الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمار الجوز.. هل ستنكسر بسهولة؟

كريم الهزاع

2008 / 9 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هناك سؤال يطرح نفسه: إلى أي مدى تؤمن السلطة السياسة بفعل الثقافة؟ والسؤال الثاني هل توجد بنية ثقافية يستطيع أن يعمل من خلالها المثقف أو من يتولى أمر الثقافة؟ وهل هناك خطة لإيجاد تلك البنية في حالة عدم وجودها؟ أو إيجاد واقع معرفي معافى؟.

لاشك أن هناك جهدا مبذولا ولكن، هل هذا الجهد والذي هو عبارة عن مبان أسمنتية ولافتات يزول مفعولها بانتهاء الموسم، جهد مثمر؟ وإلى متى يبقى الفعل الثقافي أوالفكر أسمنتيا لا يتم اختراقه أوالتحاور معه حيث إنه يتضح في نهاية الأمر أن أصحابه ممن لا يؤمنون بدور الثقافة لذا يسعى إلى تهميشها وإبراز دور قوة العضلات في الرياضة ومن خلال فعل غسل الأدمغة -شاعر المليون- نموذجاً، وبفعل الاحتراق الإعلامي الاستهلاكي اليومي الذي لا يوجد له فعل تراكمي تراتبي يفعل فعله من خلال حفريات المعرفة الحقيقية والفاعلة في بناء الأمم أو الأوطان وهنا نسأل: على من تقع المسؤولية؟ على الفرد أم على المؤسسة؟.

إذ في ظل المعطيات السابقة يجد المثقف نفسه أمام أحد مسلكين في تعامله مع الواقع المعرفي، الأول هو الاغتراب عن هذا الواقع المعرفي والإطلالة عليه من برج فلسفي متعال (أغلب هؤلاء أكاديميون) فاقدا دوره في المجتمع من حيث كونه يقوم بصياغة العقل من أعلى. وأما المسلك الثاني فهو السقوط من وادي الأنا الملهوفة على المجد الزائف والباحثة عن السلطة (أغلب هؤلاء سياسيون أو متمولون)، المهرولون إلى هناك حيث تدق الصنوج وتقرع الطبول وتنفخ الأبواق لتعزف الجوقات أناشيد النصر للوهم وللسراب للشعوب المفجوعة بتخلفها المعرفي، وهؤلاء لا يمكن أن يكون لهم دور في أي سياق تاريخي نهضوي.

لقد ذاقت المعرفة الأمرين من التراكيب الأبوية عبر التاريخ وتمثل ذلك في افتقاد تلك التراكيب إلى العناصر الأساسية والملازمة لأي مشروع معرفي حقيقي، من قوة عقلية متمثلة في الثقة في النفس والأمانة والشجاعة والحب النزيه للحقيقة الموضوعية، لا الخوف منها، فقد ظل الأب يحتكر الحقيقة ومن ثم الوطنية والفضيلة والخلاص والآخرون يدورون في دوامة من الترغيب والترهيب، وكان هذا الاحتكار الأبوي دوما في ظل حمأة الأنا وغلوائها وكارثة الطوفان بعدها مما أدى إلى تدهور الشعور والوجدان المجتمعي للأفراد، فتدهورت البنية المجتمعية وتضاربت المصالح الشخصية للأفراد مع المصلحة الوطنية للأمة دوما ولم تتناغم.

والمثقفون الحقيقيون (ثمار الجوز التي يصعب كسرها) من حيث كونهم مسؤولين لأن الموضوعية تقتضي ذلك وليس العكس (موضوعيون بقدر ما تقتضي المسؤولية) يحملون مسؤولية الفجوة المعرفية في مجتمعاتهم حيث دفن الرؤوس في الرمال وحسابات الزمن وحدها لم تعد كافية لردمها. ولكن إلى أي حد ستظل تقاوم تلك الثمار ضربات المطرقة؟ وإلى أي مدى يستطيع هذا المثقف الحقيقي أن يكون فاعلاً ومؤثراً في عقول الجماهير التي تتعرض لمشروع غسل الأدمغة وبشكل يومي عبر وسائل الأعلام والمدارس وأماكن العبادة؟ وعلى ضوء ما سبق (كمثال) هل نحلم بمن يضفر لنا جديلة معرفية نتباهى بها أمام العالم الآخر؟ هل يتم إعادة التفكير بما طرح؟ وهل سيكون للعنصر البشري دور في البناء؟.. هل سيكون لنا هناك موطئ قدم (يا عرب)؟ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.. فإذا كان المتنبي يرى هذا حالنا قبل أكثر من ألف عام فما يقال في حالنا اليوم؟.. وهل الإشكالية هي في عدم وجود نص؟ أم أن النص لدينا غير قابل للتأويل والمجاز؟ أم أن نصوصنا تعاني من انفصام الشخصية؟ أم أننا لم نستطع حتى تلك اللحظة أن نوجد حالة (الديالكتيك) للأضداد التي تواجهنا؟ أم أنها بسبب ذلك المقدس وتلك الصنمية والقداسة التي نمنحها لكل الذين مروا بتاريخنا بالرغم من صفحاتهم السوداء؟ أم أن الإشكالية تكمن في عدم إيماننا بالمجتمع المدني والديمقراطية والتحاور مع الآخر ونبذه واحتكار وهم الحقيقة المطلقة؟.. أم أن كل ما سبق ذكره هو كل الإشكالية ولن نستطيع اتجاهه أن نفعل شيئا؟.. لذا سنظل دائماً في الصف الأخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24