الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كامل شياع وحموضة المثقفين العرب

عبدالمنعم الاعسم

2008 / 9 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من غير المعقول ان لا يثير اغتيال مثقف وباحث عراقي مرموق مثل، كامل شياع، احتجاج ادباء ومثقفي العالم العربي ومنظماتهم واعلامهم، وان لا نشاهد رفة عين، او نسمع اسفا او رثاء، وحتى "مجاملة" تقتضيها اداب المواساة حيال حدث هز وجدان مثقفي العالم فوقعوا على بركة دمه الساخنة، باسم منظمة الثقافة والتربية الدولية (اليونسكو) التابعة للامم المتحدة احتجاجا مدويا.
في مجلس عزاء الكاتب الراحل في لندن هذا الاسبوع شارك كتاب وصحفيون عرب شجعان لا يزيدون على عدد اصابع اليد الواحدة، وفي صفحات ثقافية لعدد من الصحف العربية (لا تزيد عن ست صحف حسب تنقيبي) نُشرت تعليقات خجولة، بعضها من دون توقيع، وبعضها الاخر باسماء غير معروفة، والبعض الثالث كأنه لم يقل شيئا، وحين سألت صديقا فلسطينيا، باحتجاج، عن هذه الحموضة الثقافية العربية المخزية قال لي: هذه ثقافة هزمت نفسها منذ ان راهنت على السلاح والشعارات، وتوزعت على موائد الانظمة وتيارات الاسلام التكفيري والمتطرف، وقد ذكرني بهجاء محمود درويش لاولئك المثقفين "الصوتيين" العرب في مرثيته الى ممدوح عدوان، بالقول انهم "يتقنون تسمية الآلهة، ولا يقوون على تسمية الضحايا.. يأنفون من الانتباه الى دم مسفوك على طريق المعراج، ويسرفون في التحديق الى غيمة عابرة في سماء طروادة، لأن الدم قد يلطخ نقاء الحداثة المتخيلة".
وفي اتصال بكاتب سوداني نزيه لفت نظري الى ان الكثير من الادباء العرب قد يشعرون بالامتعاض والغضب حيال مقتل كاتب عراقي كبير مثل كامل شياع، لكنهم ينأون عن التعبير عن هذا الشعور، اولا، خشية تيار الهمجية الجارف في الساحة العربية، وثانيا، امتناع الاقنية والصحافة العربيةعن نشر وجهات نظر منصفة بالنسبة للعراق، وثالثا، ما له علاقة بالموقف من "النوع" المعرفي الذي يمثله كامل شياع مما يطرح بديلا عن السائد الثقافي العربي المتواطئ والضائع.
على ان هذا ليس سوى فاصلة واحدة، على سطح الحال الثقافي العربي المنزلق الى خيانة المسؤولية، فان فصول الحصار العربي للعراق، في المجال الثقافي، وبخاصة ما تعلق بفضيحة تعليق عضوية اتحاد الادباء العراقيين في اتحاد الادباء العرب، والتأويلات الجاهلية لهذا الموقف، كشف عن انحطاط مريع في مكانة المثقفين والثقافة العربية، وأشّر الى صورة محبطة لمستقبل هذه الثقافة.
وليس من دون مغزى ان يلاحظ كاتب عربي هو جورج قرم تحوّل المثقفين العرب الى "رموز سياسية محضة، كتاباتهم في غالبيتها صحفية الطابع، تهتم فقط بالحدث اليومي وتؤوله حسب اهوائها". اما الباحث التونسي المعروف هشام جعيط فقد قرر القول ان "الوضع العام في الدولة وفي المجتمع لا يشجع إطلاقا على المعرفة والبحث والتفكير، وأذهب إلى ما هو أبعد من ذلك وأقول إنه لا وجود لمثقف عربي باستثناء قلة قليلة جدا، ولا وجود لمفكرين، وذلك لان همهم الأول هو ادعاء التفكير فيما هو سياسي".
ان دم كامل شياع، هو الاخر، سجل شهادة بوفاة المثقف العربي الطليعي الذي لا يخاف.

ـــــــــــــــــ
كلام مفيد
"أنعي لكم.. أنعي لكم
نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمة".

نزار قباني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمكة الجنائية الدولية : ما مصير مذكرات التوقيف ؟ • فرانس 24


.. ما خطط جنازة رئيسي ومن قد يتولى السلطة في إيران؟.. مراسل CNN




.. قتلى وجرحى بحادث سقوط حافلة في نهر النيل بمصر | #مراسلو_سكاي


.. قبل الحادث بأشهر.. ليلى عبد اللطيف تثير الجدل بسبب تنبؤ عن س




.. نتنياهو وكريم خان.. تصعيد وتهديد! | #التاسعة