضاري الذي بلغته دول العالم الغربي والشرقي .. فأن دولنا العربية والأسلامية لم تبرح وهدة التخلف في عصوره المظلمة .. ولمواجهة هذا الواقع البائس وبغية الخلاص من سبة التأخر التاريخي الذي يساوي الموت .. كان لزاماً على هذه البلاد ان تتعصرن من خلال الاخذ بمناهج الحداثة ومستحدثاتها التكنولوجية .. لكن الذي حصل على العكس بالتمام والكمال .. اذ انتهت البلاد العربية والاسلامية كأنظمة شمولية استبدادية .. وتيارات فكرية .. وحركات دينية سياسية - وهي الفاعل الاكبر في الوسط الجماهيري - ، انتهت الى تبني مناهج سلفية عتيقة ، ذات فكر ايديولوجي واحدي دموي اسطوري . وان الفجيعة المروعة في كل ذلك عندما اختصرت تلك التيارات الهوية في الدين وقصرت الوطن على الدين .. وصارت تلك التيارات تتخذ مواقف حاسمة تجاه المخالف وتقييم مواقفه بالانطلاق من ارضية اعتقادية بحتة ، . ليكون الانا هو الصح والذي يمتلك الحقيقة المطلقة ، والاخر – المخالف سواء الغربي .. ام المخالف بالدين ام المخالف مذهبياً .. ام المخالف سياسياً . واي مخالف اخر – هو دائماً المخالف الهرطوق الوثني الذي يستحق الموت . هذا الداء العضال .. استشرى اخيراً في بلادنا- العراق – ولاسيما بعد كارثة الاحتلال .. وصار الكثير من المواطنين لايرى اخاه المخالف – في المذهب خاصة – في ملتهم الواحدة لان كل طرف يعتقد ان الحقيقة في جانبه وان الاخر خارج دائرة الحقيقة والايمان وبالتالي يضعه في خانة الاشراك والكفر الذين يستحق عليهما القتل .. وما اسرع رعاع هذه البلاد وهمجها في تنفيذ مهام التصفية الفكرية والجسدية على حد سواء . !!! وهكذا صار المواطن مشغولاً بالمذهب والجامع اكثر من انشغاله بالعراق وبهموم العراق – ويالضيعتك ياعراق بين ابنائك – حتى السياسيين والكتل البرلمانية والفعاليات الاجتماعية .. ينشغلون بكل شيء عدا العراق الذي تراجع الى اهتماماتهم الثانوية ، وراح يقبع في قلوب منزوية اثرت العزلة والصمت وما فتئت تقضم ذواتها من فرط الكارثة المحيقة .
قد يصح ان الذي حصل فُعّل بعد الاحتلال .. لكن الدراسة العلمية المحايدة ترفض هذا التبسيط .. لانها لابد وان تحفر اركيولوجيا في صيرورة فكرنا ومجتمعنا منذ زمن التأسيس والبناء الأولاني لهذا البلد وفكره ومناهجه القائمة .. فأذا فعلنا ذلك .. نجدنا نحن نمقت الأخر .. لانحاوره بهدوء لأننا نفتقد حجة المناقشة الموضوعية .. فقد نمنا قرونا مديدة على (( صحنا )) الابدي وان كان مختلاً .. ورحنا نخاف مواجهة الحقائق بعد ان صنعنا تاريخاً فيه الكثير من الكذب والافك والتزوير .. وصدقناه بل قدسناه .. رغم تسفله وانحطاطه ، فهزائمنا نكسات نتيجة مؤامرات الاخر .. وغزواتنا واستعمارنا لبلاد الأخر فتوحات وتحرير . ففي الوقت الذي نعتبر اسرائيل دولة استيطانية واستعمارية تغتصب الارض العربية – وهي كذلك – ونتأذى من ذلك بما يشبه العقدة التي تخيب امالنا ، في ذات الوقت فأننا نتباكى على الاندلس دون شعور بأي خلل وكأن الاندلس ارضنا وارض اجدادنا لمجرد اننا استعمرناها فترة من الزمن في التاريخ الغابر . حتى المواقف من الاحتلال كانت مختلة فقد انقسم العراقيون في امر شبه بديهي حول الاحتلال فمنهم من راه احتلالاً – وهو الواقع وبحسب قرارات الشرعية الدولية – ومنهم من راه تحريراً .. واخرون رأوا مواجهته سلمياً وفريق اخر يصر على المواجهة المسلحة .. وفريق ثالث يرى التعاطي والتعاون مع المحتل .. ويجب ان نعترف بأن هذه المواقف جميعاً لاتعبّر عن رؤية منهجية وقاعدة وطنية تنطلق من اهمية تحرير الوطن كمصلحة عليا .. بل جميع تلك المواقف تنطلق من مصالح ذاتية حزبية وسياسية وتوظف دينياً ايضاً همها الاساسي ليس الاخر – المحتل – وانما همها الغاء الاخر – المخالف من ابناء الوطن - .. والأشهر الأخيرة أثبتت ذلك بما لا يدع مجالاً للشك .. إذ راحت الأصوات المتواطئة مع الأمريكان .. تهاجمهم وتنسب إليهم فشل العملية السياسية ، فيما راحت أصوات أخرى كانت تدعي معارضة الأمريكان .. تطلب التريث في إخراج المحتل .. بل وتطلب تدخله لضمان الأمن في مناطق معينة .. وهذا بالضبط يحكي قصة المنهج المعوج والعتيق والبالي الذي يهتم بتصفية الآخر من أبناء الوطن حتى ولو تم ذلك بالتعاون مع المحتل .. وإن جميع الأطراف صارت تنحو هذا المنحى بغض النظر عن التشدق الفارغ والكبرياء الفضفاضة !!
لقد آثرنا طريق الندامة ، وصرنا نلدم على صدور الطائفية وفتنتها في التهجير والتطهير والترعيب والتقتيل .. وهرولنا بسعادة نحو عالم المجهول ونحن نصر على مناهجنا البالية والمليئة بالشرور واللامعنى ظناً منا إننا نحتكم الى (( شريعتنا من كتاب وسنة )) .. وأحسب أننا سنفني بعضنا البعض تحت هذه اليافطة – كلمة حق أريد بها باطل – كما وصف الأمام علي بن أبي طالب ، شعار الخوارج ( لا حكم إلا لله ) .. أي إحلال المقدس في الواقع الذي يعني تمزيق المجتمع طائفياً .. وتجميد التطور التاريخي عند نقطة محددة لا نبرحها البتة .
وتحت هذا الشعار البراق ولكن المخادع ايضا يمكن أن نتفانى ، فهل يخسر العالم شيئاً بفنائنا وسقوطنا من صفحات التاريخ ، لعله سيكون أسعد حظاً بالتخلص من شعوب وأمم تدعي أنها خير أمة أخرجت للناس في الوقت الذي تحتل فيه أخس درجات سلم التطور الإنساني وأدناها قاطبة .. الدنيا ستكسب من زوال أفواه تعيش عالة على العالم .. تأكل أكثر من تنتج .. وتنمو وتزدهر في حقول العدوانية ومزارع التوحش والبربرية .. وقد أصاب الدكتور سيد القمني في وصف حال هذه الأمة بقوله : (( وربما كانت لنا فائدة واحدة في تلك الحالة ، وهي إننا سنكون في مقتبل الأيام درساً وعظة عند الذكرى ، وما عدا ذلك فهو تاريخ نوع من القردة العليا توقف عن التطور والتكيف مع المتغيرات ، فإنقرض وآل أمره الى المتاحف وعلماء الآثار )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 154-Al-Baqarah


.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م




.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي


.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه




.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد