الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارث الخوف

عبد الجبار خضير عباس

2008 / 9 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ورثنا الخوف عبر سلسلة من المحرمات والنواهي تراكمت عبر الزمن الا انها كانت اشد وضوحا حين كان الخليفة هو السلطان وظل الله في الارض اي يملك السلطة الدينية والدنيوية، الى ان جرى الفصل بينهما ، فاستمرت السلطة تمارس القمع والتنكيل حيال معارضيها بوسائل تتطور تاريخيا وتكنولوجيا! كي تسهم في زرع الخوف حتى بات مزمنا ووراثيا، مدعومة بدور بعض رجال الدين في بث ثقافة الخوف، اذ يصف المفكر الاسلامي عبد الكريم سروش (الغزالي) " بالعالم الخائف"كما يقول: إله الغزالي عبوس، يملك قلبا من جمر، غضبه غالب على عطفه وقهره على رحمته. حتى تجذرت هذه الثقافة في البنية الاجتماعية.
وعلى الرغم من معطيات الحداثة، لم يشهد المجتمع العراقي قدرا او مستوى من التحرر المنسجم مع المتغيرات الحضارية والانسانية التي تجري في العالم بمعنى ان العالم الحديث قد وجد الفرصة التاريخية الملائمة للمزيد من النمو والاضطراد للسلطة وعلاقاتها العامة الوشيجة مع المجتمع الا ان ماحصل في مجتمعنا والمجتمعات العربية ما هو الا اعادة انتاج فكر ابوي ولد خوفا تاريخيا صار ملازما للبنية الاجتماعية وعد ارثا يعاد انتاجه باستمرار.. في رده على منتقديه وخوفا منهم يقول على عبد الرازق: لا ادري كيف تسربت كلمة روحانية الاسلام الى لساني يومئذ.. ولم يخطر لي ببال، بل لعله الشيطان القى في حديثي بتلك الكلمة وللشيطان احيانا كلمات يلقيها على السنة بعض الناس!
فترسخ هذا الارث في البنية الاجتماعية على الرغم من التحولات التي طرأت وتطرأ في الوضع السياسي وهامش الحرية النسبي ، اذ صار ارث الخوف جزء من المنظومة السايكولوجية للانسان العراقي ،وان طرأ متغير في مفردة من مفردات هذه المنظومة فمن العسير احداث تحول في هذه البنى التي تعد عصية على التغيير فضلا عن رسوخ القيم والاعراف والتقاليد في البنية الاجتماعية التي تسهم في تشكيل وتغذية شبكة المنظومة السايكولوجية الجمعية،عبر سلسلة تراتبية لمجتمع بطرياركي يستأثر فيها الاب والاخ الكبير، سلطة قمع الآخر الاقل مرتبة الذي تفرض عليه الطاعة المغلفة بالخوف، فضلا عن قمع اخر متأت من ثقافة معرفة تفرضها المؤسسة الدينية .
لذلك الانسان العراقي يعاني من خوف مزدوج ،استكمل حضوره الحقيقي عبر السلطة الشمولية التي امتدت الى اكثر من خمسة وثلاثين عاما، اختزلت تاريخ الخوف كله، دفعت الناس الى القتال وخوض الحروب نيابة عن الطاغية خوفا، فتفككت الوشائج الاجتماعية، الجميع متهمون حتى تثبت براءتهم، ولتبرير خوفهم وبدلا من دفاعهم عن اصدقائهم واقاربهم الذين يضحون بحياتهم دفاعا عنهم، يلجأون لمقولات يخبئون خوفهم خلفها من قبيل
ــ "حرامي لتصير من السلطان لتخاف" أو"اليجي من ايده الله ايزيده"حتى اجبر احد الكتاب ان يعيد كتابة مؤلف له بما ينسجم مع الثقافة القومية للنظام، وسيق للمحاكم من اعتقدوا انه نظر شزرا لصورة الطاغية، او يصاب بالرعب من كسر أو مزق صورة له ولو سهوا. فهل يا ترى ستزول هذه الثقافة بعد زوال النظام ام انها تحتاج لعقود من السنين؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الروسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بوضع مصالح روسيا


.. مشاهد توثق لحظة إصابة صاروخ لمبنى بمستوطنة المطلة جنوب لبنان




.. 7 شهداء و14 مصابا في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الز


.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح




.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير