الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواقف ..وتاريخ .. ذا دلالة :

ثائر سالم

2008 / 9 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


علم ودستور ومجلس امة
كل عن المعنى الضحيح محرف
اسماء ليس لنا سوى
الفاظها اما معانيها فليست تعرف

معروف الرصافي

. شهدت فترة الاحتلال ومن ثم الانتداب البريطاني للعراق، ولادة الحزب الشيوعي العراقي ، باسم " لجنة مكافحة الاستعمار والاستغلال " . هو الاسم الذي بدا العمل تحت لوائه ، الشيوعيون العراقيون ، واصبح الحزب الشيوعي العراقي ، فيما بعد.
. اعدم، فهد ـ مؤسس الحزب الشيوعي العراقي ، وثلاثة من اعضاء المكتب السياسي لحزبه، جراء دورهم ومسؤليتهم ، عن الاضرابات والمظاهرات الجماهيرية ضد الاحتلال والمعاهدات الاستعمارية ، التي فرضها الاحتلال.
. من اقوال فهد ، بعد اعتقاله ، من قبل شرطة نوري السعيد وقوات الاحتلال البريطاني:
لقد كنت وطنيا قبل ان اكون شيوعيا
وحينما صرت شيوعيا
اصبحت اشعر بمسؤولية اكبر تجاه وطني
. قبل تاسيسه للحزب الشيوعي العراقي، كان فهد عضوا ناشطا وقياديا في مدينته في حزب جعفر ابو التمن. كتب العيد من المقالات ، في صحيفة الحزب وبعض الصحف الوطنية ، ضد الاحتلال... و ضد (الاحتلال، وأذنابه ، وأذناب أذنابه)( كما يشدد في مقالاته ).
. . قدم فهد في كراساته تحليلا، يحتفظ ، بقيمته التاريخية، ودلالاته السياسية ، في ظروف العراق الحالية بدرجة اكبر. عدا عن معالجته قضايا الحزب الايديولوجية والتنظيمية، ركز على المهام الوطنية،...قضية انهاء الاستعمار، واسقاط المعاهدات الاستعمارية، وانهاء القواعد العسكرية.
وسرقة الاستعمارلثروة البلد النفطية، واعاقة التنمية الحقيقية، ...وانعكاسها على استمرار معاناة الناس اليومية، واستغلال الطبقة العاملة ، واشتداد التفاوت والاستغلال الطبقي.
. اكد فهد في كراساته ومقالاته الحزبية ايضا ، عدم قدرة الاستعمار على اقامة ديموقراطية وحريات حقيقية. الاعتقالات وحملات القمع المستمرة، ضد الحزب بالدرجة الاولى ، وبعض الشخصيات الوطنية احيانا، وامتلاء السجون بالعديد من الشيوعيين معارضي الاحتلال ، واخيرا تتوجها باعدامه ورفاقه..كانت الحقائق التي اكدت رؤيته تلك.
. فبرغم البصمات الستالينية خصوصا على ، كتاباته العقائدية ولاسيما مؤلفه " حزب شيوعي لا اشتراكي ديموقراطي " ،( التي من السهل النظر، الى الجانب العقائدي فيه ، اليوم بشكل مختلف، ...من معايير معاصرة لم تكن متاحة تاريخيا)... فقد نجح بشكل مذهل في اقامة التوازن وتجسيد الجدل في الصلة بين ماهو وطني وما هو طبقي ، واجتماعي.
...ظل الحزب الشيوعي العراقي، من المعارضين للاحتلال الامريكي للعراق، (على المستوى السياسي الرسمي، حتى عام 2003). واعتقد ان القاعدة الشعبية للحزب ، لم تكن اقل معارضة ، ولم تزل)
. دخل مجلس الحكم ، واوضح مرات عدة، انه اضطر الى القبول بالعمل على اسس التحاصص التي فرضت عليه، من الاحتلال)

رغم انني لست حزبيا الان ،... ولكنني اعتز بالفترة التي قضيتها في صفوف الحزب الشيوعي العراقي ، وانا مدين لها بالكثير من التجارب والرؤى...فهي المدرسة التي تعلمت فيها....معنى الوطنية الحقة ..ومعنى الانسانية والتضامن مع الاخر...وذاك كان منذ زمن بعيد... ولهذا اكتب
وقبل هذا وذاك انطلاقا من تعاطفي مع المواطن العراقي ...
... الباحث عن قوة تنتشله من هذا البئر الذي لاقرار لها..
... الرازح تحت مظالم الاستعمار وجرائم التعصب والتخلف بكل انواعها المعادية للحياة الانسانية
في كل الاحوال ..هي ملاحظات صديق قديم.. يعلم ان هناك ،ماهو افضل ويأمل فيه من صاحبه

لمحة موجزة :
لم يكن الموقف الوطني والطبقي للشيوعيين العراقيين يوما محل شك او مثار التباس . الاحترام الذي يتمتع به تاريخ الحزب ونضاله الوطني، يبقى حقيقة لايمكن تجاهلها، ويصعب التقليل من دلالتها واهميتها في اي قراءة موضوعية لدور الحركة السياسية العراقية في تاريخ وحاضرالعراق السياسي . فرغم صعوبة وضع المواقف الحالية للحزب في سياق ، ينسجم مع تاريخه النضالي وخبرته السياسية، وبدرجة غير قليلة مع هويته الفكرية ومضمونه الطبقي، الا ان آثار توجهات ومواقف الحزب الحالية، ستترك اثرها على مستقبل العراق السياسي ، ووضع الشعب العراقي. ومع كل التفهم لقدرات الحزب المحدودة، والظروف السياسية الصعبة التي وجد نفسه فيها ،ودفعته الى هذا الخيار، ورغم نجاحه في التمايز في بعض مواقفه السياسية ، ومناهضة جرائم التعصب، الا ان انحيازه في بعض مواقفه السياسية ، الى جهات سياسية هويتها الطائفية والقومية معلنة ، ومناقضتها لمشروع تقوية الدولة والحداثة والوطنية في مضمونها صريحة ، تحت ستار الفيدرالية واللامركزية وصلاحيات الاقاليم ، ومهادنته مواقف هذه القوى الشوفينية او الطائفية ( مثلا: في تمريرقانون الفيدرالية بالشكل الذي تم ، او الموقف من التصويت على قضية كركوك ، والمساهمة الهامة بتسويق وشرعنة العملية السياسية)، وابتعاده عن توجهات، بناء جبهة القوى السياسية العلمانية..هذه التوجهات والمواقف ، ستضع الحزب رغم تاريخه الوطني ، واختلافاته المحدودة مع هذه القوى ، في بعض المواقف شريكا في المسؤولية عما يحصل وسيحصل للعراق، الدولة والشعب. وان بدرجة اقل او بهذا الميدان او ذاك.
وهذا استنتاج منطقي ، تفرضه سياقات تلك الاحداث والمواقف، التي اشرنا لها، وليس موقفا ينطلق من ثقافة التخوين.

فالحزب الذي عرفه العراقيون، كاعرق الاحزاب واعمقها التصاقا ، بقضايا وطنه وشعبه وطبقاته الكادحة، وكان اشدها عداء للاستعمار واستغلاله للشعوب ونهبه لثرواتها، وللاستعمار البريطاني في العراق. واذا كانت هناك منجزات ، ومآثر للحزب ، فهي تتجلى في ذلك النضال ضد الاستعمار البريطاني للعراق، ومعاهداته الاسترقاقية ، التي استعبد بها العراق، حقبة من الزمن، واراد بها استعباده الدائم .
كان انهاء الاحتلال ، وانتزاع السيادة والاستقلال، واسقاط تلك المعاهدات ، ثمرة مباشرة لمساهمة الحزب الجدية في هذا النضال ، والتي تتوجت بدوره الهام ، في قيام ثورة الرابع عشر من تموز الوطنية , التي حررت العراق ، وانهت عصر الانتداب والاستعمار؟.
لقد كان الحزب اكثر الاحزاب الوطنية ثباتا، في المعركة من اجل الاستقلال والسيادة ، على الاقل في جزء هام وطويل من تاريخ العراق السياسي، في مراحل ومعارك صعبة للشعب..... مع الاستعمار وقوى الكومبرادور واليمين الرجعي والقوى الطفيلية ، باي لبوس ايديولوجية تلبست،... دينية، قومية، فئوية ، او مذاهب سياسية..الخ . لم يهادن في قضية التحرر الاقتصادي والحريه السياسية للشعب. .

ولكن كيف ينسجم التاريخ الوطني للحزب وهويته الايديولوجية، مع الموقع والخندق الذي هو فيه اليوم، مختارا او مضطرا؟.... كيف ينسجم ذلك، مع مصالح وارادة الاغلبية الساحقة، من الناس الرافضة لسياسات الاستعمار والقوى المتحالفة معه، التي لم تتمكن اية عباءة، دينية او مذهبية او قومية..من اخفاء سوء وخطأ هذا التحالف ؟
اذا ما كان الحزب مازال يعتقد بخيار الاشتراكية ، والفكر الماركسي والنظرية الشيوعية، فان تمايزه الايديولوجي والسياسي والطبقي ، يتطلب منه الوفاء لتلك القيم والمباديء، والنهوض بدوره الوطني المنتظر، والاصطفاف الصحيح مع جبهة قوى اليسار والعلمانية . ان المواقف الوطنية المطلوبة منه الان ، هي ليست انطلاقا من عصبية وطنية جوفاء، تقوم على مفهوم عاطفي للوطن ..ولا ثمرة رؤية منغلقة على ثقافة سلفية اصولية للماركسية او الشيوعية ، او ثمرة ثقافة وطنية بالية ورثة، كما يتصور او حاول ان يشير بعض المثقفين القريبين من الحزب ، او من انقلبوا على المضمون الكفاحي للماركسية والحزب الشيوعي العراقي وكل الاحزاب الشيوعية. ما يجمعهم الان بالحزب، ..موقفه وقراءته السياسية الحالية ، .. الموقف الملتبس من البقاء الامريكي في العراق ، الذي ينسجم مع عمل وقناعة البعض المؤيدة لبقاء الامريكان عسكريا او على الاقل قوة متحكمة سياسيا، وبغض النظر عن الدوافع الحقيقية لهذه الرغبة .. ..منافع شخصية او رؤية سياسية ، وحتى بعيدا عن قراءة تبسيطية لثنائية الخيانة والوطنية، وثقافة التخوين المريضة، يجب استخلاص ماهو منطقي من السياق .

والاستخلاص ان منجزات هذا الرهان على الارض جلية ، كارثية ، وردة الى الوراء بالنسبة لمن يريد مجتمعا علمانيا حرا وديموقراطيا يمكن للشيوعيين والماركسيين وكل تيارات اليسار التعبير عن نفسها ، وحقها في المشاركة في الدفاع عن والاجتهاد في مستقبل الوطن...وليبقى الواقع ومنجزاته على ارض حكما ، بين كل الرؤى والاجتهادات ، ودليلا على الاقل على هامش ديموقراطي اتاح هامش حرية لايمكن انكاره ، مثلما لايمكن انكار المخاطر والقيود التي تتهدد صيرورته ، حقيقة تضيء سماء حياة المواطن والوطن. ...في ظروف انفلات عصبيات التخلف ، وجهود اضعاف الدولة والسلطة السياسية، ومحاصرة ثقافتها...المواطنة والوطن..مشاريع التنمية والحداثة .
في مثل هذه الظروف ، يرشح التاريخ ، موضوعيا ..الكيانات المؤهلة ، فكرا وثقافة وتاريخا سياسيا وسمعة وطنية، الكيانات الاكثر ثباتا في مواقفها ، واخلاصا للقيم التي لا يمكن للمجتمع التراجع عنها. ولابديل عن النهوض بهذا الدور، لان البديل خسارة، يصعب تعويضه، وثمن باهظ يصعب دفعه.
انتقال عدوى تلك الثقافات ، وتغلغلها في كيان الحزب، الى فضاء رؤى وثقافة اعداد متزايدة من اعضائه، من محدودي التجربة الفكرية ، ويسهل محاكاة ذلك الجزء الغرائزي في ثقافته الخاصة ، يعزز مساحة حصول تفسيرات وقراءات خاطئة ، لمواقف الحزب السياسية ، من قبل العديد من اعضائه. و يفضي ذلك تدريجيا الى هشاشة البنيان الفكري والهوية الايديولوجية للحزب ، وينال من جماهيريته ، وقوته التنطيمية.
ان تفادي الصدام الفكري والسياسي مع هذه القوى ، هو امرغير ممكن اذا ماراد الحزب او كيان سياسي ، الاحتفاظ بهويته العلمانية والطبقية، والقيام بمسؤلياته السياسية . لا لأن عامل الزمن لايعمل ضد هذه القوى المتخلفة، والطارئة تاريخيا، بل لانها في الغالب ، بثقافتها وانانيتها وتعصبها وتمسكها بالسلطة والامتيازات ، لا يمكن ان تترك اي فرصة او امكانية ، تنمو لتهدد مزاياها وسلطتها . . فمعركة المواجهة قادمة لامحالة ، اذا ماكان هناك اصرار على قيام مشروع آخر، مختلف ، حقيقي، وطني ديموقراطي ،حداثي وعادل . فقوى التعصب الطائفي او القومي لا يمكنها ان تقبل ، بحلول عادلة تعزز سلطة الدولة وتهمش بنى وادوار ، كيانات وشخصيات ، تاريخية في مشاريع التعصب تلك . ...ولن تفرط بفرصة الحكم ، حتى وان كان على حساب خراب البلد كله... ولنا في التجربة الايرانية ، وتجربة النظام السابق في العراق ، دليلا واضحا على هذه الرؤية .
هذا لم يفعله النظام السابق فحسب ، وانما هو موقف ايران اليوم ، وموقف الجماعة الحاكمة في العراق الان ، ...وهو قبل هذا وذاك ، موقف ونهج الاستعمار منذ ظهر. واشهدنا عليه في احتلاله للعراق، ولا زال... برفضه الانسحاب وانهاء الاحتلال ، رغم كل الضحايا والاثمان الباهضة لوجوده.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم