الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تفتونا آجركم الله

حاتم عبد الواحد

2008 / 9 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


طالما شغلني السؤال عن وظيفة الاديان في حياة المجتمعات البشرية منذ اول شامان ظهر في القرى الخربة الى اخر اية او داعية تباع سيديات محاضراتهم على المريدين باثمان كان جديرا بها ان تكون خبزا في الافواه الجائعة او مناديلا تجفف العيون العبرى لفقد عزيز جعلته فتاوى الرب المسلح بالكراهية والحقد على مخلوقاته قربانا من اجل اعلاء كلمة لم يقلها ، بل قالها من نصبوا انفسهم وكلاء له .
ان الدين هو الينبوع الاقوى الذي تتشكل من نافورة تعاليمه الانماط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفلسفية وما يصاحب كل هذا من انشطة ابداعية وحياتيه ، فهو الذي يحدد شكل الملبس ونوع المأكل وحلال التجارة وحرامها ، ويسمي الجمال ويسمي القبح ايضا ،وينام على اسرة الازواج مشاركهم مداعباتهم وتجاوزاتهم وشهقاتهم ، يضيء ضوءا احمر هنا واخضر هناك وما يفتي به المفتون فانه برتقالي جائز احيانا حسب رسالة الاحوط اضطرارا ، ولا ادعي انني من المغامرين الذين جاسوا خلال ادغال التفيقه الذي احال البلاد والعباد رمادا تذروه الرياح من اجل هراء اسمه القداسة وخرافة اسمها الخلود وتجارة اسمها حاكمية الله ، فالله ليس شرطيا كي يفرض علينا شروطه ، وليس ضعيفا ليجبرنا على تقديسه من خلال وكلائه ، فقط هم العاجزون عن الدفاع عن حقوقهم وذواتهم من يختارون وكلاء لهم ليتكلموا باسمهم ، وفي المحاكمات نسمع دائما بان المحامي الفلاني هو وكيل الدفاع عن المتهم او صاحب الدعوى فلان ، وليس من عدو لدود للانسان اكثر من المواقيت الخطأ ، فالبدائي الذي عاش في الكهوف والمتحضر الذي يعيش في حديقة الديجتال كلاهما يخشى التوقيت الذي لا يناسبه فيتضرع الى القوة العظيمة التي نسميها اصطلاحا " الله " كي تمضي الامور بسلام ، وبدون الحاق ضرر بصحته وامواله وذريته وزورعه وثيرانه ، وبالتالي فان الدين ايا كان لا يلصح ان يكون بديلا للكهف او المدينة التي يعيش بها الانسان ، ولا يصلح ان يكون بديلا عن ثور مريض او حقل يبست عروقه ، وكل من يريد قلب هذه المعادلة فانه لص مهما كبرت عمته وطالت لحيته .
لقد فقد العراق منذ " تمصيره " او بدقة بالغة منذ غزوه من قبل احفاد لصوص بابل وسومر المنفيين الى صحراء الربع الخالي ملايين البشر بدون ذنب اقترفه سوى رسوخه في بنية الانسانية ، واظن ان ما يجري الان في مدنه وقراه مشابه تماما لما جرى له عندما غزاه اتباع الدعوة الهاشمية ، فاؤلئك دمروه ونهبوه وقتلوا ابناءه وامتهنوا كرامتهم ثأرا للنبذ الذي لاقاه اباؤهم واجدادهم في مدن اوروك وسومر وكيش ونمرود ، والحاملون رسالة الغزاة الاوائل اليوم يعيثون بالعراق فسادا وتدميرا لذات السبب ، ويغفل الكاتبون حقيقة عظيمة عندما يتحدثون عن الجماعات المذهبية او الدينية او العرقية التي تتخذ من المليشيات ذراعا ضاربا في فرض سطوتها على حياة الناس في عراق اليوم ، فيقولون ان المندائيين والاشوريين متضمنة هذه التسمية كل اتباع المسيح بن مريم لا يمتلكون مليشيات لان دين كلا الفئتين لا يسمح لهم بالعنف ، وهذا استنتاج لا يحظى بالصدقية الكاملة ، لان حروبا طويلة عريضة اجتاحت اوربا حتى عقود قريبة كان طرفا الصراع فيها من اتباع الديانة المسيحية ، ولكن الحقيقة التي لا يراها من يدبجون مقالاتهم بهذا الخصوص هي ان المندائيين واتباع الدين المسيحي هم سكان بلاد وادي الرافدين الاصلاء ، ولا احد يدعي المواطنة الحقة والوطنية النبيلة يسمح لنفسه ان يدمر بلده او يقتل اخاه ، اللهم الا بعض المأجورين الذين يعدون على عدد اصابع اليد في كل التاريخ العراقي ، ولكن ما نراه من جثث وخراب ودم وحرائق في العراق منذ 5 سنوات يجعلنا ويجعل العالم امام سؤال هائل : هل العراقيون كلهم عملاء وقتلة مأجورون ؟
ان التضاد العنيف بين نصوص الدين والحالة المعيشة على الارض تجعل البشر يشككون بما يقال ويصدقون ما يرون ، فالجنة التي يعدنا بها الدين لم يأت منها احد كي يصف لنا مكوناتها ، ولكن الجنان التي ابتناها اصحاب دكاكين المليشيات الالهية عالية غرفها ودانية قطوفها ودسمة ارصدتها ويراها المحرومون مسيجة بالكلاب البوليسية وبالمقنعين المدججين بالفتاوى الربانية والرشاشات الايرانية او السعودية ، فالله اصبح لا يتقبل الصلاة ان لم تؤدَ على السجاد الكاشاني والتراب الممهور بمهر خامه نئي والجلباب المستورد من الصين لحساب قياصرة مكة ، ولان الدين وثيقة لغوية ، فان الفسحة الاعظم للمتاجرة به تنفتح امام المتحذلقين ليفسروا للعوام ما يحبون ان يسمعوه ، وكم من حالة لا يقبلها ضمير بشري اباحها الدين ، وكم من حالة لا ضير فيها حرمها الدين ، والسبب في هذا وذاك هو المصلحة البشرية وليس الحكمة الالهية ، ولقد وعظ العراقيون بلغة البدو الاوائل وبلغة العباسيين والسلاجقة والتتار والبويهيين والعثمانيين والانكليز واهل القرى واتباع قم وبلغة البيت الابيض ولكن المشكلة الاعوص ان المدن والحارات والازياء والمطابخ والمقابر والزروع والضروع والدموع تصيح نحن آراميون كلدانيون لا نفقه ما تريدون من فتاواكم لنا ، ولكن اصحاب الوكالات الالهية مستمرون ببيع بضاعتهم العفنة على الناس بحد السيف وماسورات مسدسات كلوك التي اوصاهم اولياؤهم باستعمالها لان مفاتيح الجنة مقرونة بزنادها ، فمنذ افتى حارث الضاري في العام الماضي بان القاعدة جزء من العراقيين ، صارجليا بان ذباب الدين لا يريد مفارقة الدم العراقي الذي يتذوقه عسلا ، فالقاعدة الافغانية اصبحت شريكا في عراقيتنا ، وهكذا انمحت حدود الوطن ليحل محلها هلام الدين ، وقبل ايام فعلها السيستاني الذي يسميه اتباعه الامام المفدى او اية الله العظمى عندما عقد مؤتمرا صحفيا لطمئنة القطيع الذي يسير خلفه ، تكلم بالفارسية لعشرة صحفيين او اقل وترجم الابن ما قال الاب ، ويقفز السؤال الخبيث ، احقا ان السيستاني الذي عاش على موارد فقراء العراق خمسين عاما لا يعرف العربية ؟؟؟
اذا كان لا يعرفها فماذا كان يصنع في الخمسين سنة التي قضاها بين اهل الكوفة والنجف الذين يشهد لهم تاريخ اللغة بانهم اهل احدى مدرستيها ، واذا كان يعرف العربية ولم يتكلم بها لاتباعه فكيف سيفهمون ما يرمي اليه وهم كما يقال ملايين من البشر الذي يكد عاما بعد عام من اجل ايام معدودات تطبخ به السومريات من اجل قتيل غريب لا يمت لهن بصلة ، ويدفع ابناؤهن وازواجهن اثمان عطورهن وقلائدهن وفساتينهن خمسا في بطن الايراني الذي انعش امل قم بعودة كورش ، لا تفتنونا آجركم الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب